|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سأله المسيح: أتحبني؟
سأله المسيح: أتحبني؟ في يوم من الأيام حضرت اجتماعاً تمَّت خلاله مناقشة بعض المواضيع الساخنة. طبعاً كان من الطبيعي أن يكون هناك حالة من الهيجان وارتفاع الأصوات بين غالبية المتواجدين، إلا أنني لاحظت التزام أحد الأعضاء بالهدوء. فالتفتُّ إليه وسألته: "لماذا أنت صامت؟ لماذا لا تتكلم؟ نريد معرفة رأيك بخصوص هذه القضية!". فأجاب الرجل وقال: "صمتي هو إجابتي ورأيي". أيمكن أن يكون الصمت في بعض الأحيان رأيًا أو إجابة؟ عندما قرأت قصة السيد المسيح بعد واقعة قيامته من الأموات وتقابله مع تلاميذه، شعرتُ بدهشة كبيرة لقلـَّة الكلمات التي تمَّ تبادلها بين الطرفين! عندما كنت صغيرًا، أذكر أنني تساءلت: لماذا لم يُلقِ المسيح خطابًا للاحتفال بقيامته؟ لماذا لم يسأله التلاميذ كيف أستطاع أن يقوم مِن القبر حيًا؟ ألم تخطر هذه الأسئلة على بالهم؟ بالتأكيد كانوا يفكرون بأمور كثيرة، لكن لم يتم تدوين أي شيء من هذا القبيل. كل الكلام الذي دوِّن آنذاك كان كلام المسيح - الذي كان نادراً أيضاً! وقت للصمت في إنجيل يوحنا الأصحاح 21 نقرأ عن اجتماع عُقِد بين المسيح وتلاميذه عند بحيرة طبرية. في إحدى الأمسيات، وبعد قيامة السيد المسيح مِن القبر، ذهب بعض تلاميذه إلى الصيد، إلا أنهم لم يصطادوا شيئاً طوال الليل! ولما طلع الفجر، ناداهم شخص - لم يعرفوا مَن هو، مِن شاطيء البحيرة وسألهم: أعندكم سمك؟ قالوا: لا. فقال لهم: ألقوا الشبكة إلى يمين القارب فتجدوا سمكاً. فألقوا الشبكة هناك، ويا لشدَّة دهشتهم...! لقد امتلأت الشبكة بالسمك، حتى أنهم لم يستطيعوا أن يسحبوها! تـُرى من هو الشخص الذي أرشدهم لعمل ذلك؟ أسرع التلاميذ بقاربهم نحو الشاطيء لينظروا مَن كان المتكلـِّم. وهناك رأوا خبزاً وجمراً وسمكاً. هناك أيضاً شاهدوا المسيح وعلموا أنه هو الذي صنع معهم تلك المعجزة. ثم قال لهم السيد المسيح: "قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ... وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟" (يوحنا 21: 10 و12) لأنهم علموا بأنه هو السيد المسيح. لم يجروء أحد على سؤاله بالرغم من كثرة شكوكهم وريبتهم وعدم تصديق بعضهم حقيقة قيامته من القبر! هل يمكنك أن تتخيل أنك تتقابل مع المسيح وتلتزم بنفس الصمت الذي التزم به التلاميذ آنذاك؟ يبدو بأننا معتادون على التكلم أكثر من الصمت! فغالباً ما يكون من الأسهل بالنسبة لنا أن نفعل شيئًا أو نقول شيئًا بدلاً من الالتزام بالصمت. إن اجتماع السيد المسيح مع تلاميذه عند بحيرة طبرية كان قوياً للغاية! فقد ركض التلاميذ مسرعين وممتلئين بالشوق نحو المسيح، إلا أنهم كانوا... صامتين! فوجود المسيح كان كافيًا بالنسبة لهم، ولم يسأله أحد عن أي شيء. إن صمت التلاميذ هذا لم يكن الأول خلال الفترة التي قضوها برفقة السيد المسيح، فقد حدثت حادثة أخرى على جبل عالٍ هو جبل التـَّجلي. في إحدى المرات، أخذ السيد المسيح ثلاثة من تلاميذه وصعد معهم إلى ذلك الجبل. هناك، تغيَّرت هيئة السيد المسيح فشعَّ وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. وظهر معه كلا من النبي موسى والنبي إيليا وابتدأآ يتحدثان معه. في هذا الموقف أيضاً، لم يسأل أحد من التلاميذ عن أي شيء، لا عن النبي موسى ولا عن النبي إيليا! كان الثلاثة صامتين وفرحين بقضاء هذا الوقت مع المسيح، ثم قال الرسول بطرس للمسيح: "جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا!" (متى 17: 4). يبدو بأن الموقف الذي وضعوا فيه لم يترك مجالاً للتساؤولات ولا حتى للكلام - كما لو أن الكلمات كانت تعجز عن وصف شعورهم آنذاك. فهيئة السيد المسيح وحقيقة ظهور نبيين من أعظم الأنبياء معه كان إجابة كافية عن أي سؤال كان من الممكن أن يُطرح. كل ما فعله التلاميذ آنذاك هو أنهم فرحوا بما رأوا وأرادوا المكوث هناك. اسمح لي هنا عزيزي أن أتأمل بهذا الموقف وأحاول تقريبه إلى الأذهان بصورة أبسط، ليس لغاية التقليل من أهمية الموقف، بل بهدف فهم وإدراك بعض الأحاسيس والمشاعر التي اختلجت صدور التلاميذ حينها. لو قارنت ردَّة فعل التلاميذ حين رأوا السيد المسيح بعد القيامة وحين رأوه أيضاً برفقة أعظم نبيين من أنبياء العهد القديم، ألا تـُشبه ردَّة فعلهم ردَّة فِعل العاشقين والمحبين في بعض المواقف؟ أليس الصمت هو أحد الطرق التي يُعبِّر بها العاشقون عن حُبِّهم وإعجابهم؟ غالباً ما نحرص على أن نتعلـَّم وندرس فن الخطابة والإلقاء والكلام، إلا أننا لا نتعلـَّم فن الصمت، وقليلاً ما نسمع عن أهمية الصمت! هل سبق وحاولت أن تقضي وقتاً صامتاً في حضرة الله متيقناً وواثقاً من وجوده معك؟ هل تأملت في محبته لك ومُساعدته وعلمه بكافة أمور حياتك؟ ألم تشعر بأن كلماتك ليست ذات معنى أو قيمة أمام عظمة الله ووفرة خيراته وحمايته ورحمته عليك؟ في علاقتنا مع الله، هناك وقت للعمل، وللجهاد، وللتضحية، وللصلاة، وللعطاء، وللعبادة بكافة أشكالها، وهنالك أيضاً وقت للتأمل والتـَّفكـُّر بالله. إذا لم يكن لعلاقتك مع الله هذا البعد الأساسي، الذي هو الصمت، فثمَّة شيء ينقص علاقتك به. علـِّم نفسك أن تقضي وقتاً في الصمت أمام عرش الله وفي حضرته. عوِّد نفسك على قضاء وقت يتحدث فيه صمتك أكثر من أي كلمات بليغة أو عميقة تحاول قولها أو وصفها. إننا، أنا وأنت بحاجة لإعادة هذا البعد في علاقتنا مع الله. وقت للكلام بالرغم من أن اللقاء الذي جرى ما بين السيد المسيح وتلاميذه ابتدأ بالصمت، إلا أنه لم ينتهِ به! فوسط الصمت سأل المسيح تابعه بطرس هذا السؤال المُحدَّد: "أَتُحِبُّنِي؟" (يوحنا 21: 15). ليس لديَّ أي أدنى شك بأن بطرس ارتبك كثيراً عندما سمع هذا السؤال! ربما كان يتوقع أي شيء آخر غير هذا السؤال المُباشر والمُحيِّر. فلماذا هذا السؤال بالتحديد، ولماذا الآن؟ فأجاب بطرس وقال: نعم، أنت تعلم أني أحبك. فقال له المسيح: ارعَ خِرافي (أتباعي والمؤمنين بي). ثم سأل المسيح بطرس ثانية: "أتحبني؟" فأجاب بطرس: نعم، أنت تعلم أني أحبك. فقال له المسيح: ارع غنمي. وللمرة الثالثة وجَّه السيد المسيح لبطرس نفس السؤال وقال: "أتحبني؟" فحَزن بطرس وقال للمسيح: "أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف أني أحبك." (يوحنا 21: 17) فقال له المسيح مؤكداً: ارعَ غنمي. إن هذا السؤال الذي طرحه السيد المسيح على الرسول بطرس يصل صداه اليوم لكَ ولي، فهو يسألني ويسألك الآن: "أَتُحِبُّنِي؟" لقد سأل السيد المسيح هذا السؤال ليس لأنه كان يجهل حقيقة محبة بطرس له، أو لأنه كان يشك في مقدار وصدق محبته له - فالمسيح كان يعرف ما يجول في أفكار وخواطر الناس من حوله، بل على العكس، فقد كان السيد المسيح متيقناً من عمق محبة بطرس له، ولهذا السبب كلـَّفه برعاية خرافه (أتباعه والمؤمنين به) إذ قال له مؤكداً: "إرعَ خِرافي" (يوحنا 21: 15، 16، 17). إن إجابتك على هذا السؤال هو مطلب أساسي من متطلبات خضوعك لله وتنفيذ أوامره وخدمة الناس من حولك. فبدون محبة حقيقية لا تقدر أن تحب الله وتطيع وصاياه ولا تقدر حتى أن تخدم الناس. وإذا كُنتَ تخدم بدون محبة، فبإمكانك أن تحقق طموحاتك ومصالحك الشخصية وتصل إلى رغباتك في السيطرة والحصول على القوة، لكنك لن تتمكن أبداً من إتمام مشيئة الله. ولاحظ عزيزي بأننا كثيرًا ما نجد في التاريخ والقصص والعبر التي تركها لنا الله في كتابه أمثلة كثيرة عن أناس قاموا بخدمات وأعمال كثيرة إلا أنها كانت غير المؤسسة على المحبة المخلصة، إلا أنها لم تكن إلا شكلا "طاهراً" مِن أشكال الظلم والاستبداد! اليوم، يدعوك السيد المسيح لأن تتقابل معه على شاطىء بحيرة طبرية. إنه يشتاق لأن تأتي إليه وتقضي معه لحظات من الصمت. وهناك سيُواجهك بسؤاله: "أتحبني؟" فماذا ستقول؟ نعم أحبك! لكن كيف ستـُظهـِر محبتك للمسيح؟ هل من خلال اتباع مثاله والعمل بوصاياه وتعليماته؟ هل مِن خلال التزامك بالصلاة والصوم ومساعدتك الأيتام والأرامل، بالإضافة إلى أعمال الخير التي تقوم بها، وانخراطك في نشاطات اجتماعية ودينية تعود بالفائدة على المجتمع! ربما ستقول أنا أعمل كل هذا وأكثر بكثير. لكن تأكد من أن رد المسيح سيكون: "أقدِّر كل ذلك، لكنني لا أسألك عن أعمالك. سؤالي لك هو: أتحبني؟" هل أحب السيد المسيح؟ هل ستؤرقـِّك الإجابة على هذا السؤال؟ هل لديك الشجاعة لتقول نعم، أنت تعلم أني أحبك. هل يعجز لسانك عن الكلام! إن هذا السؤال هو سؤال جدِّي للغاية، ونظرًا لأهميته البالغة لا يمكن الإجابة عليه بطريقة عرضية أو بصورة متسرِّعة. تـُرى كيف يمكننا أن نـُحب؟ هل تحب المسيح حقاً؟ هل تحب الله بالفعل، أم أنك تطيعه وتخشاه وتكرمه خوفاً من عقابه أو ربما طمعاً في بركاته وخيراته والحياة الأبدية التي وعدنا بها؟ في هذا اليوم، أدعوك لأن تواجه نفسك بالسؤال الذي وجهه السيد المسيح للرسول بطرس والذي يوجهه لك ولي أنا أيضاً. فهل تحبه؟ هل دافعك ونيتك في عمل الخير والخدمة والتضحية هو الحب أم الأنانية؟ مع الأسف لا نسمع إلا القليل من الناس الذين يتحدثون عن أهمية حُبّنا لله، وقليلون هم الذين يُعلموننا هذا. فهل ستتمكن من الرد على هذا السؤال وتقول كما قال الرسول بطرس: "نعم...، أنت تعلم أني أحبك"؟ إذا كنت بالفعل تحبه، كيف ستظهر محبتك له؟ أشكرك أحبك كثيراً يسوع المسيح يحبكم هو ينبوع الحياة لجميع بني البشر |
15 - 06 - 2013, 08:21 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: سأله المسيح: أتحبني؟
تامل جميل جدا عاشت الايادي يا غاليه ماري ربنا يسعدك
|
|||
16 - 06 - 2013, 06:40 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: سأله المسيح: أتحبني؟
شكرا على المرور
|
||||
18 - 06 - 2013, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: سأله المسيح: أتحبني؟
جيد يارب أن نكون ههنا شكرا مارى على هذا الموضوع الرائع |
||||
18 - 06 - 2013, 06:16 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: سأله المسيح: أتحبني؟
تأمل مميز جدا جدا
|
||||
19 - 06 - 2013, 10:50 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: سأله المسيح: أتحبني؟
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لماذا تركتني؟ من سأله |
سؤال سأله يوحنا ذهبي الفم |
شهادة أبيه يسى عندما سأله صموئيل |
سلمه حياتك وإطمن هيفرحك 🙏 |
" يا سمعان بن يونا.... أتحبنى" خلفية رائعة للسيد المسيح ومع بطرس |