هل أنتم مستعدون لسماع كلمة الرب اليوم؟ لقد كلمني الرب وسأنقل اليكم كلامه. لسـت أحسن منكم كوني أقف على المنبر لأننا مثل بعض نمرّ بصعوبات، لكن المجد للرب لأن عنده الحلول لكل المشاكل التي تمر بها. نتوقع أن يقدم لنا الرب حلول لمشاكلنا؟ من يتوقع أن يعطيه الرب كلمة؟ آمين
سنتكلم اليوم عن موضوع نتعرض له جميعاً في الحياة، في العمل، في البيت مع زوجتك وأولادك، وفي الكنيسة .
لقد خلق الرب لكل منا شخصيته المختلفة عن شخصية الآخر بطريقة الكلام، بفكر معين، نحن شخصيات متعددة ولدينا أفكار متعددة، لكننا نجلس مع بعض ونتعامل مع بعضنا البعض ونعمل ونشجع بعضنا بعضا ونختلف أحياناً ونجرح بعضنا بعضاً ونخذل ونحبط ونفشل بعضنا البعض، لكن الروح السائد وبخاصة في لبنان، روح الاحباط وروح الانقسامات وروح الاستياء والخذل هذا، مسيطر على البلد، انه موجود في كل مكان، تجد الناس منقسمين فاترين عدائيين غضوبين، كل هذه الانقسامات وراءها أرواح شريرة، وراءها ابليس، لأن هدف الله ليس هذا ولا تصدر منه أمور مماثلة، بل هو ابليس الكذاب الذي يصنع الانقسامات وكل هذه الأمور الشريرة.
سنفضح ابليس اليوم، ولكن هناك مسؤوليات تقع علينا كمؤمنين، اذ لا يجب أن ننسب كل شيء الى ابليس، لأننا نحن مسؤولين أيضاً لكي لا ننجر ونسير في هذا التيار. سأركز على عدة أنواع من الاحباط والاستياء والتفشيل، لقد قادني الرب لكي أتكلم عنها.
في كثير من الأوقات نتكلم مع أشخاص نحبهم وتربط بيننا علاقات جيدة ثم نصطدم ببعض.. فنحس بخيبات أمل عندما نتكلم معهم، ويجرحوننا عن قصد أو عن غير قصد.. ولكن هناك أناس حسّاسون يُجرحون بنفخة من الهواء، إنهم حساسين أكثر من اللزوم.
هناك أناس قد تكلمهم بقساوة بحسب شخصيتك فتجرحهم، أو أنت تُجرح منهم، هناك أناس متسلطون يريدون أن يسيطروا عليك ويفرضوا أنفسهم عليك فتُجرح. وهناك بعض الناس يراوغون فيفشلوك ويخيبون أملك، وهناك أناس يُجرحون من الرب فيصلون لطلبات محددة مثلاً: يا رب أعطني سيارة، لكن الرب لا يريد أن يعطيهم سيارة الآن، بل أهم من ذلك يريد أن يؤمّن لهم عملاً ليتمكنوا من شراء سيارة، وان لم يتحقق ذلك يقولون: الرب لا يسمعني، فيسيطر على الشخص الاحباط وخيبات الأمل واستياء لكن السؤال هو: كيف تتعامل مع هذه الأمور؟ ان الأمر الشائع بين الناس عندما يجرحون من أحد: أنا أخذت موقف، لن أتعاطى معه، اذا التقيت به في الطريق أتجاهله أو أقول له هاي ثم أدير ظهري وأتكلم عليه: أنا لا أطيقه، لقد سامحته ولكني لا أطيقه. قد تصنع بالوناً وتعيش فيه وتقول: هذا الشخص أساء اليّ وقد سامحته لكني لا أحتمله.. هو ثقيل الظل... أو ربما تسلم عليه وتقبّله عندما تراه، لكن عندما يدير ظهره تتكلم عليه بكلام سلبي.
ليست هذه مشيئة الرب، وان كانت هذه هي حالتك وأنا أضع أصبعي على الجرح، فعندك طرق أفضل لكي تعالج مشاعرك، ليست هذه طرق الرب أو مشيئته أن تقول بفمك لقد سامحت الشخص وأنت لا زلت تحمل في قلبك استياء وفتور ونفور منه. هذا ليس بتسامح، انها الحقيقة حتى لو صدمتك، لأن التسامح والغفران هو أن تقدر أن تنظر الى الشخص وتكن له المشاعر الايجابية، وهذه علامة على شفائك من مشاعرك السلبية، هو أن تنظر الى الشخص الذي أساء اليك وتشعر بالمحبة تجاهه.
هل تقدر أن تحبه وتقدر أن تتكلم معه أم تشعر بمسافة بينك وبينه؟ اذا شعرت بمسافة وببعد عنه، فهذا يعني أنه لديك جذور مرارة لم تشف منها بعد. وبينما نحن نتكلم سيعطينا الرب حلولاً. التلاميذ أُحبطوا.. لقد رأوا يسوع يشفي ويحيي الموتى ويصنع العجائب، وعندما القي القبض عليه كي يصلب هربوا جميعاً من الخوف والاحباط؟ ورجعوا الى أمورهم القديمة كصيد السمك... التلاميذ الذين رأوا الرب يسوع أنه اله وابن الله، وعندما سألهم: من يقول الناس اني أنا؟ أجاب تلميذ: ايليا وآخر: دانيال، أما بطرس فقال له: أنت المسيح ابن الله!! فقال له يسوع: صحيح، ولكن هذا الكلام ليس منك بل، الآب السماوي قد أعلنه لك. الى هذا الحد رأوا عظمة الرب يسوع المسيح، ولكن عندما رأوه مقبوضاً عليه مساقاً ليصلب (مع أنه قال لهم أكثر من مرة ينبغي أن يصلب ابن الانسان ويدفن ويقوم في اليوم الثالث) لكنهم أُحبطوا عندما رأوا قائدهم مقبوضاً عليه لأنهم رأوا يسوع كانسان وليس كاله.
الانسان سيحبطك، انتظر دائماً أن تتعرض لخيبات أمل من أقرب الناس اليك، من زوجتك، من أولادك، من أخوتك، كل يوم وكل ساعة وفي كل الأوقات. بالنسبة لي لا يمرّ عليّ يوم دون أن أتعرض لمواقف مماثلة في عملي خلال علاقتي مع الناس، لا بل أستطيع أن أكتب كتاباً حول هذا الموضوع من كثرة ما أرى خيبات: تحاول أن تساعد فتأكل ضربة (بالمعني المجازي) يومياً هذا الأمر موجود.. فهل أتوقف في مكان ما وأقول لا أريد أن أتعاطي مع الناس، لا أريد أن أختلط بهم، لأنه لا تأتيني منهم سوى المشاكل، ما لي ولهذا الأمر!! ليس هذا هو الحل.. كل يوم نحن نتعرض لهذه الظروف لأننا نتوقع شيئاً من الانسان، ولكن عندما نضع أعيننا على الله فهو الذي لا يخذل أحداً.. هناك شخص واحد لا يخذلك هو الله.. أما بقية البشر فيفعلون ذلك، حتى الزوج أو الزوجة الواحد تجاه الآخر، لأننا بشر ولسنا بكاملين، ونحن معرضين في كل لحظة أن نجرح أو ننجرح.. نعثر أو ننعثر.. نخيّب آمال غيرنا أو هم يخيبون آمالنا.. نحن معرضون لهذا الأمر، ولكن كيف نعالج هذه الأمور؟
أول شيء يجب أن نتذكره عندما سأل التلاميذ الرب وبالتحديد بطرس قائلاً: كم مرة ينبغي أن أسامح أخي ان أخطأ اليّ؟ هل سبع مرات؟
أجابه الرب: لا بل سبعين مرة سبع مرات!!! كما ورد في انجيل متى الاصحاح 18 : 22 ثم قال " يشبه ملكوت السموات انساناً ملكاً أراد أن يحاسب عبيده. فلما ابتدأ في المحاسبة قدّم اليه واحد مديون بعشرة آلاف وزنة. واذ لم يكن له ما يوفي، أمر سيده أن يباع هو وامرأته وأولاده وكل ما له ويوفى الدين. فخرّ العبد وسجد له قائلاً: يا سيد تمهل عليّ فأوفيك الجميع. فتحنّن سيد ذلك العبد وأطلقه وترك له الدين. ولما خرج ذلك العبد وجد واحداً من العبيد رفقائه كان مديوناً له بمئة دينار. فأمسكه وأخذ بعنقه قائلاً: أوفني ما لي عليك. فخرّ العبد رفيقه على قدميه وطلب اليه قائلاً: تمهّل عليّ فأوفيك الجميع. فلم يرد بل مضى وألقاه في سجن حتى يوفي الدين. فلما رأى العبيد رفقاؤه ما كان حزنوا جداً وأتوا وقصّوا على سيدهم كل ما جرى. فدعاه حينئذٍ سيده وقال له: أيها العبد الشرير، كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت اليّ. أفما كان ينبغي أنك أنت أيضا ترحم العبد كما رحمتك أنا؟ وغضب سيده وسلمه الى المعذّبين حتى يوفي كل ما كان له عليه. فهكذا أبي السماوي يفعل بكم أن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته " (متى 18 : 23 – 35 ).
ان الرب يغفر لنا كل يوم خطايانا، وكلنا خطاة ونأتي الى الرب ويقبلنا ويغسلنا بدمه من خطايانا، ويسوع مات على الصليب وسفك دمه من أجلنا، كلنا خطاة وكل يوم نأتي الى الرب وبنعمته ومراحمه ننال الغفران جميعاً كبشر. من نحن كي لا نسامح ولا نغفر لأخينا أو لأي شخص أساء الينا.. يجب أن نستخلص من القصة التي قصها الرب يسوع، أنه عندما نسامح نمجد الرب، وينبغي أن تسامح من أجلك أنت لأنك ان لم تفعل، أي ان لم تسامح، هناك شيء يُسمّى مرارة، تصبح نفسك مرّة والقديس أوغسطينوس تكلم عن عدم المغفرة قائلا: " ان الذي لا يغفر، يشبه شخصاً شرب سمّاً، والسم يقتل الانسان ويموت شيئاً فشيئاً، وهو لا يرى موته، ولكنه يتمنى أن تحدث أمور سلبية للشخص الذي جرحه ".
سأعيد الكلام: ان الانسان الذي لا يغفر ولديه هذه الكمية من المرارة، يصبح كمن يشرب سمّاً ويموت وهو لا يرى نفسه يموت، لكنه يتمنى أشياء سلبية للشخص الذي جرحه.. نسمع هذا الكلام ونقول: لا يجوز أن يكون لدينا عدم مغفرة أو مأخذ ضد أحد أبداً فهل نعيش بالسمّ؟
هناك كثيرون يعيشون في عدم المغفرة والمرارة والتعب، ويكونون متعبين روحياً نفسياً وجسدياً.. نعم حتى جسدياً: هناك أمراض جسدية بسبب عدم المغفرة وهناك أشخاص مرضى بسبب عدم غفرانهم لشخص جرحهم فغضبوا منه، أو من أحد فشلهم وعثرهم.. وهذا يؤدي الى حدوث ضغط وانهيار عصبي.. وأكثر شيء تعلمته من اختباراتي الطويلة، أنه ينبغي ألا تدع أي احباط أو فشل أو خيبة أو استياء أي شيء سلبي، لا ينبغي أن تبقيه في داخلك، بل ينبغي أن تتخلص منه بأسرع وقت وأنت الرابح الأكبر، أما اذا أهملت الغفران فستكون الخاسر.. لماذا؟
اذا خبأت الاستياء في داخلك يتحول الى فكر سلبي فترى كل الأمور سلبية، أينما تذهب ترى الأمور من خلال نظارات مكتوب عليها علامة: السلبية.. فترى كل الأمور سلبية، ويصبح فكرك سلبياً لأنك مجروح ومنزعج ولم تسر الأمور كما تريد، قد تكون على حق في الموضوع والحق على غيرك، ولكن هذا ليس بأمر مهم أنت الأهم: ان كنت مجروحاً من أحد، سواء معك حق أم لا، ينبغي أن تعالج هذا الموضوع، أما الفريق الآخر فتلك مشكلته، أما مشكلتك أنت فهي أن تتخلص من هذا الوضع.. اذا كان في أعماقك مرارة فأنت انسان معذّب.. وان أنت أهملت معالجة الوضع فأنت ذاهب الى السلبية، وعندما تصبح كذلك، يصبح هناك تصادم..
سأتكلم في علم الفيزياء الآن: البطارية فيها قطب ايجابي (+) وقطب سلبي (-)، وان تصادم السلبي والايجابي يحدث تلامس، وان بقيا كذلك تفرغ البطارية: يعني ان كنت مملوءاً بحب الآب والناس والخدمة والرب، وسمحت للفكر السلبي أن يأتي عليك، فان السلبي يأتي الى الايجابي الذي فيك ويفرغك من بطارية الحب التي في داخلك، وأنت تأخذ موقف المتفرج بدلاً من أن تشحن البطارية بكلمة الرب وبجلساتك معه، بل تستسلم لكي تفرغ بطارية الحب التي في داخلك والتي وضعها هناك أبيك السماوي: الحب للناس التسامح والعطاء، تفرغهم عندما تسمح للفكر السلبي والشعور السلبي أن يسيطرا على بطارية حياتك، فتفرغ البطارية وقد تنفجر في أحيان كثيرة. يريدك الرب أن تشحن هذه البطارية دائماً وتمتلئ بالحب والعطاء، بالمسامحة، لكي تكون ثمارك واضحة أمام الناس.
سأخبركم قصة معبّرة حدثت معي منذ 20 سنة: انتقلنا الى بيت جديد، وقيل لنا أن موقف السيارة هذا هو لنا، ورحنا نركن سيارتنا في ذلك المكان، ومضى أسبوعان ثم فجأة دق باب البيت، ففتحته ورأيت امرأة تصرخ في وجهي قائلة: لماذا توقفون سيارتكم في هذا الموقف، كان هذا موقفي أوقف فيه سيارتي!!! وراحت تصرخ في وجهي، فصُدمت، ولم أكن أعرفها، فلم أعرف بماذا أجيبها وهي أمرأة وأنا رجل كيف سأجيبها، وأنا ساكن جديد في المبنى.. ثم اقتربت زوجتي وقالت لها بهدوء: تفضلي، لماذا أنت غاضبة؟ أهلا وسهلاً بك تفضلي.. فرأيتها تهدأ وراحت تتكلم مع زوجتي، فانسحبت عندها، ثم قالت لها: ما بك؟ أجابت المرأة التي كانت تصرخ وهدأت فجأة: أنتم توقفون سيارتكم في الموقف الذي كنت أوقف فيه سيارتي أنا.. فقالت زوجتي: قيل لنا أن هذا هو موقفنا، وهذا مثبت رسمياً في خريطة البناء، على كل حال سنتأكد من وكيل البناية ونسأله أين هو الموقف الحقيقي، وسنغيّر موقف سيارتنا ان قيل لنا هذا.. رأيت المرأة تهدأ، وأصبح صوتها هادئاً وناعماً، وبعد مضي وقت عرفنا ان هذه المرأة في حالة عداء مع كل سكان البناية، ولكن عندما رأت فينا المحبة صارت تتكلم معنا، رأت أناساً لم يحتقروها بل قبلوها واحترموها، لا بل قوبل صراخها وغضبها بالحب.
المحبة تُهدئ كل الغضب الذي نواجهه كل لحظة، ليس فقط مع الناس في المحيط الخارجي، بل مع اخوتنا، نُجرح في أي وقت، نعم نحن معرضون لنجرح ولكن كيف سنتصرف؟ هذا الكلام موجه لي أولاً، وأنا أتعرض لهذه المواقف وأغضب مثل كل البشر، ثم يوبخني الرب، وأحياناً أتصرف بثمار الرب، فنحن نتصرف في كل وقت بطريقة مختلفة، ولكن التصرف الصحيح هو التصرف بمحبة، عندما نستقبل الغضب والتجريح بمحبة لا يقف أمامنا شيء.. حتى أن الشخص وهو يؤذيك تقول: هذا شخص محب، لا أريد أن أخسره.. هذه المرأة التي أخبرتكم قصتنا معها لم يكن لديها أحد، ولم تكن محبوبة، وكلمتها زوجتي بمحبة فهدأت وصار صوتها منخفضاً، وأصبحت من أعز أصحابنا وأخبرناها عن الرب، كان بامكاننا أن نعاملها بالمثل، ونبادلها الصراخ مثلما فعل سائر الجيران، لكننا تصرفنا بطريقة مختلفة، الرب يعطينا الحكمة لنعرف كيف نتصرف ازاء الآخرين!! المحبة هي أساس كل شيء يا اخوتي، فقط لتكن فينا محبة يسوع ونحب الناس فلا يعود يؤثر علينا أي تجريح، أي أحباط، أي فشل، أي خيبات أو استياء، سنستاء ونغضب لساعات، وهذا طبيعي، ولكن الأفضل أن نجلس في محضر الرب، وأنا كل يوم وأنا جالس في محضر الرب أقول له: يا رب أنا أُطلق فلان، أنا أسامح فلان، من كثرة ما أتعرض لحروبات، لأنني أعرف أن مصدر هذه الأمور هو ابليس، كي تكون محبطاً ومشغولاً بالمشاكل وبالغضب من فلان، والاستياء من فلان، لكي تنسى دعوتك، لديك دعوة، وكل واحد منا عنده دعوة في حياته، وهي أن يتمتع بثمار للرب، ويخدم الرب، يأتي ابليس فيضع هذه الأمور أمامك فتمتلئ بالمشاعر السلبية وتصبح سلبياً، وتفقد الدافع كي تحيا بحب، تفقد شعورك وتفرغ بطاريتك، ينبغي أن نشحن بطارياتنا، بطاريات الحب التي يشحنها الرب من خلال جلساتنا في محضره كي نقول له: تعال يا روح الله واشحن هذه البطارية بالحب. واطلق الناس الذين يسيئون اليك، وان قلت انك سامحتهم ولكنك لست قادراً أن تجلس معهم وتواجههم، أقول لك: ينبغي أن تسامحهم، لا زال لديك عدم غفران.. جذور عدم الغفران، والرب اليوم سيشفيك من هذه الجذور القديمة..
حدثت معي قصة معبرة : كنت في الأسبوع الماضي في مجلس عزاء، اذ أن صديق العمر فقد ابنه الشاب ولم أكن أعرف حتى اليوم الثالث من الحادثة، وقد أوصى أحدهم كي يتصل بي ويخبرني لأذهب وأعزيه، وبسبب فقدانه ابنه كان يتناول العقاقير، وكان منهاراً تماماً، وهذا ليس بسهل، اذ فقد ابنه الشاب الذي يبلغ 25 سنة من العمر بحادث سيارة، وقبل أن أذهب كنت أصلي طوال النهار طالباً من الرب كلام تعزية، اذ يصعب أن يعزي الانسان شخصاً تعرّض لهذا النوع من الخسارة، ماذا بامكاني أن أقول له؟ في طريقي اليه كنت أبكي وأصلي قائلاً: يا رب شجعني، أعطني كلاماً، وصلت الى العزاء فرآني وأخذني في الأحضان وأخذ يبكي ويبكي ولم أعرف ماذا أقول له في تلك اللحظة، وبقيت أصلي وجلسنا ثم سمعت صوتاً يقول: الله أخذه!! يا لهول ما سمعت!! وكثيراً ما نسمع كلاماً غير صحيح وليس بحسب كلمة الله، في تلك اللحظة بالذات لم يكن بالامكان أن أردّ على هذا الكلام بشكل مباشر، وبقيت أصلي طالباً ارشاد الرب، ثم رأيت كرسياً خالياً بقرب زوجته (وكنت قد كلمتها من قبل عن الرب) فجلست عليه وقلت لها: " يا رولا ان الرب يحبك، هذا هو الشيطان الذي... فقاطعتني: صح هذا الشيطان، لأن الله محبة.. وكانت تتكلم بصوت عالٍ: الله محبة، هذا هو الشيطان الذي فعل هذا.. ليس الله أبداً.. فقلت لها: صحيح ان الشيطان هو القاتل...
لقد فتح الرب لي الباب، لقد كانت جالسة قرب زوجها وأنا بينهما، وقد سمع كلامي ووصلته الرسالة كاملة: ان لله لم يفعل هذا بل الشيطان.. في نفس الوقت قالت لي: هل تعلم يا غارو؟ كل أهلنا وأصحابنا الذين يقاطعوننا منذ 20 سنة، ابني زياد توفي، لكنه جمع كل أفراد العائلة، فقلت لها موافقاً: نعم ان الرب يحول الشر الذي عمله ابليس الى خير.. قالت لي: هل ترى كل هؤلاء الناس؟ انهم يأتون الينا كل يوم، ويبقون معنا ويحبوننا ويعزوننا، وقد مرت 20 سنة لم يكونوا يتكلمون معنا.. صحيح فقدت ابني، لكني ربحت كل أقاربي، لقد جمع ابني كل العائلة.. تصوروا معي، بكلمتين بسيطتين صارت المرأة ترى عظمة ما يفعل الرب وتلوم ابليس.. وتغضب عليه، لم تقل: الله أخذه، بل قالت: الله لم يأخذه لأن الله محبة.. الله لا يرسل مرض لأولادنا، هذا الكلام كنا نسمعه ونحن صغار وهو ليس بصحيح.. ان الله محبة يا اخوتي، ابليس هو السارق، يسرق صحتنا وسعادتنا وعائلاتنا، ولكن الله يعوض، وكل شر يعمله ابليس يحوله الله الى بركة، لكي ترى مجد الرب وتمجده.. ابليس قصد موت وشر، ولكن الله جمع العائلة من جديد..
من المهم أن نعرف ماذا نتكلم وأن نزن كلامنا.. وعندما نستمع الى ما يقوله الناس نغتنم الفرصة المناسبة لنرد على ما يقولون، ونوصل الرسالة. لا ينبغي أن ندخل بجدل، ويقول الكتاب المقدس:
" ان أخطأ اليك أخوك فاذهب وعاتبه " ليس وخاصمه.. اذهب وعاتبه، وعندما سألت الرب كيف أعاتبه قال لي:
أولاً تسامحه.
ثانياً: تصلي من أجله كل يوم.
ثالثاً: تحبه، ثم تذهب وتعاتبه.
ان أنت سامحت الانسان وباركته وأطلقته وتطلب من الرب كل يوم أن يملأك حباً تجاهه، ثم عندئذٍ تذهب وتعاتبه، لا تقدر أن تعاتب انسان وأنت لم تفعل هذا.. اذ بالعادة تقول: هذا الانسان جرحني كيف سأسكت عن هذا الموضوع؟
يجب أن أواجهه!! نعم يجب أن نواجه، ولكن ليس بغضب، غير مهم من معه حق، أولاد الرب لا ينبغي أن يتصرفوا بهذه الطريقة.. المهم كيف يجب أن أتصرف أنا.. كي أُري ثماراً للشخص الآخر، وهي ثمار المحبة: سيحبك أكثر، وسيفكر في المرة الثانية ألا يجرحك، لأنه رأى منك المحبة، ولكن اذا واجهته بنفس الطريقة التي أخطأ بها اليك عن قصد أو عن غير قصد، فانك لا تُعطي ثماراً بحسب قلب الله، ليست مشيئة الله أن تواجه بغضب.. آمين؟
كثير من الناس يظنون أنهم اذا سامحوا فهذا ضعف منهم، وسيعيد الشخص الذي أساء اليّ عمله المسيء.. لا ينبغي أن تعيش في هذا الفكر، يمكن أن يكون هناك أناس متسلطين، وخاصة بين الأزواج، الزوج أو الزوجة يكونون متسلطين ويفرضون أنفسهم على عائلتهم وشركائهم ولا يتصارحون قائلين: أنت جرحتني هنا، وأنت جرحتيني هناك، بل يتناسون الموضوع فيصبح مثل البالون داخل أحد الفريقين، وهذا البالون هو الشعور السلبي الذي يفرغ البطارية التي تكلمنا عنها: هذا البالون الذي تضعينه على الرف بسبب اساءة زوجك أو أولادك أو أقربائك، سيفرغ بطارية الحب التي في قلبك، لأن البطارية عندما تفرغ يصبح فيها شيء اسمه الفتور، وكثير من الأزواج يقولون: ليست عندي مشاعر تجاه زوجتي، أو العكس، بسبب حجم الجروح، ولم تتم المصارحة بينهما، هذا الأمر يُدخل الفتور الى علاقتهما، مما قد يسبب الطلاق في النهاية، لأنهم لم يصلحوا الشيء الذي انكسر والخطأ الذي وقع، لم يتكلموا عنه ولم يتصارحوا مع بعض، من المهم جداً للأزواج وللعائلات وللأصدقاء في كل العلاقات، أن تتكلم بصراحة ومحبة، وليس بغضب وبجدل، صلي وضع الأمور بين يدي الرب وقل له: أعطني يا رب كلاماً. وسيعطيك الرب كلاماً بسيطاً، وستتفاجأ انك بطريقة سهلة تخلصت من بالون في قلبك، من مرارة وغضب وعدم مغفرة، وعند الرب الحل، أرسل ابرة لك فنفس البالون وفرغ في 5 دقائق..
قل له: ساعدني يا رب، أريد معونة منك. أريد أن أسامح ولكني غير قادر أن أسامح، يمكن أن يقول أحد: هذا الشخص جرحني... لا يهم، مهمتك كمؤمن أن تسامح أولاً من أجلك ومن أجل الرب، لكي ترتاح ويتمجد الرب. آمين!!
سأتوقف.. ولكن أريد أن نقوم بأمر عملي اليوم.. قلنا نريد أن نتغير وسنصلي مع بعض، والرب سيضع أشخاصاً أساؤا اليك من زمن بعيد، وأنت قد ابتعدت عنهم ولا زلت لا تتقبلهم، وقد لا يكون كذلك، قد تكون المشكلة فيك وليس بغيرك، قد ترى أحدا ثقيل الظل وغير جميل وكلامه بشع، فالمشكلة ليست فيه بل فيك أنت. صدقوني ان هذا الكلام موجه لي أولاً، وكثيراً ما نقيّم الشخص بكلامه، بشكله، وبتصرفاته، وهذا خطأ، هناك أشخاص طيبون مع أن شكلهم غير جميل، أو يحتاجون الى كلمة حب منك لكي يتغيّروا.. يقد يكون هناك أشخاصاً مجروحين منك، من أهلك، وهم بحاجة الى محبتك، بحاجة كي يروا محبة يسوع التي فيك كي يتغيروا، يمكن أن محبتك هذه تغير كثيرين، كن صانع سلام مثل أبيك السماوي الذي قال: " طوبى لصانعي السلام "، لا تكن من الأشخاص الذين يفرقون، ولا تسمع للأصوات التي تتكلم على الغير، كن محباً، وكن صانع سلام.. هذه مشيئة الرب لحياتك، أما مشيئة ابليس فهي أن تبقى في المرارة وتفتر وتفتر، حتى تنفجر وتبتعد عن الرب وتلوم الرب وتلوم فلان، اذ لم يعد لديك محبة، لقد فرغت البطارية، هذه ليست مشيئة الرب، اذ أن مشيئته هي أن تجلس في محضره وتعبئ بطاريتك وتشحنها بحب أبيك السماوي الذي قال:
" باركوا لاعنيكم. أحبوا أعداءكم ".
لم يقل هاجموهم وقاطعوهم، ولكن يا رب هذا الشخص أذاني.. ليس مهم ما تقول، بل المهم ما يقوله الرب.. إعمل بحسب كلمة الرب والرب سيباركك وستتغير حياتك، سترى ثمار المغفرة في حياتك، ستتغير حياتك، هناك أناس كثيرون حياتهم ليست مباركة ولا مثمرة، لأنهم يمسكون أشخاصاً ويلومونهم، وان كنت منهم فهذا هو الوقت لكي تطلق ولكي تبارك، ليس اليوم فقط، بل اذهب الى البيت وصلي لأجل الأشخاص الذين ألحقوا بك الأذى، صلي لهم كل يوم وباركهم وقل يا رب: أنا أسامحهم، أنا أطلقهم، ستحس بحب تجاههم، وعندما تحبهم تكون قد شفيت. الرب سيعمل عملية جراحية فيك. لكنك أنت المسؤول أن تتابع حتى يأتي الرب ويشفي للتمام وتقول: أنا مرتاح، أحب جميع الناس، ليس عندي شيء تجاه أحد. التحزّب لا ينبغي أن يكون بيننا، بل ينبغي أن نكون ملح الأرض، هذا هو عملنا، ليس عملنا أن نتحزب بل أن نبارك الجميع ونصلي من أجل جميع زعمائنا كي يقبلوا بعضهم بعضاً. مهما كان شكل أو أفكار الشخص الآخر نقبله ونسامحه، وأعظم شيء أن نحبه، لأن المحبة تبقى الى الأبد.. اذهب الى البيت واقرأ الكتاب المقدس، رسالة بولس الرسول الى أهل كورنثوس الاصحاح 13 عن المحبة، وقس نفسك على كلمة الله، هل تحب بنفس الطريقة؟
المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، المحبة لا تحسد ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء، ولا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق. وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء...
قل: أنا بحاجة لكي أحب أكثر.. وترى في نفسك أموراً تحتاج فيها الى المحبة..
سنصلي الى الروح القدس كي يسكب شفاء الآن، وقل: يا رب أنا أخذت القرار وأهم قرار تتخذه هو أن تتخلص من المرارة، خذه الآن في محضر الرب: يا رب لقد قررت أن أسامح، ان الجذور القديمة الموجودة سأطلقها اليوم, سأضعها بين يديك، اليوم سيبدأ الشفاء، الرب سيستأصل جذور المرارة والاستياء من داخلك.. وأنت أكمل وصلي كي يملأ الرب البطارية التي في قلبك بالمحبة، حتى تُشحن الى التمام، حتى اذا تكلمت مع أحد تتكلم كلام حب ويروا يسوع فيك..
الى هذا أنت مدعو.. إنسَ كل شيء: أبانا السماوي أنا لك، أنا أتوب أمامك عن كل غضب، استياء، مرارة وعدم مغفرة، عن كل مرة كنت أعاني الاحباط من أشخاص وأمسكتهم يا رب، أنا أطلقهم اليوم، أسامحهم اليوم، ساعدني لأني غير قادر لوحدي، أريد قوة الروح القدس أن تلمسني الآن، أصرخ الى الرب قل له: أنا ضعيف، أعطيتني الكلمة، جئت اليك كي تغيرني، أريد أن أتغيّر، أريد أن أسلمك حياتي وأولادي وأهلي وكل كياني، أريد أن أكون انساناً جديداً، أريد أن أبدأ بداية جديدة معك، لا أريد أن أحيا في السلبية ولا في الفتور ولا في المرارة ولا في الاستياء أو في الغضب، أنا أرفضها كلها، أنت اله السلام وكل حب.