|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شمعي المنافق قضى على الثورة في مهدها، وأدرك شمعي أنه قامر وراهن على الفرس الخاسر، وأسرع لمواجة الموقف فجمع ألفاً من البنياميين ونزل مع رجال يهوذا للقاء الملك، وسقط على وجهه أمام داود واعترف بإثمه وافتراءه، وطلب العفو والصفح والغفران، وهنا يظهر مرة أخرى أبيشاي طالباً القضاء عليه،.. ولكن الملك كان في تلك اللحظة مأخوذاً، مشدود النفس، لا يرغب في توسيع الجراح أو مدها، أو إراقة دماء أخرى بعد مصرع ابنه، فرفض أن يرى نقطة أخرى من دم تراق في يوم النصر، وحلف للرجل ألا يقتله، خاصة وهو لا يأتي بمفرده، بل يأتي بأسلوب ماكر بألف رجل بنياميني معه،.. ومع أن انبطاحه أمام الملك، واعترافه الكامل بإثمه، وطلبه العفو يمكن أن تكون هذه أركان توبة صحيحة لو أنه كان في الداخل، كالخارج قد تاب حقاً، ولم تأت التوبة نتيجة خوفه من الملك وليس حباً فيه، أو رغبة في الولاء له،.. إن توبة شمعي في تصورنا أشبه بتوبة عيسو التي لم تأت إلا لإحساس الندم على الخسارة التي ألمت به لفقدان البركة: "فإنكم تعلمون أنه أيضاً بعد ذلك لما أراد أن يرث البركة رفض إذ لم يجد للتوبة مكاناً مع أنه طلبها بدموع ".. ومع أن داود وعده، وحافظ على وعده معه طيلة حياته، وعفا عنه بقسم أمام الرب... إلا أن السؤال مع ذلك يبقى: ولماذا لم ينس داود مع عفوه هذا عمل الرجل، وذكره لابنه سليمان وهو في ضجعة الموت، طالباً منه أن يتصرف معه بالحكمة، وبالكيفية التي تجعله يحدر شيبته بالدم إلى الهاوية؟؟.. أهو الضعف البشري الذي فرق بين داود في العهد القديم وابن داود في العهد الجديد؟؟ وأن المسيح ارتفع بنا إلى صفح غير المحدود والشامل والكامل، إذا قورن بصفح العهد القديم المحدود والجزئي والناقص؟!!.. أم هي التفرقة التي يدعو إليها بين الإساءة الشخصية إلى داود، والإساءة إليه كمسيح الرب،.. وأنه إذا كان يملك العفو عن الإساءة الشخصية التي توجه إليه كشخص، فإنه لا يملك العفو عن الإساءة التي وجهت إليه كمسيح الرب،.. وهو يطلب أن يتعامل معه بالحكمة التي لا تجعله ينسى أنه كيوآب ثار على الملك الشرعي الممسوح من الله، وعقابه حسب الناموس الموت؟!!.. أم أن الوصية كانت منصرفة أساساً إلى خطورة الرجلين على سليمان كملك، وأنهما أشبه بالحية التي لا يؤمن جانبها، مهما كان مظهرها أملس ناعماً، وما أسرع ما تلدغ متى واتتها الفرصة، وعلى سليمان أن يتعامل معها بكل حكمة وفطنة كما يتعامل من الأفعوان الخطر؟!!.. قد يكون الجواب في واحد من هذه، أو فيها جميعاً معاً،.. لكننا نعلم -على أي حال- أن الرجل كان مرائياً منافقاً يبطن غير ما يظهر، وهو على استعداد الطاعة فقط في الظاهر دون الخفاء، وقد أطاع كارهاً ما أمره به الملك سليمان في البقاء في أورشليم دون الخروج منها، حتى اضطر إلى الخروج بحثاً عن عبدين هاربين، ولم يدر أنه هو كان عبداً هارباً من وعده، والرياء أو النفاق لابد له من عقاب طال الزمن أو قصر!!.. وانتهت قصة شمعي بقتله، وحصد الرجل ما زرع، وكان لابد أن يكون الحصاد من نفس الزرع لأنهم لا يمكن أن يجتنوا التين أو العنب من الشوك أو الحسك!!... ولعل القصة بعد هذا كله ترينا أن الخطأ -مهما كان يسيراً أو جسيماً- لا يمكن علاجه بالنفاق والرياء، بل على العكس سيتحقق الخلاص بالاتضاع والتسليم والصدق والصراحة،.. لقد كانت خطية داود أشنع بما لا يقاس من خطية شمعي، وقد قبل داود من الله ما فعل به شمعي بكل صبر وتسليم وكأنما يقول: "صمت لا أفتح فمي لأنك أنت فعلت" ورفع الرب عن كاهله المحنة القاسية: "لأنه إن لامتنا قلوبنا فالله أعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء". وعلى العكس فليس أقبح أمام الله من الرياء، وحق للسيد المسيح أن يصف نهاية العبد الرديء الشرير الذي يضرب رفقاءه بالقول: "يأتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره، وفي ساعة لا يعرفها فيقطعه ويجعل نصيبه مع المرائين" وهكذا كان نصيب شمعي بن جيرا كواحد من أظهر المرائين وأخسهم وأوضعهم في كل التاريخ!!.. |
27 - 06 - 2013, 05:34 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: شمعي المنافق
أشكرك جدا جدا موضوع قمة فى الروعة ربنا يباركك
|
||||
27 - 06 - 2013, 08:46 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شمعي المنافق
شكرا على المرور
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
شمعي |
متّاثْيا ابن شمعي |
قِيش أبو شمعي |
عدايا ابن شمعي |
صِلّتاي ابن شمعي |