حوار مسلسل في قانون الإيمان ( 37 )
الحياة.. ثلاثيات (10)
الصوم المقدس السبت
19 اكتوبر 2013
كتاب لقداسة البابا تواضروس الثاني كتب في فترة حبريته أسقفا عاما للبحيرة
فترة الصوم المقدس من أقدس فترات السنة الكنسية,حيث نصوم الأربعين يوما المقدسة كما صامها السيد المسيح عنا,ونحن نصوم معه.ولأهمية هذا الصوم نراه مرتبطا بثلاثة أصوام أخري هي:
1-صوم يونان:وهي بطول ثلاثة أيام,نصومها قبل الصوم الكبير بأسبوعين وهي علي نفس الطقس من حيث الانقطاع والميطانيات والنبوات والقداسات المتأخرة,كما تنتهي أيضا بفصح يونان(يوم الخميس) كمثال لعيد القيامة باعتبار أن يونان النبي هو الشخصية الوحيدة التي شبه المسيح نفسه بها.
2-أسبوع الاستعداد:وهو الذي يسبق الأربعين المقدسة مباشرة,ونصومه تعويضا عن السبوت التي تخلل فترة الأربعين يوما ولا يجوز فيها الصوم الانقطاعي,وبذلك تكون الأربعين يوما كاملة صوما انقطاعيا.
3-أسبوع الآلام:وهو أقدس أصوام السنة كلها ويبدأ عقب جمعة ختام الصوم ويستمر ثمانية أيام,وبذلك تكتمل أيام الصوم الكبير كلها55يوما,ويتخلل هذا الأسبوع أحد الشعانين وأيام البصخة وخميس العهد وجمعة الصلبوت وسبت النور,وينتهي بقداس عيد القيامة المجيد.
أما رحلتنا الثلاثية في هذه المرة فهي مع آحاد الصوم الكبير التي هي بمثابة محطات زمنية للصوم,حيث نجد ثلاثية رائعة في كل محطة كما في الجدول التالي:
أولا:أحد الرفاع(مت16:1-18) ثلاثة محاور
1-الصدقة أو الرحمة هي المحور الأول:في خطوات الحياة الروحية حيث ينفتح قلب الإنسان نحو الآخر يشعر بإحساسه,وباحتياجاته,وأتعابه,وبذلك يتكامل جسد المسيح بكل أعضائه ولذا ترنم الكنيسة (طوبي للرحماء علي المساكين....) طوال فترة الصوم.
2-الصلاة هي المحور الثاني:حيث أرتبط بإلهي بصورة حية من خلال التسبيح فنرتفع نحو مسيحنا القدوس في تسليم حقيقي لسيدنا الحنون ولراحة قلوبنا.
3-الصوم وهي المحور المكمل:لصورة الحياة الروحية حيث يكون تدريبنا الروحي مأخوذا من(مت6:6)...ادخل إلي مخدعك(قلبك) وأغلق بابك(فمك)...وغلق الباب(الفم) ليس بالامتناع عن الطعام والكلام وإنما بالضبط,وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شئ.
ثانيا:أحد الكنوز(مت6:9-33) ثلاثة محاذير
1-لاتكنزوا لكم كنوزا علي الأرض:والمقصود أن لا تكون تعلقات قلوبنا بالأرض بل بالسماء,لأن من أهداف الصوم زيادة اشتياقاتنا للملكوت بعيدا عن تطلعات وشهوة العيون والشهرة والسلطان والجمال ومحبة الأرضيات.
2-لايقدر أحد أن يخدم سيدين:ليس من اللائق أن ننشغل عن مسيحنا القدوس بسيد آخر,مثل الذين سقطوا في المادية وعبادة المال ومحبته وكل شروره.
3-لاتهتموا للغد:الاهتمامات الأرضية المستقبلية أحيانا تفقد الإنسان سلامه في حين أن الغد هو من يد الله.ولأنه كذلك فهذا يجعلنا دائما في طمأنينة.
ثالثا:أحد التجربة (مت4:1-11) ثلاث تجارب
1-تجربة الخبز أو الطعام أي لقمة العيش:وتعني التشكيك في أبوة ورعاية الله ويكون السؤال:هل حياتي هي من الله أم من الطعام؟!
2-تجربة العالم أو مجد العالم:وتعني الوقوع في شهوة العيون والمجد الباطل واستعراض الإمكانيات والتباهي بما نملك.
3-تجربة الغني أو الطريق السهل:وهي الخضوع لجنون الغني والطمع وحب المال,وهذا مانسميهتعظم المعيشة وحب حياة الراحة الرخوة بلاتعب ولا اجتهاد.
رابعا:أحد الابن الضال(لو15:11-32) ثلاثة اختيارات
هنا الأحد يقدم ثلاث شخصيات بثلاث صفات أساسية يمكنك أن تختار منها:
1-الأب المحب:حيث نقابل الأب المشتاق الذي يحترم إرادة الآخر(ابنه) ولا ييأس من خطئه ويتحنن عليه عندما يرجع ويقبل توبته.وهذا يمثل الإنسان الذي يقدر أن يسامح وينسي لأنه يحب.
2-الابن التائب:وهو الابن الشاطر الذي رجع إلي نفسه وبإرادته وعاد إلي صوابه قبل أن ينجرف أكثر في خطاياه.وهو يمثل الإنسان الشجاع الذي اعترف بخطيته,وأخذ الخطوة العملية ليحتمي في بيت أبيه أي الكنيسة.
3-الابن المتذمر:وهو الأخ الكبير الغضوب المتذمر من عودة أخيه الأصغر وهو يمثل الإنسان الذي يعيش مغتربا ومبتعدا بكيانه حتي وإن كان يعيش بجسده في داخل بيت أبيه.
خامسا:أحد السامرية(يو4:1-42)ثلاث مراحل
لقد تدرج عمل النعمة مع هذه المرأة السامرية خلال حوارها مع السيد المسيح حيث نادته بثلاثة ألقاب متتالية...
1-مرحلة يهودي-سيد:في بداية مقابلتها مع المسيح لم تر فيه سوي أنه رجل يهودي الجنس وهي امرأة سامرية,وهناك عداء مستحكم بين الجنسين...ولكن حلاوة كلام المسيح جعلتها تسترسل معه الحوار,وخفت من حدتها إلي أسلوب أكثر رقة,ولذا نادته بلقبسيد كتعبير عن الاحترام والتوقير فقط.
2-مرحلة نبي -مسيا:وعندما كشف سرها وخطيتها برقة بالغة رأت أنهنبي ولذا انتهزت الفرصة لتسأل عن موضع السجود هل هو في أورشليم أم في السامرة؟وعندما أجابها المسيح إجابة روحية خالصة لم تسمعها من قبل..راجعت معلوماتها ورأ أنه المسيا.
3-مرحلة المسيح-مخلص العالم:بعدما حضر التلاميذ تركت هي المسيح عائدة إلي مدينتها لتخبر أهلها عن هذه المقابلة العجيبة معالمسيح وصارت كارزة تشهد بما سمعت ورأت وأحست...وبعد أن مكث المسيح يومين في مدينتهم...أعلنت مع أهل مدينتها أنهذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم.
سادسا:أحد المخلع(الوحيد) (يو5:1-18) ثلاثة مشاهد
1-وحيد...قبل المسيح:كان مهملا متروكا وحيدا عبر سنوات طويلة,لم يجد من يمد له يد المعونة...يمثل صورة الضيق والتعاسة وخيبة الأمل المتكررة وحالة العزلة عبر38سنة...وقد عبر عن كل ذلك بعبارة غاية في الرقةليس لي إنسان وبالرغم من أنه كان مطروحا في ساحة بيت حسدا(وتعني بيت الرحمة) إلا أنه كان يعاني من عدم الرحمة من كل الذين حوله,فهو بلا أمل,بلا صحبة,بلا رحمة.
2-مخلع...أمام المسيح:وعندما جاءه المسيح جاءته الرحمة,ولكن المسيح احترم إرادة المريض وسأله أولا أتريد أن تبرأ؟ وهذا السؤال موجه لكل خاطئ يود التوبة,كما أن حديث المسيح معه كان عن الشفاء وليس عن المرض وهكذا يبدو مسيحنا متحنن يشفق علي شعبه ومجيئه هو مجئ الشفاء والفرح.
3-صحيح...بعد المسيح:ويسمع المريض أمر المسيح بالشفاء,فيقوم في الحال بإيمان وطاعة ويحمل سريره ويسير,وتتبدد مظاهر ضعفه ومرضه,وينطلق صحيحا معافيا...ويتضح من مقابلته مع المسيح بعد واقعة شفائه أن خطيئته كانت سبب مرضه,ويشجعه المسيح علي أن يسلك بحذر من الخطية ونراه بعد ذلك يقدم شهادة قوية أمام اليهود.
سابعا:أحد المولود أعمي(يو9:1-41) ثلاثة مواقف
1-موقف الفريسيين:بعد أن كان موقف الجيران كله حيرة وتعجب وعدم اكتراث بالموضوع,بدأ الفريسيون التحقيق مع هذا الإنسان ولكن كان تحقيقا ظالما,ولقساوة قلوبهم لم يفهموا ولم يؤمنوا بالطبع,وحدث انشقاق بينهم.
2-موقف الأبوين:لقد آمنا لأنهما أكثر الناس معرفة بابنهما ولكن خوفهما من اليهود منعهما من إعلان ذلك,فكان كلامهما فيه شئ من التحفظهو كامل السن اسألوه فهو يتكلم عن نفسه.
3-موقف المريض نفسه:رغم أنه كان أعمي منذ ولادته وكان معرضا لتعييرات الناس إلا أنه احتمل هذه التجربة الأليمة.وفي طاعة وخضوع وإيمان تمم أمر المسيح فيه,وبكل طهارة اللسان وشجاعة شهد للمسيح بلاخوف منشغلا بنفسه دون النظر أو التطلع إلي أخطاء وخطايا الآخرينأخاطئ هو لست أعلم إنما أعلم شيئا واحدا.أني كنت أعمي والآن أبصر.
لكن هناك ارتباطا وثيقا بين هذه الآحاد الثلاثة في: