|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بقلم قداسة البابا شنوده الثالث جريدة الأهرام أهنئكم يا أخوتى وأحبائى بعيد الميلاد المجيد، وبدء عام جديد، راجياً لكم فى هاتين المناسبتين حياة سعيدة وجديدة، أى أفضل من ذى قبل فى كل شئ. كما أرجو للعالم كله سلاماً وتعاوناً، وأن ينجو من هذه الأزمة المالية العالمية التى انتشرت من قارة إلى أخرى، وكانت لها نتائجها السيئة. ?? وكلنا نصلى من أجل اخوتنا الفلسطينيين، لكى يكونوا وحدة لها قوتها، ولكى يوقف الله العدوان الوحشى على غزة، فى قتال غير متكافئ عسكرياً قد سالت فيه دماء الآلاف من الجرحى، ومئات لاقوا مصرعهم من أجل الدفاع عن أرضهم. إننا ندين هذا العدوان، ونعلن أنه ليس من الشرف العسكرى ضرب الأطفال والنساء والشيوخ الذين ليس فى أيديهم سلاح. إن العدوان على المدنيين لا شئ فيه من الشهامة أو الإنسانية. ولقد كان منظر الجرحى من هؤلاء العزّل يدمي القلب ويشعل المشاعر. وليس لهم سوى الله، فلم يسرع لانقاذهم مجلس الأمن ولا هيئة الامم المتحدة. ?? إننا نحب الفلسطينيين . واهتمت بهم مصر منذ سنة 1948 أى منذ أكثر من ستين عاماً، وجعلت قضيتهم من أولى قضاياها. وكم من لقاءات عقدها الرئيس مبارك فى مصر من أجلهم، وكم من اتصالات لأجل التهدئة، ونزع فتيل النار، مع إرسال المساعدات. ومن ذا الذى ينكر ما بذلته مصر من مجهودات لأجل الفلسطينيين. ومازالت تسعى سياسياً لعمل ما تستطيعه لأجلهم. وإننا نصلى من أجل أن ينتهى إحتلال غزة وحصارها، وأن يوقف العدوان، وينتشر السلام فى المنطقة، وأن يتحد العرب ويعملوا بسياسة واحدة. كما نصلى من أجل اخوتنا فى العراق وفى السودان، وأن تنتهى القرصنة الصومالية، وتُبحر السفن فى المنطقة سالمة مطمئنة. ?? هنا وأبدأ أن أكلمكم عن ميلاد السيد المسيح، وما يمكن أن نستفيده من هذا الميلاد الذى صار زاوية فى تاريخ العالم. بحيث يقال هذه سنوات ما قبل الميلاد، وسنوات ما بعد الميلاد. ?? لقد جاء المسيح يقرّب المسافة ما بين السماء والأرض، أو يحوّل الأرض إلى السماء، أو ليجعل مشيئة الله كما هى منفذة فى السماء، هكذا تكون على الأرض ... جاء يقرّب ما بين الله والإنسان، أو ينزع حاجز الخوف الذى بين الإنسان والله، مما يجعله يهرب من الله ومن وصاياه! ?? جاء يعلن أن الله أب للبشر، وكلهم أولاده. لذلك فهو يعلمهم فى الصلاة أن يخاطبوا الله قائلين : "أبانا الذى فى السموات". ويلقبه المسيح لهم بعبارة " أبوكم السماوى". والله - كأب - له كل حنو الأبوة وكل المحبة للبنين. إذ كان قد أحب خاصته الذين فى العالم، أحبهم حتى المنتهى. بل أن الله هو الحب المطلق. أو كما تعلّم المسيحية "الله محبة". ?? الله أحب العالم كله. ونحن ? خليقته ? نحبه . نعم نحبه، لأنه هو أحبنا قبلاً: أحبنا ونحن مجرد فكرة في عقله الإلهى منذ الأزل، قبل أن نوجد. وبسبب هذا الحب منحنا نعمة الوجود فخلقنا. ومن أجل محبته لنا منحنا العقل والنطق والإرادة، كما منحنا السلطة على باقي المخلوقات التي على الأرض. وبهذا صار الإنسان خليقة الله أو وكيله على أرضه. ?? والحب متبادل بين الله والبشر. وكل انسان يجد في الله الصدر الحنون الذى يلجأ إليه في كل مشكلة أو ضيقة. فهو معين من ليس له معين، ورجاء من ليس له رجاء، وميناء الذين فى العاصف ... وبإستمرار يقول الله للبشر: لا تخافوا، "ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر". "لا أهملكم ولا أترككم، بل اذا اجتمع إثنان أو ثلاثة منكم باسمى، فهناك أكون فى وسطهم". "إن نسيت الأم رضيعها، فأنا لا أنساكم". ?? علمنا السيد المسيح أيضاً أن الله هو الراعى الصالح، وكلنا من غنم رعيته. وهو الذى قال "أنا أرعى غنمي وأربضها، وأطلب الضال، وأسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح". والله فى رعايته لنا، يبحث عن الإنسان الخاطيء الذى ضل الطريق، ويسعى إليه حتى يرده. وللرب ألوان فى رعايته: ففي هذه الرعاية أرسل إلينا الأنبياء وزودهم بالوحي لتعليمنا وإنارة الطريق أمامنا. ومن عناصر رعايته: الإنقاذ. وهكذا فإن ملائكة الله حالة حول خائفيه وتنجيهم. ومن عناصر رعايته الحفظ. فهو يحفظنا من كل شر ومن كل سوء، يحفظ نفوسنا، ويحفظ دخولنا وخروجنا من الآن وإلى الأبد. ?? وقد علمّنا السيد المسيح كيف يتعامل الله مع الخطاة. فهو لا يشاء موت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا. وهو يريد أن الجميع يخلصون، وإلى معرفة الحق يرجعون. إنه يشفق على الخطاة، ويدعوهم إلى التوبة. ويقول فى ذلك "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" ونحن نعلم أن الله قد صبر على العالم الوثنى، حتى عاد إليه تاركاً عبادة الأصنام وآمن .. وصبر على الشيوعيين الذين كانوا لا يؤمنون بوجوده، حتى آمنوا بعد سبعين عاماً من الإلحاد. وقد أطال أناته على خطاة كثيرين، حتى تابوا، بل صار بعضهم قديسين. وعلمنا نحن أيضاً أن نتأنى على الخطاة ولا نحتقرهم، بل قيل لنا "شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء، تأنوا على الجميع" وهو أيضاً لم يصنع معنا حسب خطايانا، بل حسب رحمته. ?? وعلمنا السيد المسيح أن الله هو المخلص، الذى يخلّص شعبه من خطاياهم، والذى يخلصنا من الشيطان وكل قُوى الشر. وكانوا قبل ذلك يحسبون أنه مجرد خلاص من أعدائنا ومن جميع مقاومينا، أو هو خلاص من حكم الرومان. ولكن السيد المسيح أراهم أنه خلاص من عقوبة الخطية بالفداء. بل هو أيضاً خلاص من سيطرة الخطية ذاتها ومن أفكارها وشهواتها. ?? علمنا السيد المسيح أيضاً أن الله عادل ورحيم، وعدله لا ينفصل عن رحمته. فمن جهة عدله، هو يحاسب كل شخص حسب أعماله خيراً كانت أم شراً. ومن رحمته فهو يغفر الخطايا عن طريق التوبة. وبغفرانها بالتوبة يكون عدل الله مملوءاً رحمة، وتكون رحمة الله مملوءة عدلاً. حقاً إنه عادل فى رحمته، ورحيم فى عدله. ?? تحدث السيد المسيح كذلك عن ملكوت الله وملكوت السماء. وعلمنا أن نقول لله فى صلواتنا "ليأت ملكوتك". ونقصد بهذا ثلاثة معانٍ: منها ملكوت الله داخلنا، أى ملكوته على أفكارنا وقلوبنا وعواطفنا وحواسنا وكل حياتنا. كما نقصد ملكوت الله على كل الأرض، أى ينتشر الإيمان به فى العالم كله. ?? هذا ما تعلمناه من السيد المسيح عن الله. أما من جهتنا فعلّمنا أن تسود المحبة فى كل علاقتنا مع الناس. فنحب حتى الأعداء. وبهذا يسود السلام بيننا وبين الجميع. نسأله أن يسود السلام فى العالم كله. كما نسأل أن يحفظ بلادنا ورئيسها حسنى مبارك الذى يبذل كل جهده من أجل سلامة وطنه وكل المنطقه. وكل عام وجميعكم بخير. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|