زار أبونا بيشوي كامل مريضاً يعاني من آلام شديدة في ظهره ؛ وإذ كان أبونا يعزيه بكلمة الرب في مرارة قال الرجل :
- أنا لا أطلب الشفاء التام ! كل ما أطلبه أن يعطيني قوة لكي أقف للصلاة، وأن ينزع عني الصداع الشديد لكي أركز في الصلاة ! وسط آلامي لا أقدر أن أركز حتى لأتلو الصلاة الربانية .
- لا تخف فإن كنت عاجزاً عن الحضور إلى الكنيسة ، أو الوقوف للصلاة ، أو التركيز حتى لتلاوه الربانية، لكنك تشارك السيد المسيح الساقط تحت الصليب . أشكره لأنك تشاركه آلامه ؛ فقد كان السيد يئن من آلام ظهره بسبب ثقل الصليب لأجلك .
بعد أيام جاءه الرجل في الكنيسة ، وقد استقبله أبونا بابتسامته المعهودة وبشاشته المعروفة .
قال الرجل : " أنا ( زعلان ) من ربنا . حينما استعذبت الألم ؛ وحسبت نفسي غير أهل لمشاركة مسيحي آلام ظهره رفع الألم عن ظهري وشفاني ! "
لقد حسب أبونا بيشوي مشاركة السيد آلامه عبادة فائقة ، حتى إن حرم الألم الإنسان من الدخول إلى بيت الرب و الوقوف للصلاة ، إذ يتحول المؤمن المتألم إلى هيكل للمصلوب ، وتصير حياته نفسها صلاة دائمة !
أذكر أنه كان لي زميل في خدمة التربية الكنسية ، وكان يشتهي الحياة الرهانية وكان أب اعترافه راهباً يطلب إليه ألا يتعجل الذهاب إلى الدير .
جاءه يوماً في مرارة يشتكي :
أشعر أن وقتي ضائع ! أريد أن أتفرغ للعبادة . هذا مع متاعب كثيرة وضيقات في العمل ! "
أجابه الأب في حكمة :
" سيأتي اليوم الذي فيه تتفرغ للعبادة ، لكن انتظر واصبر ، فإنك تتعلم الآن حياة الصبر وطول الأناة . الضيق الذي أنت فيه هو فرصة ثمينة لمشاركة السيد المسيح آلامه وصلبه بفرح !
لا تحرم نفسك من التمتع بإكليل الشركة مع صليب مسيحك !
من السهل جداً أن تُسبح الرب وتصلي بالمزامير وتدخل في تأملات وهي أمور ضرورية ... لكن بدون الألم كيف تشارك المصلوب حبه الباذل ؟!
أيها الطويل الأناة هب لي طول أناتك !
هب لي أن أتهلل في طريق صليبك !
لتمتزج عبادتي بشركة آلامك ، فتتهلل أعماقي بك على الدوام !