|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
زكا والمسيح في بيته عندما سئل أحد رجال الله القديسين كيف وجد المسيح!؟ أجاب : أنا لم أجده قط، إنه هو الذي وجدني! ونحن نسأل من الذي وجد الآخر زكا أم المسيح، لقد ذهب زكا مدفوعًا بعاطفة مهما كانت قوية لكنها على أي حال قاصرة، ومهما كانت جميلة، فلقد كانت في المعنى الصحيح ناقصة، كان كل هم زكا أن يرى يسوع من هو!! أو بعبارة أخرى إنه حب الاستطلاع لشخص سمع عنه ولا شك، ودفعته الرغبة في أن يراه من فوق شجرة على الطريق، وشجر الجميز شجر دائم الأخضرار كثير الورق، ومن السهل على أي إنسان أن يرى الآخرين دون أن يراه أحد، وعلى وجه الخصوص إذا كان قصيرًا محدود الحجم، ونحن لا نظن أن زكا كان يطمع في أكثر من ذلك، لكن المسيح - على العكس - كان يريد ما هو أعمق وأكثر وأجل!! كان يريد أن يجد زكا، لذلك يتطلع إلى فوق، ويحدثه عن فرصة طويلة لا عن نظرة عابرة، ويناديه باسمه، إنها الخطوة الأولى دائمًا من السيد، وهي الخطوة التي يجدنا فيها، ويأخذنا من وسط الجماهير لنصبح له على حدة، فإذا بدا أن زكا هو الذي ذهب، فإن الحقيقة هي أن السيد في تخطيطه الأبدي الصحيح هو الذي جاء، ولهذا قال السيد : «لأن ابن الإنسان قد جاء» (لو 19 : 10) إن زكا صورة للنفس البشرية التي نزل المسيح من مجده السماوي، لكي يأتي إليها، تطلع إلى الأعالي، ومد بصرك إلى ما وراء النجوم البعيدة، إن عبقرية الإنسان التي مكنته من أن يصل إلى القمر ليقف دقائق أو ساعات أو أيامًا، وهو أقرب كوكب إلى الأرض، فماذا يمكن أن يقال لو أن رحلة الإنسان إلى الله يجب أن تتم بأن يصعد إلى ما وراء الكواكب التي يأتي ضوءها إلينا في آلاف السنين الضوئية، كلنا شريد في الأرض وهائم على وجهه، وننام في صحراء دنيانا لنرى المنظر العجيب الذي أبصره يعقوب في السلم التي تربط الأرض بالسماء، والله على رأس السلم.... بل إنه هو السلم، وقد نزل إلينا لكي نستطيع الوصول إلية!! ومن اللازم أن ندرك أن المسيح قد جاء لخلاص الهالك : «لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» ونحن نسأل لماذا لميقل : «من قد هلك؟ يعتقد البعض أن الكلمة «ما» إشارة إلى الجنس البشري كله الذي هلك وضاع، والمسيح قد جاء لخلاص هذا الجنس، كما يحتمل أنها تشير إلى النفس البشرية ذاتها، والتي ضاعت وهلكت، وسواء كان المعنى المقصود هو الجنس البشري بأكمله، أو كل نفس بشرية على حدة،فإن الحقيقة هي أن الإنسان خلقه الله أساسًا ليكون نافعًا ومفيدًا وموجودًا لمجد الله في الحياة، لكن الإنسان كجنس أو نفس ضاع وهلك، وقد يقول الناس عندما يرون حركاته على المسرح البشري، وتمثيله لرواية الحياة الضاحكة أو الباكية، إنه إنسان عظيم، وتقول الحقيقة الصارخة، إنه بالحري إنسان ضائع مفقود، يستوي في ذلك الفريسي والعشار الخاطئ! والحقيقة التي تدعو إلى العجب أنه كان يوجد بمدينة أريحا اثنا عشر ألف كاهن، ولم يختر المسيح بيتًا عند هؤلاء جميعًا ليقضي ليلته في أريحا، لقد كان الكهنة كزكا سواء بسواء في حاجتهم إلى يسوع المسيح، كانت أريحا مدينة اللعنة، ومع أن ظاهر المدينة كان رائعًا وجميلاً، وقد دخلها المسيح في ساعة الأصيل قبيل غروب شمس يوم الجمعة، آخر جمعة في حياة المسيح قبل الصليب، وتلونت الحياة في أريحا بلون الربيع، وأريحا بلد الرائحة العطرة، واسمها مشتق من الرائحة،وقد دعاها يوسيفوس الفردوس الصغير، هناك زرعت الأشجار الباسقة والأزهار اليانعة، وكانت أشجار النخيل والجميز والبلسان والأشجار العطرية الرائحة، تحوط بالمدينة وتعانقها، وعند هبوب ريح النهار كانت عطورها تنتشر إلى مسافات بعيدة حتى تبلغ البحر، في هذه المدينة التقى زكا بالمسيح، وما أبعد الفرق بين لقاء يسوع بزكا، ولقاء يشوع بعخان بن كرمي، ومع أن التجربة في كلتا الحالين واحدة، إذ أنها تتعلق بالمال، لكن تجربة كانت أقسى وأشنع، كانت تجربة عخان تجربة يغلب فيها عنصر المفاجأة، أما تجربة زكا فكانت مع سبق الإصرار، رأى عخان الذهب فلمع أمام عينيه، وعاش زكا سنوات طويلة يلمع الذهب أمامه!! ومع ذلك فقد دان يشوع الخطية بقسوة وعنف، ورفع يسوع نيرها عن الساقط تحتها! وتحضرنا هنا أقوال دكتور ما كارتني عندما قال : «إن شجرة الجميز التي تسلقها زكا في ذلك اليوم من الربيع في مدينة أريحا، أضحت واحدة من أعظم المنابر في تاريخ الكنيسة، إنها تعظنا أولا عظة عن قوة الرحمة، وهذا ما كسب به المسيح زكا، فلنفرض أنه توقف عند الشجرة قليلاً وهو ينظر إلى زكا ثم قال له : «يا ابن الشطان يا من طحنت المساكين وشردت اليتامى والأرامل في الشوارع كيف تنجو من دينونةجهنم! إن المسيح يعرف متى يدين ومتى يبدو قاسيًا ومتى يخلص!! لكنه لم يفعل هنا هذا!! إنه يجد أمامه رجلاً فيه الأمل في المجيء إلى الله، ولو قسا عليه لفقده إلى الأبد!! كلنا يعلم الأسطورة القديمة عن الريح والشمس، عندما حدث النزاع بينهما في قدرتهما على نزع سترة رجل يلبسها، وهبت الريح وشدت السترة، والرجل يجمعها حول نفسه أكثر كلما زادت شدة الريح، وسطعت الشمس وبدأت ترسل حرارتها بلطف وعمق إلى أن جاءت اللحظة التي انتزع الرجل معها سترته من شدة الحر، ونحن يمكننا أن نأخذ طريقة الشمس، وهي الطريقة التي استعملها يسوع المسيحفي الترفق بزكا وبقيادته إلى الخلاص!! أجل! فهذا حق لقد رأى المسيح في زكا ما لم يره في نفسه، لقد رأى فيه المسيح «ابن إبراهيم» والمسيح لا يقصد ابن إبراهيم بالجسد، بل ابنه بالروح والحياة والسلوك الحسن، لقد رأى الماسة اللامعة في قلب الفحم الأسود، ومع أنه ليس من عادة المسيح أن يدعو نفسه إلى بيت إنسان قبل أن يدعوه هذا الإنسان ويلح في دعوته، لكن المسيح دعا نفسه إلى بيت زكا، إذ أن الذي عرف نثنائيل تحت التينة، عرف زكا فوق الجميزة أيضًا، وكانت أعماقه ومكشوفة أمام السيد، كان زكا حتى تلك اللحظة يركض ليرى المسيح، وهو فيحقيقة حاله يركض هاربًا من تعاسته وشقاوة قلبه، وعندما دعاه السيد كانت هذه الدعوة العجيبة بمثابة دعوة للفرح : «فأسرع ونزل وقبله فرحًا» ومن المؤكد أن زكا في كل حياته السابقة لم يتذوق فرحًا كالذي عرفه في ذلك اليوم العظيم، يوم تجديد حياته، وانتقاله من الظلمة إلى النور العجيب، وفي الحقيقة لا يوجد فرح على الأرض يداني أو يقترب من فرح الحياة الجديدة مع الله، ولو أنك أعطيت زكا مال أريحا بأكملها، بل مال الإمبراطورية الرومانية كلها، لما وجد الفرح الذي لا ينطق به ومجيد، والذي هو فرح الخلاص. على أن الدعوة أيضًا كانت دعوة إلى الحياة الجديدة التي ظهر برهانها في الحال، في قطع كل علاقة بالماضي القديم الآثم، «فوقف زكا وقال للرب ها أنا يارب أعطي نصف أموالي للمساكين وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف» (لو 19 : 8)، ومن المهم أن نذكر أن إيمان زكا لم يكن إيمانًا نظريًا كإيمانذاك الذي خرج من اجتماع من اجتماعات النهضة فرحًا ومسرورًا، والتقى به في اليوم التالي صديق ليقول له : يا جورج سمعت أنك تمتعت بالخلاص بالأمس، قال : نعم!! فقال له : إذًا أعطني الدين الذي لي عليك!! فأجاب : لقد سامحني الله به، كما سامحني بالخطايا التي اقترفتها!! كان زكا يعلم أن الحياة الجديدة ينبغي أن تنهض لحساب النفس حسابًا دقيقًا، فإن كان قد وشى بأحد، فإنه يرد أربعة أضعاف!! لم يوجد شخص كان يجسر أن يتهم هاجنز البقال بقلة الأمانة، ولكنه - على عكس الجميع - رأى نفسه كذلك، كان في حانوته قسم لبيع المحار كان يفتحه ويقدمه للآكلين، وقد جاءه كاتبه يخبره أن عميلهم أرسل ضمن البضاعة برميلين منه، ولم يقيد ثمنها في فاتورة الحساب، وقال هاجنز إنه لابد أن يقيدهما في الدفعة التالية، وجاءت هذه الدفعة وما بعدها دون أن تأتي إشارة إلى ثمن البرميلين، وقد تصادف أن حضر إلى البلدة واعظ مقتدر، وامتلأ المكان بالحاضرين، ورؤي هاجنز عند المنبر باكيًا، وقد وقف يطلب الصلاة من أجله، دون أن يجد الراحة، وهذه كلماته، لقد وقف برميلان من المحار بيني وبين المسيح أسبوعين طويلين، كنت مقتنعًا بخطيئتي وصليت، وصلى معي آخرون، وعلمت أنه يجب أن أدفع ثمنها ولكن كبريائي وقفت حائلاً بيني وبين إظهار نفسي سارقًا لعميلي النيويوركي، وكاد البرميلان يحدراني إلى الجحيم، وفي صباح يوم - وكنت قد صارعت الليل كله- سرت نحو المكتب قبل الفطور، وكتبت شيكًا بالثمن، وعندئذ امتلأ قلبي بسلام لم أعرفه، وشعرت أن سيدي غفر لي ذنبي، ... من طريف ما يذكر أن أحد المرسلين في أفريقيا الجنوبية، وكان قد افتتح مدرسة، جاءته فتاة ذات يوم وأعطته شلنين ونصف، وقالت له هذه دراهمك فأجابها : كلا ليس لي عليك شيء... قالت إني مدينة لك وسأريك كيف. إنك وعدت في الامتحان العمومي بنصف شلن لمن يكتب أحسن نموذج على اللوحة، وأنا قدمت لوحتى، وأخذت المبلغ، ومع أن واحدة أخرى هي التي كتبته لي، وبالأمس كنت أقرأ قول زكا : إن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف، وها أناو قد أخذت منك المبلغ أرده مع أربعة أضعاف!!.. من الواضح أن نعمة الله العظيمة، ظهرت في ذلك التحول العجيب فيمشاعر زكا تجاه المال، لقد كان المال أول الأمر معبوده الذي من أجله ارتد عن الإيمان، وسار شوطه البعيد في خدمة الرومان إلى أن أصبح لاعشارًا فحسب، بل رئيسيًا للعشارين، لكنه بعد ذلك ذهب إلى النقيض، فترك نصف أمواله للمساكين، ومن النصف الآخر سدد ما كان قد أخذه ظلمًا أو وشاية بالآخرين، فماذا بقى له، وهو يطوح بالمال على هذا الأسلوب!.. إنه يذكرنا بيهودي آخر في أوائل هذا القرن، كان حبه للمال شديدًا إلى درجة إنه ذهب إلى مكتبة التوراة في القسطنطنية ليشتري كتابًا مقدسًا، لأنه يستطيع شراء العهدي القديم والجديد بثمن أقل ريالاً مما لو اشترى العهد القديم من مكتبة يهودية، وقد سر كثيرًا من قراءة الإنجيل، ولم يمض زمن حتى أحب المسيح وآمن به هو وزوجته، وانتقل إلى سان فرانسيسكو واستقر هناك وفتح مع زوجته فرعًا لتوزيع الكتب المقدسة ووزعا الكتاب في ثلاث وثلاثين لغة، ولما مات الرجل وجد أنه ترك كل أمواله - ما خلا مرتب مدى الحياة لزوجته - لتوزيع الكتاب المقدس لليهود!! ما أكثر ما تعمل نعمة الله في أشر الخطاة! لقد انتهى عطر أريحا وذهبت أشجارها مع الأيام، ولكن عطر هذه القصة مازال ينبعث من صفحات الإنجيل لأنه عطر المسيح الذي قال : «لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك»0 |
23 - 06 - 2013, 03:25 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: زكا والمسيح في بيته
موضوع رائع جدا..شكرا مارى
|
||||
23 - 06 - 2013, 06:14 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: زكا والمسيح في بيته
موضوع رائع جداً وجميل شكراً أختي العزيزةMary على الموضوع الجميل تحياتي وأحترامي والرب معك يباركك ويبارك حياتك وخدمتك المباركة ربنا يفرح قلبك على طول بنعمته وسلامه ومحبته الدائمة والمجد للمسيح دائماً...آمين |
|||
24 - 06 - 2013, 08:12 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: زكا والمسيح في بيته
شكرا على المرور |
||||
27 - 06 - 2013, 06:01 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: زكا والمسيح في بيته
أشكرك جدا جدا موضوع قمة فى الروعة ربنا يباركك
|
||||
27 - 06 - 2013, 08:38 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: زكا والمسيح في بيته
شكرا على المرور
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سليمان والمسيح |
العالم والمسيح |
الفرق بين آدم والمسيح |
أنا والمسيح |
آدم والمسيح |