|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
.. العقل وضياع الإنسان
أحيانا يكون العقل سببا في ضياع الإنسان روحيا، إذا ما أساء استعماله لتحقيق شهواته. فكثيرا ما يكون العقل، جهازا تنفيذيا لرغبات النفس! فإذا انحرفت النفس، ما أسهل أن تجذب العقل خلفها، كخادم مطيع لها يبرر لها سلوكها الخاطئ. تشتهى النفس شهوة منحرفة، أو تود أن تستريح بعيدا عن تعب الجهاد الروحى وهنا تجد العقل يضع ذاته في خدمة هذه النفس، يقدم لها ما تشاءه من التبريرات أدلة وبراهين بل وآيات من الكتاب، ومقتبسات من أقوال الآباء. حتى تستريح النفس إلى ما هى فيه ، وحتى لا يثور الضمير على خطا يجب أن تبعد عنه! مثل هذا العقل ليس أداة في يد الروح القدس. قد يكون العقل أداة في قبضة العالم أو الشيطان. وقد يكون واقعا تحت تأثير الآخرين، أو تحت نير الشهوة، أو قد يدفعه الفهم الخاطئ، أو المجاملة، أو المنفعة المادية. مثال ذلك عقل إيزابل في خدمة آخاب، لما أراد هذا أن يستولى على حقل نابوت اليزرعيلى (1مل 21) أو العقل الذي دفع التلميذين إلى طلب نار من السماء لحرق إحدى مدن السامرة (لو 9: 54) أو عقل بطرس الذي دفعه إلى قطع اذن العبد، بدافع من الغيرة المقدسة! ولعل من أوضح الأمثلة لهذا أيضا، عقل صاحب الوزنة الواحدة الذي برر دفنه لوزنته بدليل منطقى (مت 25 : 24) العقل دفع آدم في خوفه إلى الإختباء من الله. ولكن الروح لا تفعل هكذا .. العقل قد يقود إلى الخطاء، ويقدم لذلك اعذارا. ربما يحاول الضمير أن يوقظ الإنسان، فإذا بالعقل ينميه، ويقدم له عذرا عن كل خطأ: هذا الأمر ما كنت أقصده مطلقا، أتى عفوا، والنية غير متوفرة فيه. وهذه الخطية حدثت على الرغم منى. الضغطات الخارجية كانت شديدة جدا لا يستطيع أحد الفكاك منها، ويمكن أن تدخل هذه ضمن الأعمال غير الإرادية. وهذا الخطأ تبرره الظروف، وذاك تشفع فيه الغاية الحميدة والقصد السليم. وذاك الموضوع طبيعى جدا، يحدث لكل أحد ، لماذا ندع الضمير يوبخنا عليه؟ ولا شك أن التدقيق الزائد في الحكم على أمثال هذا الأمر غير جائز، إنه يقودنا إلى الوسوسة ويفقدنا بساطتنا!! وهكذا إلى ما لا ينتهى من التبريرات. ما أسهل أن ينحرف العقل، وينحاز إلى ذاته، ويشحذ كل طاقته لمنح سلام زائف للنفس. والفضيلة التي تقصر فيها، ما أبسط أن يقول إنها فوق إمكانياتى، أو الظروف لم تساعد عليها.. إنه العقل الذي يشارك النفس فى إنحرافاتها، ويساعدها. إنه مجرد جهاز يستخدمه الإنسان. وقد يكون جهازا للخير أو للشر، حسبما يوجهه صاحبه. وقد يكون العقل مشحونا بأفكار تقدمها البيئة أو التقاليد، أو بأفكار استقاها من الكتب أو من الأصدقاء. فلا نضمن كل ما فيه من الفكر. وبهذا يكون العقل سببا لضلالة الإنسان، إن كان يساعده على الخطيئة، أو يبررها له، أو يخدره بما يقدمه من أعذار وخيال العقل الخصيب قد يساعد على سقوط النفس.. تشتهى النفس شهوة، فيتناولها العقل، ويقدم لها قصصا لا تنتهى تدور حول صور لتحقيق هذه الشهوة.. مئات من القصص تطول وتستمر. وما أن تنتهى صورة منها، حتى يقدم صورة أخرى، في خصوبة عجيبة. (الموضوع هنا في موقع ). والنفس نائمة، تسرح فيما يقدمه العقل من حكايات تشبع شهواتها. أن يستيقظ الإنسان أخيرا، فيجد أن العقل قد سرح به في مجالات لا تنتهى. وقد يشتهى أن يعود فيغفو، ليسرح به العقل مرة أخرى، ومرات.. وما أعجب سرحات العقل التي يقدمها في أحلام اليقظة! في خطية المجد الباطل مثلا، ما أسهل أن يؤلف العقل روايات طويلة، عن أمجاد يصل إليها الإنسان ويرفعه بها إلى أعلى مستوى، فوق الخيال، إلى أمور من المستحيل في الواقع أن تتحقق. ولكن العقل يقدمها في سرحاته العجيبة، ليشبع رغبة النفس في العظمة وتظل النفس مخدرة مع العقل، سارحة في خياله، إلى أن يوقظها طارق أو طارى فتستيقظ وتسأل أين أنا؟ وقد تستمر دغدغة هذه الأحلام معها ساعات أو أيام أو سنوات. وقد يقضى الإنسان عمره كله يحلم ويفكر ويسعد بأوهامه ليست مشكلته انه لا يستطيع أن يستيقظ من أحلامه.. بل مشكلته انه لا يريد أن يستيقظ!! إنه سعيد بأفكاره، سعيد بأحلامه وأوهامه، سعيد باشباع العقل لشهواته! وما أكثر مواهب العقل في التأليف والتخطيط ورواية القصص والحكايات! وإن أرادت الروح أن تتدخل لاقناع الإنسان بأخطائه، يحاول أن يرد بمجادلات عقلية.. ! إنها مشكلة العقلانيين.. تحدثنا الآن عما يخدر الإنسان من مشغوليات، وعواطف، ومن إنحرافات البيئة والعقل فماذا أيضا؟ هناك اللذة.. |
22 - 10 - 2013, 02:27 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: .. العقل وضياع الإنسان
شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العقل ومسؤولية الإنسان |
الإنسان هو ذلك العقل الجبار |
أفضل ما في الإنسان من خير .. هو العقل .. |
العقل وضياع الإنسان |
إن كان العقل يقود الإنسان، فما الذي يقود العقل؟ |