|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإرادة والبعد عن الشرّ وطلب الرب كما أن الطبيب لا يشفي سوى المريض الذي يشعر بمرضه ويحضر إليه بإرادته، هكذا شخص الله الكلمة لا يستجيب لمن لا يطلب شفاء نفسه عن احتياج حقيقي:
فالإنسان يجد نفسه غالباً أنه يفعل الخطية راضياً دون أي احتجاج من الضمير أو رفض الإرادة، فبالتالي ومع الوقت يكون الذهن الروحي قد انطمست فيه معالم ناموس الله من جهة الخير والشرّ، فلا يكون قادر على أن يُميز بينهما، بل بالعكس فأنه يبررّ الشرّ ويظهره كأنه طبيعياً من جهة حياة الإنسان، حتى يصل إلى أن عقله لا يستطيع أن ينشغل ولو لحظات بما يُرضي الله أو بما يهين صورته في داخله. ومن هنا يأتي المعنى العميق وراء سؤال الرب لمريض بركة بيت حسدا: [ أتُريد أن تبرأ ]، وعلينا أن ننتبه أيضاً أن الخطية تحطم نفسية الإنسان ومن طول زمان مُمارستها يفقد الإنسان الأمل في أن يتخلص منها فيتعايش معها ويرضى في النهاية بالأمر الواقع، لأنه فعلاً حاول مستميتاً بكل الطرق أن يكف عنها لكنه لم يستطيع، لذلك نحن نرى أنفسنا في هذا المريض الذي ظل 38 سنة في محاولات فاشلة للشفاء والرب يعلم أن هذه الفترة الطويلة حطَّمت نفس هذا الإنسان، والقديس يوحنا الرسول الملهم بالروح وضع هذه الحادثة لنا لكي ندخل في سرّ الإيمان الحي لنُشفى، نحن الذين يأسنا من أنفسنا تماماً وفقدنا فيها كل شبه أمل، لأن خطورة طول المرض بالخطية هو: فقدان الأمل والرجاء نحو استعادة الحياة، فأن كان هذا المريض استمر يحاول بجهد جسدي عنيف ومستمر للنزول إلى البركة بإرادة وعزيمة لا تلين، مرة أو مرات كثيرة كل يوم، لكنه لم يستطيع أن يصل في الوقت المناسب، فاستمر كثيراً حتى تعب وظل في مكانه منتظراً أحد يلقيه [ يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء، بل بينما أنا آت ينزل قدامي آخر ] لذلك فأن الله لا ينتظر جهدنا البشري وحلولنا الشخصية بتفكيرنا الخاص، لكنه يأتي إلى نفوسنا بهدوء ويلقى هذا السؤال علينا [ أتُريد أن تبرأ ]، وطبعاً الرب لا يسأل قط عن إرادة الغريزة الطبيعية نحو صحة الحياة التي يتساوى فيها الإنسان مع الحيوان، إنما يسأل عن إرادة استعادة الحياة التي بلا سلطان الخطية على النفس، لأن حتى شفاء الجسد نفسه (في الحالات النفسية التي تُأثر على الجسد فتمرضه عضوياً) متوقف على الشفاء من الخطية والانفكاك من سلطانها، وهذا واضح من كلام الرب له بعد ذلك [ ها أنت قد برئت فلا تُخطئ أيضاً (ثانيةً) لئلا يكون لك أشرّ ] (يوحنا 5: 14) يا إخوتي، أن الرب القدوس الحي لم يأت لأجل الذين يرون أنهم أبرار وأصحاب علوم روحية ولاهوتية عظيمة، ويعتبرون أنفسهم معلمين للناس ونور للذين في الظلمة، لكنه أتى لأجل الخطاة الذين فشلوا في أن يستعيدوا كرامتهم المهدورة بالخطية، وربما يأسوا من خلاص أنفسهم والخطية دمرت ملكاتهم الروحية بتمامها، لكن الرب لا ييأس من خلاص الخطاة، بل يطلبهم ويحث إرادتهم لكي يُعبَّروا عن شوقهم إليه فيتقدم ويتمم شفائهم، لذلك كلامنا هنا يخص الخاطي بالدرجة الأولى وعلى الأخص اليائس من أن يعيش حياة الصلاح بالوصية المقدسة، فأن كنت شعرت أنك فتيله مدخنه بسبب شوق قلبك وتمنياتك التي تراها صعبة التحقيق فالرب قد أتى إليك على نحوٍ خاص لأنه مكتوب عنه: [ قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مُدخنه لا يُطفئ ] (متى 12: 20) فاليوم علينا أن نرى أن سؤال الرب موجه لنا على نحوٍ خاص جداً: [ أتُريد أن تبرأ ]، لأن الرب يُريد أن ينظر ليرى ماذا يُريد منه الإنسان، لذلك يا إخوتي علينا أن نتعلم كيف نُحسن الصلاة، لكي ننال نعمة من الله، وهو إعلان رغبتنا الحقيقية أمامه بإيمان صادق حي:
وحتى لو طلبنا طلب حقيقي حسب إرادة الله فأننا نطلب بإهمال بدون لجاجة وصبر عظيم في إصرار أن ينظر لنا الله لأننا في حاجة حقيقية وشديدة إليه، بل وأحياناً نظن أن بلجاجتنا فقط يُستجاب لنا بدون أن نؤمن، فنخرج فارغين لا ننال شيئاً قط ونشك في الله، لذلك مكتوب: [ ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئاً من عند الرب ] (يعقوب 1: 6و 7) والله – يا إخوتي – لا ينظر لقوة الإيمان العظيم الذي يصنع المعجزات، بل يطلب إيمان = حبة خردل، وهي أصغر جميع الحبوب، وهو قادر أن يعين ضعف الإيمان الذي يُريد أن ينال منه شفاء، لكن لابد أن يوجد إيمان حي ولو أبسط من البساطة ذاتها، واضعف من الضعف [ لأن بدون إيمان لا يُمكن إرضاءه لأنه لن يستطيع أن يفعل لنا شيئاً: [ ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم؛ وتعجب من عدم إيمانهم وصار يطوف القرى المحيطة يُعلِّم ] (متى 13: 58؛ مرقس 6: 6)
ولكن أن كانت شفتاك تقولان: "أُريد"، وقلبك "يمتنع" عن هذا القول، فإن الذي يفحص القلب هو الذي يُدينك. فكف من اليوم عن كل عمل شرير، ولا ينطق لسانك بكلمات لاذعة ولا تُخطئ عينيك ولا يتعلق ذهنك بالباطل. ] (عظات القديس كيرلس الأورشليمي) |
11 - 09 - 2013, 06:50 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الإرادة والبعد عن الشرّ وطلب الرب
موضوع قيم جداً أختى مارى
ربنا يبارك حياتك ويبارك خدمتك |
||||
12 - 09 - 2013, 10:06 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الإرادة والبعد عن الشرّ وطلب الرب
شكرا على المرور
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|