|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة التواضع والوداعة22 علاقة التواضع بالفضائل والمواهب بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث هناك ثلاث فضائل لابد أن تدخل في كل فضيلة كما يدخل الخيط في حبات السبحة وبدونها لاتعتبر الفضيلة فضيلة.. هذه الثلاث هي الحكمة والمحبة والتواضع, فكل فضيلة لابد أن تمارس بحكمة وبدون حكمة قد تتحول إلي اسم آخر غير الفضيلة أو تتشوه صورتها.. وكل فضيلة لابد أن يدخل فيها عنصر المحبة:محبة الله ومحبة الخير وأحيانا محبة الناس.. وبدون المحبة تفقد الفضيلة قيمتها. كذلك لابد أن تمارس كل فضيلة في تواضع قلب وإلا صارت طعاما للمجد الباطل كما قال القديسون.. ونود في موضوعنا هذا أن نتعرض لعلاقة التواضع ببعض الفضائل كمثال وأيضا لعلاقته بالمواهب.. ولنبدأ بعلاقة التواضع بالنعمة... النعمة: يقول الكتابيقاوم الله المستكبرين أما المتواضعون فيعطيهم نعمة يع4:6النعمة تمنح المواهب. والمتكبر يفتخر بالمواهب ويرتفع قلبه بها, لذلك يأتمن الرب المتواضعين علي نعمته وعلي مواهبه لأنهم يقولون باستمرارليس لنا يارب ليس لنا لكن لاسمك القدوس أعط مجدا مز115:1هناك كلمة جميلة قالها مار إسحق وهي: إذا منحك الله موهبة فاطلب منه أن يعطيك تواضعا ليحميها. ذلك لأن التواضع يحمي المواهب من الافتخار والمجد الباطل..لهذا نحن نعجب من الذين يطلبون من الله أن يمنحهم موهبة التكلم بألسنة بينما لايوجد غرباء لهم لغة مجهولة تحتاج إلي موهبة ألسنة لتبشيرهم.. وهكذا إن الألسنة تستخدم حينئذ للمجد الباطل والادعاء بأنهم وصلوا إليملء الروح!! ما أخطر المواهب علي الذين لم يصلوا إلي الاتضاع بعد,إنهم يفرحون بتلك المواهب بسببالذاتوارتفاعها!وهكذا نتذكر إن السبعين الذين أرسلهم الرب للتبشير ومنحهم موهبة إخراج الشياطين رجعوا بفرح قائلين:يارب حتي الشياطين تخضع لنا باسمكفوبخهم الرب قائلالاتفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري أن أسماءكم قد كتبت في السمواتلو10:20,17. ونفس الوضع حينما تساعد النعمة إنسانا علي اكتساب فضيلة: إن كان متواضعا ينسب الفضل لله وليس لنفسه ويقول كما قال القديس بولس الرسولولكن بنعمة الله أنا ما أنا1كو15:10.ويخشي أن يفتخر أو يتكبر فتسحب النعمة عملها فيه فيسقط بل هو بالأكثر ينكر ذاته ويحاول أن يخفي فضائله لا علي الناس فقط بل حتي عن نفسه ولا يتأمل ماهو فيه من فضيلة بل يحاول أن ينساها ويتحول شعوره إلي الشكر لا إلي الفخر... أما الفضيلة عند المتكبر فهي عرضة للضياع ولاتكون فضيلة حقيقية بل لايتبرر بها,كما حدث في قصة الفريسي والعشارلو18:14,9. ذلك الفريسي وقف في الهيكل مفتخرا بفضائله حتي أمام الله!فقالأشكرك يارب أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار, أنا أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما اقتنيهلو10:12,11هذا الفريسي لم يذكر عمل النعمة معه ولم ينفعه صومه ولا عشوره ولا بعده عن بعض الخطايا لذلك لم يخرج من الهيكل مبررالو10:14 ننتقل إلي نقطة أخري وهي علاقة التواضع بالتوبة: التوبة: المتواضع هو الذي يصل إلي التوبة أما المتكبر فلا يقدر. المتكبر لايشعر أن له عيوبا تحتاج إلي إصلاح أو أنه واقع في خطايا تحتاج إلي توبة ذلك لأنهبار في عيني نفسهوالذي يكشف له ضعفاته وأخطاءه وينصحه بالتوبة لايقبل ذلك منه بل يعتبره عدوا..!فكيف يتوب هذا المتكبر وهو لايعرف عن نفسه خطية يتوب عنها؟! أيضا المتكبر يظن أنه أكبر من أن يخطيء فلا يحترس فيسقط. وبسبب إدعائه القوة قد يعرض نفسه إلي مواقع الزلل في غير مبالاة ولا حرص فيضربه الشيطان في مقتل.. وهكذا قال الكتاب عن الخطية إنهاطرحت كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياءأم 7:26والمقصود بكلمةأقوياءهنا:من يظنون في أنفسهم أنهم أقوياء... وقد ذكر مار إسحق أن العجرفة تسبب السقوط فقال إن المتعجرف بالفضيلة يسقط في الخطية والمتعجرف بالعلم والمعرفة يسقط في البدعة والهرطقة...والكتاب يقولقبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروحأم16:18. نقطة أخري وهي أنه:حتي لو اعترف المتكبر بأنه خاطيء وسعي إلي التوبة, فإنه يعتمد علي قوته وإرادته وتداريبه الروحية. يظن أنه قادر علي ضبطه لنفسه ثم يكتشف عمليا أن نفسه ليست بالقدرة التي تستطيع أن تقاوم كل حيل العدو, وإنها لاتقدر أنتطفيء جميع سهام الشرير الملتهبةأف6:16وعلي الرغم من ذلك يتشبث بادعاء القدرة والصمود! أما المتواضع فيعترف بأنه خاطيء وأنه ضعيف وأنه محتاج إلي قوة من فوق تساعده علي التوبة ويردد تلك العبارة العميقة: توبني يارب فأتوبأر31:18. المتواضع لايعتمد علي نفسه في التوبة بل من أعماقه يردد قول المزمور:انضح علي بزوفاك فأطهر ,أغسلني فأبيض أكثر من الثلجقلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدده في أحشائيمز51:10,7. ويقول كما في صلاة الساعة الثالثةنقني من دنس الجسد والروح. وحينما ينعم الله عليه بالتوبة لاينسب ذلك إلي جهاده الروحي بل إلي نعمة الله التي أنقذته من الخطية فيشكر ولايفتخر . والمتواضع إذ يشعر بضعفه-يحترس من أبسط الحروب الروحية. يحترس من أقل عثرة ومن الحروب التي تحارب المبتدئين.. ويردد ما قاله القديس الأنبا أنطونيوس-في اتضاعه-للشياطين أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم! وإذ يتوب المتواضع لاينسي خطاياه السابقة وضعفاته بل ينسحق قلبه بسببها وتمتليء عيناه بالدموع كما حدث مع داود في توبته. إن هناك علاقة متبادلة بين التوبة وتواضع القلب: التواضع يقود إلي التوبة والتوبة تقود إلي الاتضاع. إنها تقود التائب إلي القلب المتخشع والمتواضع الذي لايرذله الله.ولنأخذ داود كمثال في توبته واتضاعه وانسحاقه ودموعه حيث يقول للرب في مزاميره لصقت بالتراب نفسي فأحيني ككلمتكمز119:25ضللت مثل الخروف الضال.فاطلب عبدكمز119:176خير لي أنك أذللتني حتي أتعلم حقوقكمز119:71ويقول أيضا تعبت في تنهدي. أعوم كل ليلة سريري, وبدموعي أبل فراشيارحمني يارب فإني ضعيفمز6. نقطة أخري تتعلق بالاتضاع وهي الاعتراف وكشف الأفكار. الاعتراف: تواضع الإنسان يساعده علي الاعتراف بخطاياه وكشف أفكاره وحروبه. أما المتكبر فلا يكشف حروبه وضعفاته ولذلك تبقي بدون علاج. المتواضع في اعترافه يذل نفسه ويري أن هذا نافع له حتي لايرجع إلي الخطأ مرة أخري,أما المتكبر فيحاول أن يتخلص من الاعتراف بنقائصه محاولا أن يبرر ذاته أو يهرب من ذلك بحجة أنه لايريد أن يكون عثرة أو يمنعه الخجل. الشيطان يبعد الخجل عن الإنسان أثناء ارتكاب الخطية ويضع أمامه الخجل في وقت الاعتراف أما المتواضع فينتصر علي خجله باتضاعه. ومعرفة المتواضع بضعفاته وسقطاته تقوده إلي نقطة أخري وهي: الشفقة علي المخطئين: إنه يشفق علي الخطاة ويقابلهم بحنو لأنه عارف بضعف البشرية وقوة حروب الشيطان ويضع أمامه قول القديس بولس الرسول:اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم واذكروا المذلين كأنكم أنتم أيضا في الجسدعب13:3. ويذكر قول الرسول أيضاناظرا إلي نفسك لئلا تجرب أنت أيضاغل6:1. المتواضع إن رأي خاطئا يقول في نفسهكلنا تحت الضعفويذكر أنه قد قيل عن إيليا النبيإيليا كان إنسانا تحت الآلام مثلنايع5:17مع أنه بصلاته أغلق السماء فلم تمطر ثم صلي فأمطرت. المتواضع يستر علي الخطاة لشعوره إنه محتاج إلي الستر مثلهم. إنه يرحمهم في سقوطهم حسب قول الآباءمن يرحم باب الرحمة مفتوح أمامهوكما يقول الربطوبي للرحماء فإنهم يرحمونمت5:7ويقول في قلبه أرحم غيري لكي يرحمني الله وأنا مثلهم خاطيء محتاج إلي الرحمة وما يزرعه الإنسان إياه يحصد والرب يقولبالكيل الذي به تكيلون يكال لكممت7:2. المتواضع في رحمته علي الخطاة والضعفاء, لايفرز المستحق من غير مستحق إذ يقول:لو كانت الرحمة للمستحقين فقط فأنا غير مستحق. والرب إلهنا الحنون قد قيل عنه إنه يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين ويمطر علي الأبرار والظالمينمت5:45لذلك فالمتواضع لايتشامخ علي أحد ولايحتد ولايدين بل يعامل الكل بشفقة وحنان وحب حتي الذين يؤذونه يرحمهم أيضا, ينظر إلي احتياجهم وليس إلي انتقام نفسه لنفسه. أما المتكبر فهو غير ذلك قد ينظر إلي الخطاة في اشمئزاز وتعال كما تنظر قمة الجبل إلي المستنقع في أسفل الوادي, وكأن هذا المتكبر لم يخطيء ولن يخطيء!! لذلك فهو يدين الخطاة ويزدري بهم وقد يشهر بهم أيضا. وبعد,ما علاقة التواضع بباقي الفضائل؟.. هذا موضوع طويل ,فإلي اللقاء في العدد المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة التواضع والوداعة3 |
حياة التواضع والوداعة13 |
حياة التواضع والوداعة14 |
حياة التواضع والوداعة16 |
حياة التواضع والوداعة17 |