لا تهتموا بما للجسد في حديث الرب عن الغذاء الروحي، نسمعه يقول: إعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية (يو 6: 27). وبعد هذا يحدثهم عن الخبز النازل من السماء، الخبز الحقيقي، خبز الله، خبز الحياة (يو 6: 32 - 35). إنه هنا يوجه إلي الروح وغذائها ويقود تفكيرنا في اتجاه روحي، حتى لا ننشغل بالجسد وطعامه. وحينما ذكر عبارة " ليس بالخبز وحده يحيا" (مت 4: 4). إنما أراد بهذا أنه ينبغي للإنسان ألا يحيا جسدانياً يعتمد علي الخبز كطعام له، ناسياً الروح وطعامها. وعن طعام الروح هذا قال لتلاميذه " لي طعام لآكل لستم تعرفونه " (يو 4: 32). وهنا يخطر علي فكرنا سؤال هو: هل كان المسيح علي الجبل صائماً أو يتغذي. والجواب هو: كان صائماً من جهة الجسد. وكان يتغذي من جهة الروح. كان له طعام آخر لا يعرفه الناس. وبهذا الطعام استطاعت الروح أن تحمل الجسد الصائم طوال الأربعين يوماً، التي لم يهتم فيها الرب بطعام الجسد، أو ترك الجسد يتغذي بطعام الروح... إنه يعطينا درساً أن نهتم بما للروح، وليس بما للجسد. وفي هذا المجال نضع أمامنا كلام الوحي الإلهي علي فم معلمنا القديس بولس الرسول إذ: بشرح موضوع الاهتمام بما للجسد وما للروح. فيقول " أذن لا شي من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح " وهذا ما نريد أن نسلك فيه في الصوم وفي كل حياتنا. ويتابع الرسول شرحه فيقول (فإن الذين هم حسب الجسد، فبما للجسد يهتمون. ولكن الذين هم حسب الروح، فبما للروح يهتمون " (رو 8: 5). فهل أنت يهتم بما للروح أم بما للجسد؟ هل يهمك نموك الروحي، أم رفاهية بصحة الروح، فسيمنحك الرب صحة الجسد أيضاً في فترة الصوم كما شرحنا قبلاً ولكن الخطورة في الاهتمام بالجسد هي تلك العبارات الصعبة: لأن اهتمام الجسد هو موت، لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله (رو 8: 6، 7) من يستطيع |أن يحتمل هذا الكلام، ويظل سالكاً حسب الجسد؟! هوذا الرسول يقول أيضاً " فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله " (رو 8:*). " فإذن أيها الأخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد.. " لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون " " أما إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون "(رو 8: 12، 13). حسن قول الرسول هذا. فنحن في الصوم لا نميت الجسد، إنما نميت أعمال الجسد، نميتها بالروح لنحيا. نحن لا نعذب الجسد، أنما لا نسلك حسب الجسد.. لا نعطي للجسد نعطي للجسد شهوات ورغبات، إنما نعطيه تسمياً، وأرتفاعاً عن المادة، وتسليم ذاته لروح. لأن الرسول يقول: "ولكن اهتماماً الجسد هو حياة وسلام " (رو 8: 6). هذا هو الصوم. لذلك أمام عبارات الرسول نسأل: هل أنت في الصوم تهتم بما للروح؟