المسيح عادل ومنصور
البابا شنودة الثالث
كان لليهود عقيدة في ذلك الحين أن المسيح سيكون مجيئه في قوة واقتدار عظيمين (أر23: 5، 6) وهذا ما دعا الجميع أن تستقبله بهذا التكريم الزائد والحفاوة البالغة بحرارة وحماس شديدين حتى أن الفريسيين قال بعضهم لبعض "انظروا أنكم لا تنفعون شيئًا هوذا العالم كله قد ذهب وراءه" (يو 12: 19). لقد كان دخوله في موكب كمقتدر وظافر فكان يحيط به هؤلاء المرضى الكثيرين الذين شفاهم خاصة هؤلاء الآتين من الجليل في الشمال ومنهم الآتين من اليهودية ومن أنحاء الاقليم فقد كان طوال سنوات خدمته لا يكف عن صنع المعجزات فقد فتح أعين الكثيرين يتقدمهم المولود أعمى وبارتيماوس وشفى أمراضًا متعددة يتقدمهم المخلع وذو اليد اليابسة ونازفة الدم.. لقد تمت فيه نبوة إشعياء النبي
(أش 35: 5، 6) ويتقدم الموكب لعازر الذي أقامه من القبر، كان الجمع ينحني أمامه وهم يفرشون ثيابهم في الطريق ويهتفون أمامه أوصنا.. خلصنا. فهو المعلم المقتدر الذي له السلطان ليس على الأمراض والعاهات فقط بل على الموت أيضًا وله سلطان كخالق على الطبيعة فهم يذكرون يوم أن امتلأت الشباك بالسمك ويوم أن انتهر الريح والبحر الهائج ومشى على المياه ويوم أن بارك في السمك والخبزات القليلة التي أشبعت الآلاف ويوم أن حول الماء خمرا في بداية خدمته في قانا الجليل، أنهم يحيطون بموكب المسيا القوى الغالب الذي هربت من أمامه الشياطين وصرخت نحن نعرفك من أنت قدوس الله. نعم يا أحبائي فقد قال: رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء (لو 10: 17) وقال أيضًا الآن رئيس هذا العالم يطرح خارجا اندحرت مملكته وانحل سلطانه أمام سلطان أمام المسيح، والتلاميذ يتذكرون جيدا شهادة السماء له في يوم عماده حين كان صاعدا من الماء إذ انشقت السموات وصار صوت الآب هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. وجاء الروح القدس واستقر عليه كما شهد بذلك يوحنا المعمدان وكذا حين أظهر مجد لاهوته على الجبل في التجلي انه الإله الظاهر في الجسد الذي له سلطان أن يغفر الخطايا فقد قال للمرأة الخاطئة مغفورة لك خطاياك...
لقد كان دخوله وسط هؤلاء الذين كانوا يعرفونه جيدا ورأوا معجزاته واقتداره، لقد داخلا المدينة عادلا ومنصورا ولما اقترب من منحدر جبل الزيتون ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لأجل جميع القوات التي نظروها (لو 20: 38 )