12 - 05 - 2012, 12:25 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
حياة التواضع والوداعة30
من صفات الإنسان الوديع ب
الجمعة 06 يناير 2012
0 الإنسان الوديع مملوء من الحنان والعطف,حتي علي أشر الخطاة.
فإن رأيت إنسانا قاسيا في تعامله اعلم أنه غير وديع.
انظروا إلي وداعة السيد المسيح مع المرأة السامرية وكيف أنه لم يجرح شعورها ولم يخدش حياءها ولا بكلمة واحدة بل اجتذبها إلي الاعتراف بوداعة ولطف.ووجد فيها شيئا يمتدحه فقال لهاحسنا قلت إنه ليس لك زوج...هذا قلت بالصدقيو4:18,17..وبهذه الوداعة أمكنه أن يقتادها إلي التوبة وإلي الإيمان بأنه المسيح وتبشير أهل المدينة بذلكيو4:29.
وبنفس الوداعة أيضا تصرف مع المرأة الخاطئة المضبوطة في ذات الفعل...لم يبكتها بل أنقذها من الذين أرادوا رجمها فلما انصرفوا قال لهاأين هم أولئك المشتكون عليك؟أما دانك أحد؟ولا أنا أدينك اذهبي ولا تخطئي أيضايو8:11,10
وفي وداعة من نوع آخر,عاتب بعد القيامة تلميذه بطرس:ذلك الذي أنكره ثلاث مرات وحلف ولعن وقال:لا أعرف الرجلمت26:74فقال له الرب ثلاث مرات يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء؟!...ومعها ثلاث مرات ثبته في عمل الرعاية بقولهارع غنمي...ارع خرافييو21:15-17.
وهكذا أيضا في وداعة قابل نيقوديموس ليلايو3:2.
ولم يوبخه علي خوفه من اليهود...إذ جاء إليه ليلا حتي لا ينكشف أمره لهم...وإذا بالسيد المسيح في وداعته يلصقه بمحبته التي جاهر بها بعد صلبه إذ اشترك في تكفينه مع يوسف الرامييو19:39.
وداعة الله تعامل الخطاة بطول أناة وطول أناته تنتظر توبتهم.
وهو يرد توبتهم دون أن يعرضهم إلي عدالته ونقمته.
وهكذا الإنسان الوديع لاينتقم من المخطئين إليه قائلا في نفسه:لا أنتقم من أحد لئلا الله ينتقم أيضا مني بسبب أخطائي.ولايفرح مطلقا ببلية المسيئين إليه لأنالفرحان ببلية لايتبرأأم17:5.
0والإنسان الوديع يضع أمامه أربع درجات في التعامل مع المخطئين:
منها احتمال المخطيء إليه,فلا يغضب منه ولا يثور عليه ثم المغفرة للمخطيء فلا يمسك عليه خطيئته ولا يحقد عليه.
ثم الصلح مع المخطيء ولتكن المبادرة منه هو,كما قال الرسول:مسرعين إلي حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكاملأف4:3.
وأكثر من هذا كله:محبة هذا المخطيء كأخ والصلاة من أجله حسب وصية الربوصلوا لأجل االذين يسيئون إليكم ويطردونكممت5:44.
وهو لايفعل ذلك كله إلا إذا كان قلبه واسعا وطبعه هادئا ويتشبه بإلهنا الوديع الذي قال عنه المرتل في المزمور إنهلم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنامز103:10.
وأكثر من هذا السيد المسيح يقيم عذرا للمخطئين
فلما ذهب إلي بستان جثسيماني مع ثلاثة من أقرب تلاميذه إليه وذلك في أحرج الأوقات في الليلة التي سيقبض فيها عليه وكان يجاهد ونفسه حزينة حتي الموت مت26:38ولم يسهر تلاميذه معه في تلك الليلة بل ناموالأن أعينهم كانت ثقيلةوعلي الرغم من أنه عاتبهم قائلاأما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة؟!إلا أنهم ناموا أيضا...
فقال لهم:ناموا الآن واستريحواوالتمس لهم عذرا في نومهم وتخليهم عنه قائلاأما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيفمت26:41...ما أعمق وداعتك يارب!حتي هؤلاء النائمين في أحرج ساعات جهادك تلتمس لهم عذرا بل تذكر أيضا لهم شيئا حسنا قائلا عنهمأما الروح فنشيط.
0 الإنسان الوديع لايتشبث برأيه ولا يكون عنيدا.
وإن دخل في مناقشة يكون اتجاهه أن يكسب من يناقشه لا أن يكسب المناقشة ذاتها لايظهر للمنافس أخطاءه ولا يكشف له ضعف حجته بل في إيجابية وديعة يشرح وجهة نظره بأسلوب رقيق متضع ...وهو في كسبه لمن يناقشه بكل لياقة وأدب يمكنه أن يكسب المناقشة...
أما غير الوديع فيتمسك بأية نقطة-مهما كانت صغيرة-ويقيم عليها مشكلة ومناقشة ويكبرها ويضخمها ويصير الحبة قبة,كما يقول المثل!حتي ليعلق البعض قائلا:أوقعت في يد فلان؟!فلينقذك الله منه إنه يمكن أن يستنتج لك أخطاء في كلامك لم تفكر فيها قط.
0 الإنسان الوديع لايحل إشكالا بإشكال آخر..
إنه بطبيعته الوديعة يحب أن يبعد عن المشاكل ويتفاداها بقدر طاقته وإن وجد أمام مشكلة إما أن يحتملها في هدوء أو أنه يعطيها مدي زمنيا تحل فيه أو يجد لها حلا في هدوء أو أن يمررها دون أن يجعلها تمرره أو تمرر غيره...المشكلة بالنسبة إليه كقطعة طين ألقيت في بحر واسع فلم تعكر البحر بل ذابت في أعماقه..!
0الإنسان الوديع هو شخصمهاوديميل إلي الطاعة:
طبعا يطيع في مالا يخالف ضميره وما لايخالف وصية الله أما باقي الأمور فيكون فيها سهل الاستجابة ولايجعلها موضعا للجدل وللنقاش.
أما غير الوديع فقد يكون صلبا وشديدا في كل ما يطلب منه ويظل يضع أسئلة وعراقيل:لماذا تريد؟وكيف يمكن التنفيذ وهناك صعاب؟ولماذا تطلب مني أنا بالذات؟وعلام الإسراع؟لماذا لاتنتظر؟ومن قال لك إن وقتي يسمح وإن ظروفي تسمح؟!ويستمر في المعارضة...وقد ينتهي به الأمر أن يرفض أو قد يوافق أخيرا بشروط وبعد تعب في الأخذ والرد.
أما الوديع فإنه يريد باستمرار أن يريح غيره.
والخير الذي يستطيع أن يعمله لأجل غيره فإنه يعمله بكل محبة وكل هدوء وبدون جدل وبدون إبطاء,وكما قال الكتاب:لاتمنع الخير عن أهله حين يكون في طاقة يدك أن تفعله...أم3:27.
0 لذلك فالإنسان الوديع يكون مستعدا لأداء أية خدمة.
سواء كان ذلك في نطاق عمله الرسمي أو تطوعا منه لأن هناك نوعا من الموظفين الرسميين ليست لهم روح الخدمة ولا روح الوداعة في الاستجابة لطلبات الجماهير ولذلك قلت مرة:إن الموظف الوديع المريح يجد حلا لكل مشكلة أما الموظف المتعب المعقد فإنه يجد مشكلة لكل حل!!.
ولكن الوديع يعمل باستمرار علي إراحة غيره حتي لو لم يكن مسئولا عن ذلك رسميا.. إنه يستجيب بكل بشاشة لكل طلب يطلب منه وحتي دون أن يطلب منه يعمل تطوعا لخير غيره وراحته...
0وإن نال الوديع مركزا أو سلطة يستخدم ذلك لمنفعة الناس.
لايرتفع قلبه بالمركز أو السلطة بل يظل خادما للجميع محققا للناس ما يستطيع أن يحققه لهم عن طريق سلطته وإمكانياته كما قال عن السيد الربإن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم,وليبذل نفسه فدية عن كثيرينمت20:28.
0 من أجل هذا كله يكون الوديع باستمرار شخصا محبوبا.
الناس يحبون فيه طيبة قلبه وبشاشة ملامحه وحسن تعامله وطاعته وخدمته للكل ورقة أسلوبه وبسبب ذلك يدافعون عنه إن أصابته أية أذية ويقولون لمن يؤذيهألم تجد سوي هذا الإنسان الطيب حتي تسيء إليه؟!.الكل يدافع عنه وإن كان هو لايدافع عن نفسه,
والشخص الذي يستغل طيبته ويظلمه يتعبه ضميره,ويخاف لأنه أذي إنسانا طيبا لايؤذي أحدا!
0 والإنسان الوديع له سلام في قلبه,لا يتعب من أحد
وإن ضنت عليه الظروف وتعب لايظهر تعبه في الخارج بهيئة ضيق أو نرفزة أو برد الإهانة بمثلها...كلا فهو كما أن له سلاما داخل قلبه كذلك له سلام مع الناس.
ومن صفات الوديع:الهدوء والبعد عن العنف.
إن العنف هو عكس الوداعة تماما فحتي لو كان الوديع في موضع المسئولية وكان من واجبه أن يوبخ وينتهر فإنه يفعل ذلك أيضا في غير عنف وإن اضطرته مسئولياته أن يحكم علي أحد فإنه يحكم في غير قسوة وفي غير ظلم وإن لجأ إلي العقاب أو النصح فإنه يكون رقيقا في نصحه,وهادئا ومحبا في عتابه.
ينطبق عليه ما قلناه مرة في رثاء الأرشيدياكون حبيب جرجس:
يا قويا ليس في طبعه عنف..ووديعا ليس في ذاته ضعف.
يا حكيما أدب الناس وفي...زجره حب وفي صوته عطف.
لك أسلوب نزيه طاهر...ولسان أبيض الألفاظ عف.
لم تنل بالذم إنسانا ولم...تذكر السوء إذا ما حل وصف إنما بالحب والتشجيع قد...تصلح الأعوج والأكدر يصفو.
0 الإنسان الوديع هو إنسان بسيط.
ونقصد بالبساطة عدم التعقيد فقد يكون بسيطا وحكيما في نفس الوقت.كما قال السيد الربكونوا بسطاء كالحمام وحكماء كالحياتمت10:16..فهو يكون في عقله حكيما وفي تصرفاته بسيطا..
بقي أن أحدثك عن كيف تقتني الوداعة؟وكيف يفقدها البعض؟
فإلي اللقاء في العدد المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا.
وللبحث بقية
|