البولس
من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس
( 15 : 23 ـ 50 )
أمَّا كُل واحدٍ في رُتبتهِ: فالمسيح هو الباكورة، ثُمَّ الذين للمسيح عند مجيئه. وبعد ذلك المُنتهى، مَتَى سَلَّمَ المُلْكَ للَّـه الآب، ومَتَى أبْطَلَ كُلَّ رئاسَةٍ وكُلَّ سُلطانٍ وكُلَّ قُوَّةٍ. لأنَّه يجب أن يَملِك حتى يَضَع جميع أعدائه تحت قدميه. وآخِر عدوّ يبطُل هو الموت. لأنَّه أَخْضَعَ كُلَّ شيءٍ تَحتَ قَدَمَيْهِ. وإذ قال: " إنَّ كُلَّ شيءٍ قَدْ أُخضِعَ له " فواضِحٌ أنَّهُ غَيْرُ الذي أَخضَعَ له الكُلَّ. ومَتَى أُخضِعَ له الكُلُّ، فحينئذٍ الابن نَفْسُهُ أيضاً سَيَخْضَعُ للذي أخْضَعَ لَهُ كُلّ شيء، ليكون اللَّـه الكُلَّ في الكُلِّ. وإلاَّ فماذا يَصْنَعُ أولئك الذين يَعتَمِدونَ مِن أجل الأمواتِ؟ فإنْ كان الأموات لا يقومون البَتَّة، فَلِماذا يَعتَمِدونَ مِن أجلهم؟ ولماذا نُخاطِرُ نحن في كُلِّ ساعةٍ؟ يا إخوتي إنِّي أُقسم بما لي من فخر بكم في المسيح يسوع رَبِّنا، إنِّي أمُوتُ كُلّ يوم. وإن كُنتُ حاربت الوحوش بأفسس كما يختص بإنسان، فما المَنفَعَةُ لي؟ إنْ كانَ الأموات لا يقومون، فلنأكل ونشرب لأنَّنا غداً نَمُــوت!
لا تَضِلُّوا: فإنَّ المُعاشَرَات الرَّديئة تُفسِدُ الأخلاق الجيِّدة. كونوا مُتيقظين للبِرِّ ولا تُخطِئوا، لأنَّ قوماً فيكم ليست لهم معرِفةٌ باللَّـه. أقول هذا لإخجالكم!
ولكن يقول قائل: " كيف يقوم الأموات، وبأيِّ جسد يأتونَ؟ " يا جاهل! الذي تزرعه أنت لا يُحيا إنْ لم يَمُتْ. وما تزرعه، لست تزرع الجسم المُزمِع أن يكون، بل مُجرَّد حبَّة، مِن الحنطة أو غيرها مِنْ باقي البزور. إلاَّ أنَّ اللَّـه يُعطيها جسماً كما يشاء. ولكُلِّ واحدٍ مِنَ البزور جسمه المختص به. ليس كُلُّ جسدٍ جسداً واحداً، بل للناس جسد، وللبهائم جسدٌ آخر، وجسد الطيور نوع آخر، وجسد السمك نوع آخر. ومِنَ الأجساد سماويَّة، وأجسادٌ أرضيَّةٌ. ولكِنَّ مَجْدَ السَّماويَّات نوعٌ، ومَجد الأرضيَّات نوع آخَرُ. ومجد الشَّمس نوع، ومجد القمر نوع آخر، ومجد النُّجوم نوع آخَرُ. لأنَّ نجماً يمتاز عن نجم في مجده. هكذا أيضاً قيامة الأموات. يُزرع في الفسادِ ويُقام بغير فسادٍ. يُزرع في الهوان ويُقام في المجدِ. يُزرع في الضعف ويُقام في القوة. يُزرع جسم نفساني ويقوم جسم روحاني. وبما أنه يُوجد جسم نفساني فإنَّه يُوجد جسم روحانيٌّ أيضاً. هكذا مكتوب: " صار آدم، الإنسان الأوَّل، نفساً حيَّةً، وآدم الأخير روحاً مُحيياً ". ولكن لم يكن الرُّوحاني أولاً. بل النفساني وبعد ذلك الرُّوحاني. الإنسان الأول مِنَ الأرض ترابي. والإنسان الثاني الرَّبّ مِنَ السماء. وعلى مثال الأرضي يكون الأرضيون. وعلى مثال السَّماوي يكون أيضاً السَّماويُّون. وكما لَبِسنا صورة ذلك الذي من التراب، كذلك سنلبس أيضاً صورة السَّماويِّ. وهذا أنا أقولهُ يا إخوتي: إنَّ اللحم والدم لا يَستطيعان أن يَرِثا مَلكُوتَ اللَّـهِ، ولا البالي يَرثُ عدمَ البَلَى.
( نعمة اللَّـه الآب فلتحل على أرواحنا يا آبائي وإخوتي. آمين. )