|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوئيل "ويكون بعد ذلك أنى أسكب روحى على كل بشر" " يؤ 2 : 28 " مقدمة لا نكاد نعرف شيئاً كثيراً عن يوئيل النبى ، فهو من الأنبياء الذين يختفون ليظهر ضوء الرب ونوره ، من غير إشارة إلى المشعل الذى يحمل الضوء واسمه يكاد يشير إلى هذه الحقيقة ، إذ أن اسمه يعنى « الرب هو اللّه » ، وهو من الشخصيات التى لا يعرف بالضبط تاريخها ، فبينما يرد البعض نبوته إلى سنة 810 ق.م ، يعتقد آخرون أنه على العكس من ذلك ، يأتى متأخراً جداً ، ولعل موطن الخلاف بين الأثنين ، هو أنه لا يكاد يظهر من نبوته أثر للانقسام بين المملكة الجنوبية والشمالية ، فرسالته شاملة ليهوذا وإسرائيل معاً ، وإن كان من المرجح أنه عاش فى أورشليم ، ورسالته أدنى إلى المملكة الجنوبية ، غير أن هذا الرجل العجيب ، تتلخص حياته فى كلمة واحدة إذا شئنا الحقيقة : « النصر » فهو نبنى النصر ، سواء جاء مبكراً أو متأخراً بين الأنبياء الصغار ، .. ومن الغريب أن هذا النصر يأتى لاحقاً لخراب شامل لا يبقى ولا يذر ، فمطلع نبوته عن الخراب والدمار والهزيمة القاسية ، لكن هذا الخراب قاد الأمة إلى التوبة ، وجاء روح اللّه ، فى الأرض الخربة ، كيوم الخمسين ، ليصنع من قلب الخراب ، نصراً عظيماً ، ... كان فى وسط الأنقاض ينادى بالنصر ، وكما عاد المسبيون إلى ديارهم بعد الخراب الشامل ، ... وكما نبتت الكنيسة يوم الخمسين من قلب أمة مستعمرة خربة ، لتغزو العالم كله ، فإن نبوة يوئيل تمتد إلى آخر الأيام ، حيث تخرج كنيسة المسيح منتصرة انتصارها الكامل على الشر والخراب فى العالم .إن قصة هذا الرجل ، ورسالته من ألمع القصص والرسالات التى ينبغى أن نراها ونتأملها ونحن نعالج الشخصيات الهامة فى كتاب اللّه ، ولذا يحسن أن نراه فيما يلى : يوئيل والخطية القاتلة كان يوئيل ، أشبه بالإنسان الذى يمشى بين الخرائب والأنقاض ، ولو أنه كان مجرد كاتب من كتاب التاريخ ، لحدثنا فقط عن نوعين من الخراب ألما بالبلاد ، وأتيا على الأخضــــــر واليابس ، وهما : حرب الطبيعة ، وحرب الإنسان ، ... فالطبيعة تتمثل فى غزوة الجراد ، والحرب تظهر فى انقضاض العدو ، وليس هناك وصف أرهب أو أقسى من وصف يوئيل لكليهما ، ففى الأصحاح الأول ، نرى غارة رهيبة مروعة استخدام فيها اللّه جيشه العظيم ، من الجراد ، من القمص ، والزحاف ، والغوغاء ، والطيار - أربعة أنواع من الجراد بحسب ألوانها ونضوجها ، وغارات الجراد رهيبة ومفزعة لم تبق على شئ ، فالكرمة خربت ، والتينة تهشمت ، وقد تقشر كل شئ ، وطرح ، ولم تبق هناك سوى القضبان البيضاء الخالية من الورق والثمر معاً ، ... ولم تكن هناك تقدمة يمكن أن تقدم لبيت اللّه ، بعد أن ضاع المحصول وتلف الزرع بأكمله : « انقطعت التقدمة والسكيب عن بيت الرب ، ناحت الكهنة خدام الرب » ... « تنطقوا ونوحوا أيها الكهنة ، ولولوا ياخدام المذبح ، أدخلوا بيتوا بالمسوح يا خدام إلهى لأنه قد امتنع عن بيت إلهكم التقدمة والسكيب » " يؤ 1 : 9 و 13 ) كما أن الفلاحين استولى عليهم البؤس والضيق : « خجل الفلاحون ، ولول الكرامون على الحنطة وعلى الشعير ، لأنه قد تلف حصيد الحقل . الجفنة يبست والتينة ذبلت .. الرمانة والنخلة والتفاحة ، كل أشجار الحقل يبست . إنه قد يبست البهجة من بنى البشر » .. " يؤ 1 : 11 و 12 " « أما انقطع الطعام تجاه عيوننا ، الفرح والابتهاج من بيت إلهنا ، عفنت الحبوب تحت مدرها . خلت الأهراء . انهدمت المخازن ، لأنه قد يبس القمح ، كم تئن البهائم ، هامت قطعان البقر لأن ليس لها مرعى ، حتى قطعان الغنم تغنى . إليك يارب أصرخ لأن ناراً قد أكلت مراعى البرية ، ولهيباً أحرق جميع أشجار الحقل، حتى بهائم الصحراء تنظر إليك لأن جداول المياه قد جفت والنار أكلت مراعى البرية». " يؤ 1 : 16 - 20 " . وفى الأصحاح الثانى وصف مروع رهيب للغزو الحربى : « شعب كثير وقوى لم يكن نظيره منذ الأزل ، ولا يكون أيضاً بعده إلى سنى دور فدور . قدامه نار تأكل ، وخلفه لهيب يحرق ، الأرض قدامه كجنة عدن وخلفه قفر خرب ، ولا تكون منه نجاة كمنظر الخيل منظره ومثل الأفراس يركضون كصريف المركبات على رؤوس الجبال يثبون . كزفير لهيب نار تأكل قشاً . كقوم أقوياء مصطفين للقتال . منه ترتعد الشعوب، كل الوجوه تجمع حمرة يجرون كأبطال . يصعدون السور كرجال الحرب ،يمشون كل واحد فى طريقه ولا يغيرون سبلهم، ولا يزاحم بعضهم بعضاً ، يمشون كل واحد فى سبيله وبين الأسلحة يقعون ولا ينكسرون ، يتراكضون فى المدينة ، يجرون على السور يصعدون إلى البيوت ، يدخلون من الكوى كاللص . قدامه ترتعد الأرض وترجف السماء ، الشمس والقمر يظلمان والنجوم تحجز لمعانها ، والرب يعطى صوته أمام جيشه . إن عسكره كثير جداً . فإن صانع قوله قوى لأن يوم الرب عظيم ومخوف جداً فمن يطيقه » " يؤ 2 : 2 - 11 " ... ومن المعتقد أن هذا وصف من أرهب وأقسى الأوصاف القديمة التى حملها التاريخ لنا عن الحرب !! ... على أنه من اللازم أن نشير إلى أن غزو الطبيعة ، أو غزو الحرب ، ليس مجرد أحداث شاءها سوء الظروف أو الطالع ، أو نتيجة لهذا أو ذاك من ظواهر الطبيعة ، أو علاقات الناس بعضهم بالبعض ، إن الأمر عند يوئيل أعمق من ذلك كثيراً ، .. إنه نتيجة الخطية القاتلة الرهيبة ، ... وإن يوم الرب بهذا المعنى ، هو ذلك اليوم الذى يأتى فيه الرب ، قاضياً دياناً ، ليعاقب الخطية الفجور والفساد بين الناس ، فى أى مكان وزمان ، وفى الوقت عينه هو صورة ورمز ليوم الدينونة الأخيرة ، عندما يضرب اللّه ضربته الكاملة للخطية ، وحيث يقول الأشرار للجبال أسقطى علينا وللآكام غطينا من وجه الجالس على العرش ومن غضب الحمل !! .. يوئيل والتوبة الصادقة على أن يوئيل - وهو يتحدث عن الخطية التى تجلب كل هذا - يتحول فجأة من الظلام الرهيب ، ومن الغيوم الشديدة ، إلى نور الشمس المشرقة ، وإلى رضا الساكن فى الأعالى ، ويكشف عن روح اللّه الذى سيأتى بجلاله ومجده ، ليغير كل شئ ، ويقلب الأمور رأساً على عقب ، أو بتعبير أصح ، ليعيد الأمور إلى وضعها الصحيح ، بعد أن قلبتها الخطية تماماً ، ونحن لا نستطيع أن نرى الأمور فى وضعها الصحيح دون أن نربط بين النبوة كما تنبأ لها بها يوئيل ، وتحقيقها فيما حدث يوم الخمسين ، كما جاء فى عظة بطرس الرسول . ولعله من المناسب أن نشير إلى أن يوم الخمسين ، كان العيد الثانى الرئيسى عند اليهود ، فالعيد الأول هو عيد الفصح ، والثانى عيد الأسابيع ، والثالث عيد المظال ، وإذا كان الفصح عندهم رمز للتحرر من أرض مصر وعبوديتها ، والمظال إعلاناً عن الشكر لراحتهم واستقرارهم فى أرض كنعان فإن عيد الأسابيع كان يشير إلى حقول الحنطة التى ابيضت للحصاد ، ولذا كانوا يدعونه أيضاً عيد الحصاد أو يوم الباكورة ، وكان يبدأ غد السبت السابع لسبت الفصح ، أو بعد خمسين يوماً من ابتداء المنجل فى الزرع والتقليد اليهودى يعتقد أنه اليوم الذى نزلت فيه الشريعة على جبل سيناء . ومن ثم كان يوم الخمسين أنسب الأيام لانسكاب الروح القدس ، وميلاد الكنيسة المسيحية ، وباكورة الحصاد الهائل فى العالم والتاريخ والأجيال !! .. وهنا نحن نقف وجهاً لوجه أمام قوة الروح القدس ، فإذا كانت الخطية قد خلفت الخراب والمجاعة فى غزوة الجراد الرهيبة ، فإن روح اللّه قد جاء بالإثمار والحصاد العظيم الهائل ، ... وإذا كانت الخطية قد تركت الهزيمة القاسية ، فإن روح اللّه - على العكس - يخرج النصر العظيم ، ... ويوئيل هنا يكشف عن عصر الروح القدس ، العصر الذى لا يعمل فيه الروح فى حدود جزئية ، كما كان يحل على الأنبياء أو المكلفين برسائل معينة من اللّه ، وقد يكون هذا الحلول وقتياً لكنه يكشف عن الانسكاب الكامل الذى لا يفرق بين البشر ، سواء من ناحية الجنس أو السن أو المجتمع : « إنى أسكب روحى على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم روئ ، وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحى فى تلك الأيام » " يؤ 2 : 28 و 29 " .. والروح القدس عندما جاء غير كل شئ ، وكان مصحوباً بالآيات والعجائب ، فإذا كان قد أعطى البركة من جانب ، فإنه من الجانب الآخر قد قضى بالدينونة على أورشليم الرافضة : « وأعطى عجائب فى السماء والأرض دماً وناراً وأعمدة دخان ، تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجئ يوم الرب العظيم المخوف » " يؤ 2 : 30 و 31 " ... ومن العجيب أن يوسيفوس المؤرخ اليهودى ، وتاسيتوس المؤرخ الرومانى - قد تحدثا عن الظواهر العجيبة التى صاحبت حصار أورشليم . وقت أن دمرها الرومان ، عندما تصاعد فيها الدم والنار وأعمدة الدخان ، والمدينة فى طريقها إلى نهايتها الرهيبة ، كما حدثانا عن كسوف فى الشمس وخسوف فى القمر الذى أضحى لونه فى لون الدم ، ... ومع أن هذا الرأى يلفت النظر إلى ما سيكون فى يوم الدينونة الأخيرة من ثورات الطبيعة الرهيبة ، إلا أننا نرجح ما يذهب إليه كثيرون من المفسرين ، من أن المعنى هنا رمزى ، والشموس والكواكب هى الصور الهائلة عن التغييرات التى تحدث عندما تهزم المسيحية الدولة الرومانية ، فتنهار نظمها وأكبر الشخصيات التاريخية فيها ، ويتمخض التاريخ عن أعجوبة العجائب ، ونعنى بها مسيحية الصيادين والفقراء ، التى أسقطت قياصرة الرومان ، وجبابرة الإمبراطورية العاتية تحت أقدام الناصرى العظيم ، .. وعندما جاء روح اللّه ، كان أظهر ما عمله هو تغيير الحياة بالتوبة الصحيحة ، أو كما جاء فى أعمال الرسل : « فلما سمعوا نخسوا فى قلوبهم »" أع 2 : 37 " أو كما جاء فى طلب اللّه على لسان يوئيل : « ولكن الآن يقول الرب : ارجعوا إلى بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح ، ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم ، وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطئ الغضب وكثير الرأفة ويندم على الشر . لعله يرجع ويندم فيبقى وراءه بركة تقدمة وسكيباً للرب إلهكم » ... " يؤ 2 : 12 - 14" ولعلنا نلاحظ أن اللّه وهو يطلب تمزيق القلب لا الثياب ، لا يقصد إتمام ذلك حرفياً ، كأن يمسك الإنسان خنجراً أو سكيناً وينهال بها على قلبه بطعنات قاتلة ، ولكن المعنى المقصود مجازى رمزى ، تعبيراً عن أعمق حزن يمكن أن يتخيله الإنسان . فإذا كانت العادة فى القديم أن الإنسان يمزق ثيابه ، أو يتغطى بمسح تعبيراً عن الحزن القاسى أو الدفين ، فإن اللّه لا يرضيه هذا المظهر ، إذ أنه يطلب الحزن الداخلى القلبى العميق ، ... أو فى عبارة أخرى ، إن هناك أشياء كثيرة فى حياتنا الروحية الداخلية ، يلزم تمزيقها بالتمام !! .. فالخطية بكل صورها ومشتهياتها يلزم أن تمزق ، وكل أصنام رابضة فى القلب ، يلزم أن تطرح وتحطم ، ... إلتقى رجلان عاشا فى الهند لمدة ثلاثين عاماً ، وقال أحدهما - وقد كان يهوى صيد الحيوانات والوحوش البرية - لقد عشت فى الهند ثلاثين عاماً أصطاد فيها النمور ، وقال الثانى وكان مرسلا : لقد عشت فى الهند ثلاثين عاماً دون أن أرى نمراً واحداً !! ... وما أكثر الحيوانات الرابضة فى أعماقنا ، ويلزم أن نمزقها من قلوبنا تمزيقاً دون أدنى شفقة أو تهاون أو تقاعس أو ترفق !! .. يوئيل والنصر العظيم آمن يوئيل بالنصر وهو يمد بصره إلى آخر الأيام ، ولئن كانت رؤياه قد تحققت جزئياً فى الشعب اليهودى ، ولاحت تباشيرها فى يوم الخمسين ، كما عند سقوط أورشليم وتدميرها على يد تيطس الرومانى ، إلا أن النبوة فى كمالها تأتى بنا إلى آخر الأيام عندما تسقط الخطية نهائياً وإلى الأبد ، ولعل الدراسة الواعية للأصحاح الثالث من يوئيل ، تأتى بنا إلى حقائق عظيمة : قائد النصر والقائد هنا ، ليس إنساناً بشرياً ، بل هو اللّه العلى بنفسه ، والمعركة أساساً معركته ، ومن ثم نجده يقول : « شعبى » ... « ميراثى » « فضتى » .. « ذهبى » ... « نفائسى الجيدة » ... وهو يدخل المعركة - لا لمجرد أن يتمم العدالة والكرامة والحق ، بين ظالم ومظلوم ، وبين صاحب حق ، والمعتدى على هذا الحق - بل لأنه هو اعتدى عليه ، وجرح فى مركزه وكرامته ومجده ، ... وهو لا يمكن أن يهدأ على الإطلاق قبل أن يصحح هذا الوضع والأمر ، بالضبط ، أشبه بمن يلقى حجراً إلى أعلى ، ومهما يرتفع الحجر فلابد أن يعود إلى الأرض ، مأخوذاً بقانون الجاذبية وسلطانها ، .. ومهما يحاول آلإنسان أن يقاوم هذه النواميس الطبيعية ، فإنها ستتغلب عليه آخر الأمر ، لتضع المقاومة فى وضعها الصحيح ، طال الزمن أو قصر !! ... وثمة أمر آخر فى القائد ، إذ أنه القائد المحب الذى لا يهتم بالمجموع فحسب ، بل بكل فرد على حده ، إذ لكل واحد منا مكانه الثابت عنده ، وهو لهذا لا يقول شعبى فحسب ، بل يذكر أيضاً « الصبى » و « البنت » أو أصغر من فى هذا الشعب ، أو أقلهم حظاً من الحياة ، ... إنه القائد الذى اندمج فى جنوده ، وهو يخاطب الأعداء : « ماذا أنتن لى يا صور وصيدون وجميع دائرة فلسطين » " يؤ 3 : 4 "... وهو هو بعينه الذى قال : « لأنى جعت فأطعمتونى ، عطشت فسقيتمونى ، كنت غريباً فآويتمونى ، عرياناً فكسوتمونى مريضاً فزرتمونى ، محبوساً فأتيتم إليّ .. بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتى هؤلاء الأصاغر فبى فعلتم » .. " مت 25 : 35 - 40 "« شاول شاول لماذا تضطهدنى ؟! .. صعب عليك أن ترفس مناخس » .. ( أع 9 : 4 و 5 ) وهو القائد المظفر : « والرب من صهيون يزمجر ومن أورشليم يعطى صوته فترجف السماء والأرض » .. " يؤ 3 : 16 " إنه الأسد الخارج من سبط يهوذا !! … وإذا كان نابليون قد عد من عباقرة الحروب ، لأنه كان يعتقد قبل أن يدخل المعركة ، أن النصر لابد أن يواتيه ، ولكن نابليون هزم فى موسكو أشر هزيمة ، وعندما سئل لماذا هزم !! .. أجاب : لقد هزمنى الجنرال يناير أو برد الشتاء القارص ، وانتهت عبقريته إلى سانت هيلانة ، حيث عاش يلعق مرارة الهزيمة حتى الموت ، … لكن قائدنا دائماً حى ، وقادر على كل شئ ، وخرج غالباً ولكى يغلب!! .. أعداء النصر وقد وصف يوئيل أعداء النصر وصفاً دقيقاً ، إذ هم أولا الأعضاء الفاسقون ، عبيد الفسق والخمر الذين « أعطوا الصبى بزانية وباعوا البنت بخمر ليشربوا » " يؤ 3 : 3 " . أى أنهم باعوا الصبى الصغير من أجل شهوة الفسق مع زانية ، وباعو البنت الصغيرة من أجل كأس من الخمر ، أو فى عبارة أخرى ، أنهم عبيد الاستباحة والشهوة والمجون ، والعربدة والفساد ، ... كان نلسون سيد البحار وعبد المرأة ، ... وقد قال روبرت برنز ، الشاعر المجيد ، الذى هز مشاعر اسكتلندا : إنه لو دخل إلى غرفة ورأى فى ركن برميلا من الخمر ، وفى الركن الآخر مدفعاً يهدد من يقف إلى جواره ، بأنه سيطلقه على من يشرب المسكر ، فإنه لا يتردد فى الشرب حتى ولو كان يواجه الموت لا محالة !! .. . ولم يستطع أدجار ألن بو » أعظم كاتب للقصة القصيرة فى أمريكا ، التخلص على الإطلاق من الإدمان على المسكر ، ... وكان الأعداء ، أعداء قساة ، والشر دائماً يقسى القلب : « وألقوا قرعة على شعبى » .. عندما اقتسموا غنائمهم التى غنموها بفرح وبهجة وهم يقترعون على الضحايا وأموالهم !! .. وكان الأعداء أيضاً هم الأعداء اللصوص : « أخذتم فضتى وذهبى وأدخلتم نفائسى الجيدة إلى هياكلكم » ، واللصوصية سمة أعداء اللّه فهم سارقون لكل شئ للحياة ، والوقت ، والمال والمواهب ، والوزنات ... وهم - إلى جانب ذلك - الأعداء الظالمون : « من أجل ظلمهم لبنى يهوذا » ... وهل يمكن أن يكون الخاطئ القاسى الشهوانى اللص إلا ظالماً ومستبداً ، ... قيل إن روما صنعت تمثالا لأحد العشارين ، لأنه كان الوحيد الذى يجبى الأموال بالعدل !! .. وهم آخر الأمر الأعداء الوثنيون الذين أدخلوا نفائس الرب إلى هياكلهم ، كانو لصوصاً وفجاراً وأثمة وأشراراً ، ... فمن الغريب أن يكون لهم أيضاً هياكل !! ... أبطال النصر على أنه من الوجهة الأخرى ، كان هناك أبطال النصر الذين أطلق عليهم الوحى « الأبطال » ... وفى الواقع أن الذين يحاربون من أجل اللّه هم الأبطال حقاً : « إلى هناك أنزل يارب أبطالك » " يؤ 3 : 11 " وبطولتهم هى البطولة الحقيقية لا الزائفة ، ومن يضارع فى البطولة يوسف ، وموسى ، وداود وبطرس ، ويوحنا ، وبولس ؟ … ، ونقرأ فى سفــــر الرؤيـــا فى الأصحـــاح التاســع : «وشكل الجراد شبه خيل مهيأة للحرب ، وعلى رؤوسها كأكاليل شبه الذهب ووجوهها كوجوه الناس» ، وهى صورة الأكاليل التى توضع على رؤوس الأبطال الزائفين فى الأرض ، وهى ليست ذهباً ، بل هى » شبه الذهب » لأنها بطولة زائفة كاذبة ، أما أبطال اللّه الذين يقفون إلى جانب الحق مهما كان ضعفهم ، فليقل الضعيف فيهم بطل أنا !! .. معركة النصر وهى الحرب الضروس الشاملة للعالم كله : « أجمع كل الأمم .. جماهير » " يؤ 3: 2 - 14 " وهى ليست قاصرة على جماعة دون جماعة ، أو على أمة دون أمة ، ... كانت الحروب القديمة تقوم فى نطاق محدود ، ثم أخذ هذا النطاق يتسع حتى عرفنا الحروب العالمية ، ... وإذا كان العالم ينقسم الآن إلى كتلتين رهيبتين ، بينهما دول أطلقت على نفسها « الدول غير المنحازة » ، ... إلا أن معركة الخير والشر لا يمكن أن يكون فيها شئ اسمه الحياد أو عدم الانحياز ، لأن من ليس معنا فهو علينا ، ... ولا مهرب من الوقوف إلى جانب الخير أو جانب الشر !! .. إنها فى الواقع ، المعركة المقدسة . لقد تصور البعض أن القول : « اطبعوا سكاتكم سيوفاً ومناجلكم رماحاً ، ليقل الضعيف بطل أنا » يقصد به الأعداء الذين يشددون بعضهم بعضاً ، غير أن الراجح أنه نداء اللّه لجميع المؤمنين للدخول فى المعركة ، وأن آلات الاقتصاد فى الزرع والحصاد ينبغى أن تتحول إلى أداة للحرب ، أو فى عبارة أخرى ، بالمقابلة مع لغة ميخا وإشعياء ، والتى قيل فيها يطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل ، من واجب المؤمنين أن يكرسوا كل جهدهم للمعركة المقدسة ، ... فالوقت والمال والجهد وكل قوة ينبغى تكريسها لهدم سلطان الشر فى الأرض ، ... وعلينا فى كل الظروف أن ندرك أن يد اللّه متدخلة فى كل شئ ، .. وكما حدث فى وادى يهوشافاط حين آمن هذا الملك بالنصر حسب وعد اللّه له عندما تألب عليه المؤابيون والأدوميون والعمونيون ، وساعد بعضهم على إهلاك بعض ، ولم يفعل يهوشافاط أكثر من الترنم والصلاة ، ... هكذا يحدث معنا فى كل العصور ، وهكذا سيحدث فى اليوم الأخير ، عندما نرنم ترنيمة موسى والحمل !! .. مجد النصر بدأ يوئيل نبوته بالحرب والخراب ، وانتهى بالجلال والمجد : « ويكون فى ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماء ومن بيت الرب يخرج ينبوع ويسقى وادى السنط » " يؤ 3 : 18 " - أو فى عبارة أخرى - إن الأرض التى ضربت باللعنة ، وضاع منها الفردوس الأرضى ، بسبب خطية الإنسان ، تعود مرة أخرى ، لتأخذ مجدها العظيم ، فى الأرض الجديدة والسماء الجديدة، عندما تكمل قصة الفداء ، فإذا كان لنا أن نحلل هذا المجد كما جاء على لسان النبى ، ... فهو فى الواقع مجد البطولة وهى بطولة الأحياء ، وليست بطولة الموتى،... وإذا كانت انجلترا قد أكرمت أبطالها ، إذ دفنت فى مقابر وستمنستر أولئك الذين أدوا أعظم الخدمات للامبراطورية البريطانية ، وبقى رفاتهم مزاراً يذهب إليه الناس ليروا أعظم الرجال والأبطال... إلا أن مجد النصر الإلهى أعظم وأكمل وأمجد ، لأنه مجد الأبطال الخالدين الذين كتبت أسماؤهم فى سفر الحياة ، وقد اجتازوا الموت إلى الخلود بيسوع المسيح ، وأعطاهم اللّه مجد التشبه به ، والسير فى معيته ، وخدمته ، ... ومهما عانوا من متاعب ومعارك فى الحياة ، ... فإنهم لا يملكون إلا أن يصيحوا مع ذلك البطل القديس ، والذى كان واحداً من أغنياء لندن ، ولكنه استمع إلى نداء المسيح ، فترك الثروة والغنى ، والجاه والنفوذ والسلطان ، وعاش فى خدمة اللقطاء ، ... وفى أخريات حياته ، وهو يموت شبه وحيد فى أحد المستشفيات قال له أحدهم : لقد كان من الممكن أن تقضى حياة أكثر ظهوراً وبروزاً ومجداً ، فلماذا دفنت نفسك بين اللقطاء؟!!.. وأضاء وجه الرجل وهو يقول : إن الذى علق على الصليب أمسكنى ، وما كنت لأهرب ، ولم أندم لأنى قضيت حياتى لمجد ابن اللّه فى الأرض !! .. |
28 - 08 - 2013, 07:19 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: يوئيل النبي
ميرسي كتير ربنا يبارك خدمتك الجميلة
|
|||
31 - 08 - 2013, 09:07 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: يوئيل النبي
شكرا على المرور
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يوئيل النبي يوئيل ابن فنوئيل هو صاحب النبوة الثانية |
النبي يوئيل |
يوئيل النبي |
يوئيل النبى |
يوئيل النبى |