امتلئوا بالروح

[Mary Naeem]

امتلئوا بالروح

في الحقيقة أن الروح القدس صار فينا يسكن بالسرّ حسب الإيمان الحي والإعلان الإنجيلي، وبسبب ذلك نؤمر من جهة الله والإنجيل بحسب الوصية التي قالها الرسول الملهم بالروح القدس، أن نمتلئ بالروح لنعمل بوصية يسوع في واقعنا اليومي المُعاش، فندخل في ناموس روح الحياة في المسيح يسوع، اي في هذه الحالة نمتلئ ببر الله، وتكون أعمالنا ثمر الروح فينا، أي على مستوى الواقع العملي تكون أعمالنا الصالحة نتيجة استجابتنا لسكناه فينا بطاعته والخضوع لقيادته [ لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم ابناء الله ] (رومية 8: 14)

• فكل عطية من الله توهب لنا مجاناً، وبالتوبة والإيمان الحي وثقتنا فيه بتسليم إرادتنا له لإطاعة الإنجيل، الإنجيل الذي تشع منه قوة الله بالروح لتنفيذ الوصية، تُنشئ في داخلنا التزام الطاعة فنُثمر لحساب مجده الخاص بقوة الروح وعمله في داخلنا في إنساننا الباطن [ لكي يُعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن ] (أفسس 3: 16)

فكل نعمة تأتينا بسبب نمونا في الطاعة والإيمان والمحبة بتوبة مستمرة لا تتوقف وصلاة لا تنقطع (حسب تدبير كل واحد في حياته الشخصية)، فهي بالضرورة تُنشأ فينا نعمة أكثر حتى الملء، طبعاً لا أقصد ملء نهائي تام، بل ملء دائم من الروح لا يتوقف، بل نظل نمتلئ إلى النفس الأخير في حياتنا على الأرض، وذلك لأن الملء من الروح القدس مهما قطعنا فيه شوطاً كبيراً، لا يُمكن أن يبلغ شعورنا إلى الإحساس بالاكتفاء قط، لأن كل ملء يُنشئ فينا شوق ولهفة لملء أعظم وأكبر، لأن الله لا يُشبع منه أبداً، لأنه متسع للغاية وكلما نقرب إليه نريد أن نقترب أكثر، وكلما نعرفه نريد أن نعرفه أكثر، وحينما نأخذ من نعمته نشتهي أن نأخذ منه أكثر...

• ولنعلم أن الروح القدس يأخذ من المسيح الرب ويعطينا، ويدخلنا لمحضر الله بقوة عظمى إذ يرى الله صراخه المُحبب فينا يا أبا الآب [ بما إنكم ابناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب ] (غلاطية 4: 6)، فهو يحقق بنويتنا لله في المسيح الرب [ إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب ] (رومية 8: 15)، ويشعل قلبنا محبة [ محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا (رومية 5: 5) ، هذا – بالطبع – لو كنا نفسح له مكاناً في القلب والحياة الشخصية، وبذلك يصنع في داخلنا مكاناً للمسيح الرب، وبذلك يستعلن المسيح في القلب ويزداد استعلاناً كل يوم لنا على قدر ما نطيع الروح ونطلب ملئه الدائم ...

فلا بد لنا ومنذ الآن أن نُسلم كل الفكر وكل الإرادة وكل المشورة وكل العمل للروح القدس ليقود حياتنا برمتها، ماضيها ومستقبلها، لكي يستخدم ضعفنا وقوتنا، نجاحنا وفشلنا، صحتنا ومرضنا، ليوجه كل شيء نحو الغرض الذي من أجله [ مات المسيح لأجلنا وقام ] لندخل في شركة مع القديسين والآباء والرسل في الكنيسة الواحدة كأعضاء لبعضنا البعض في سر النور والتقوى وشركة الله الثالوث القدوس (أنظر رسالة القديس يوحنا الرسول الأولى الإصحاح الأول)...

• فافرحوا يا إخوتي واطلبوا الروح القدس واسمعوا ماذا يقول القديس مقاريوس الكبير الممتلئ بالروح حينما نطلب الروح بإصرار: [ الرب يُرسل روحه الخفيف النشيط الصالح السماوي، وبواسطته يخرج النفس التي غطست في مياه الإثم، ويُصيرها خفيفة ويرفعها على جناحه إلى أعلى السماء، ويُغيرها من طبيعتها الأصلية تغييراً كاملاً ] (العظة44 – ص283)

عموماً كنت أشتهي أن أكتب كل ما كتبه الآباء حسب خبرتهم التي سلموها لنا، ولكني عاجز بسبب ضعف جسدي وإمكانياتي على نقل هذه التلال الضخمة لخبرات الآباء في شركة الروح القدس والامتلاء منه، ولكن سأحاول جاهداً أن أكتب الكثير من هذا التراث العظيم الذي للتقوى والحياة للخبرة، والقادر ان يفعل فوق كل شيء أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا يهبنا سكيب غنى الروح. له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع الى جميع أجيال دهر الدهور آمين