|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما بين الألم والإيمان - أين إيمانكم
[ ثم قال لهم أين إيمانكم ] (لوقا 8: 25)
وهكذا يعلو صوتنا بصراخ وأنين قلب متوجع كثيراً، وشكوانا لا تكف عن أن تعلو، وكثيرون يرتدون عن الإيمان بالله، وكثيرون يقولون أن المسيحية كلام وفكر لا تصل لمستوى الواقع العملي المُعاش، وكل تأثيرها نفسي يأتي من فوق المنابر، التي أصبحت مجرد بوق يخرج نغم يدغدغ المشاعر ويُثير العاطفة التي تذهب بزوال المؤثر، لأن كثيراً ما نسمع عن أمجاد الآلام وكم ينبغي أن نتقبلها، وتُسرّ قلوبنا حينما تسمع [ مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ]، والكل يتعلم هذا الكلام ويقوله عندما يجتمع مع المتألمين وعلى الأخص أن كان خادم، مع أنه هو على المستوى الشخصي أن مسته الآلام فعلاً يبدأ في الأنين ومُرّ الشكوى، لأن الكلام لم يتحول فيه لخبرة حقيقية ليبلغ ما بلغه القديس بولس الرسول: [ لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه مُتشبهاً بموته ]، لأن شتان ما بين الفكر والقدرة على الكلام من فوق المنابر أو بالجلوس فوق الكراسي والذهاب للبيوت أو الحديث على النت، وبين تقبل الآلام فعلياً على مستوى واقع حياتنا المُعاشة، فما أسهل الكلام عن الآلام والضيقات وكيفية تقبلها وما أصعب قبولها على المستوى الشخصي في الواقع العملي... عموماً – بدون تطويل – أن المشكلة تنحصر كلها في الإيمان الحي، وليس الإيمان النظري، فالإيمان الحي هو علاج القلب وشفاؤه، ويقول الأب يوحنا الدرجي: [ الإيمان هو وقفة النفس ثابتة لا تزحزحها أية بلية أو محنة. ذو الإيمان الحق ليس هو الذي يفتكر أن كل شيء ممكن لدى الله، بل الذي يرى وجوب قبول كل شيء من يد الله ]، لأن الإيمان الحي ليس قفزة في الظلام، بل هو الدخول في النور، وانفتاح بصيرة ليرى الإنسان مجده الخاص في شخص المسيح القيامة والحياة... [ الله لنا ملجأ وقوة عوناً في الضيقات وجد شديداً، لذلك لا نخشى ولو تزحزحت الأرض ولو انقلبت الجبال إلى قلب البحار، تعج وتجيش مياهها تتزعزع الجبال بطموها ...لذلك يا إخوتي بكل ثقة الإيمان الحي ينبغي لنا كما قال الرسول: [ فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه ] (عبرانيين 4: 16)، [ وهذه هي الثقة التي لنا عنده أنه إن طلبنا شيئا حسب مشيئته يسمع لنا ] (1يوحنا 5: 14) ومشيئة الله أن نتوب ونعيش بالإيمان لنلبس قوته وندخل في سرّ الصليب لنموت ليُحقق ملكوته في داخلنا ويصب حياته فينا، فأن طلبنا هذا ببساطة قلب وتواضع لأننا نحتاج لله فعلاً ونُريد أن يكون لنا شركه معه، أكيد سيسمع لنا، ونحيا في فرح الرجاء الحي بيسوع إلهنا ... يقول القديس مقاريوس الكبير: [ إن الرب يُطيل أناته علينا ويمتحن إيمان مشيئتنا ومحبتنا لهُ امتحاناً. فيجب علينا أن نُزيد اجتهادنا ومثابرتنا في طلب النعم والمواهب، مؤمنين وواثقين ثقة كاملة بأن الله أمين في وعده وهو يُعطي نعمته للذين يُداومون على الطلب بإيمان إلى المنتهى صابرين بغير تقلقل ] واحذروا يا إخوتي لأن هناك من يسمع كلمة [صلي] يأخذها باستهتار كما نسمع من البعض [ لا تقل لي صلي لأني جربت ومش نفع ]، ومشكلة هذه العينات أنهم وضعوا في قلبهم بتأكيد تام أن صلاتهم لن تُستجاب؛ فالذي يقف امام الله أو يسمع أطلبوا الرب وقد وضع في قلبه أنه لن يسمع لهُ وأنه لن يأخذ شيئاً، لأن لله رجال معينين فقط هما الذين ينالوا منه، فقد صار هذا الشخص في شقاء عدم الإيمان، فالبائس في حياته هو الذي يُصلي ولا يؤمن أنه سيحصُل على جواب، وطبعاً ليس أي سؤال يُستجاب من الله، والقديس باسيليوس الكبير يوضح لك بقوله: [ إذا كان سؤال حسب مشيئة الله ومرضاته، فلا تكف عن السؤال حتى تناله. الرب نفسه لكي يلفت نظرنا إلى هذا قال مَثل الرجل الذي تحصَّل على الخبز في نصف الليل من صديقه بلجاجته (لوقا 11: 5) ] ويقول الأب يوحنا الدمشقي: [ وحتى إذا لم تأخذ طلبتك كما تود وترغب، حصلت على المنفعة. لأن عدم نوالك ما تشتهي يُفيد غالباً أنك نلت أحسن مما اشتهيت ] ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [ الله يعرف الساعة بالضبط التي إذا ما أعطانا فيها الشيء يكون حينئذٍ ذا نفع لنا. الطفل يُصيح ويغضب ليأخذ السكين ! والمحبة الأبوية تأبى إعطاءه إياها. هكذا الرب يُعاملنا مثل هذا، فهو يُعطينا أحسن مما نطلب ] ويقول أيضاً: [ إذا أخذنا ما نطلبه أو لم نأخذه يجب أن نبقى في الصلاة. ليتنا نشكر ليس فقط حينما نأخذ ولكن حينما لا نأخذ أيضاً. لأننا لا نعرف ما هو الصالح لنا بل الله. لذا فيجب أن نعتبر الأخذ وعدم الأخذ نعمة متعادلة ونشكر الله من أجل هذه وتلك ] ويقول الأب يوحنا الدرجي: [ حينما تدوم طويلاً في الصلاة لا تقل إني لم أستفد شيئاً. لأنك ها قد استفدت بالفعل الاتصال والثبوت في شركة غير منقطعة معهُ ] عموماً باختصار شديد وتركيز، يقول الأب يوحنا كرونستادت: [ الأمانة (الإيمان) هي مفتاح كنوز الله. وهي تسكن القلوب البسيطة الرحومة التي تُصدق وتؤمن " كل شيء مستطاع لدى المؤمن ". الإيمان هو فم الروح، كلما انفتح بسخاء انسكبت فيه الينابيع الإلهية؛ آه .. ! ليت هذا الفم يكون على الدوام مفتوحاً، فلا تحبسه شفتا الشك وعدم الإيمان فتنحبس عنا كثرة أنعام الله. كلما فغرت فاك وأخلصت بأمانتك في قدرة الله اللانهائية، انفتح قلب الله لك بالجود والسخاء ] ولنا أن نصغي لكلمة الرب يسوع لمريم قبل أن يُقيم لعازر قائلاً لها ولنا بالضرورة [ قال لها يسوع ألم أقل لك أن آمنتِ ترين مجد الله ] (يوحنا 11: 40) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يارب من أجلنا نحن الباقين أوقد في قلوبنا شعلة الأمل والإيمان |
طوبى لقلوب تحمل لنا الأمل والإيمان |
أين إيمانكم؟ |
ما بين الألم والإيمان أين إيمانكم |
أين إيمانكم؟! |