|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا نتحدث عن مخافة الله؟ لعل البعض يسأل لماذا نتكلم عن مخافة الله؟! بقلم قداسة البابا شنودة الثالث بينما قد بشرتنا الأناجيل,بأن الله أب لنا,بكل ما تحمل كلمة أب من معاني الحنو والحب.وقد تعود الناس منا أننا كنا نكلمهم باستمرار عن إلهنا الطيب الحنون,الذي يعاملنا بكل شفقة ورأفة.ويقابل خطايانا-إذا تبنا- بالمغفرة والتسامح فلماذا نتكلم عن المخافة إذن؟ أقول:إن الناس علي نوعين:نوع يذيبه الحب.ونوع آخر يستغل المحبة مجالا للاستهانة والاستهتار وحتي الذي تذيب المحبة قلبه علي نوعين: فهناك من يحبون الله,ويعملون كما يليق بالمحبة,بكل قوة.وتظهر محبة الله في حياتهم,وفي سلوكهم,وفي طاعتهم لله,وانفاق مشيئتهم ورغبة قلوبهم مع مشيئة الله...وهذا هو النوع المثالي,ولكن ليس جميع الناس مثاليين. وهناك من يحبون الله,وتنقصهم الإرادة والتنفيذ. المحبة خاتم علي قلوبهم,ولكنها ليست خاتما علي سواعدهم نش8:6.مثال ذلك القديس بطرس الرسول ساعة الإنكار...لقد أنكر السيد المسيح,ومع ذلك كان يحبه.وقد قال له بعد القيامةأنت تعلم يارب كل شئ.أنت تعلم أني أحبكيو21:17. في ساعة إنكاره:أكانت له المحبة,ولم تكن له المخافة؟ أقصد مخافة الله...لأن بطرس كان وقتذاك خائفا من الناس أن يضروه بسبب صلته بالمسيح..وكان خوفه من الله في ذلك الوقت أقل من خوفه من الناس وحتي محبته لله أثناء تلك التجربة,لم تكن محبة كاملة.لأنها لو كانت محبة كاملة.لانتصرت علي الخوف من الناس,وما كان قد أنكر الرب....! يا ليت بطرس في ذلك الوقت,كانت في قلبه مخافة الله.. أما النوع الثاني من الناس,فإنه يخطئ فهم المحبة! فإذ يعرف أن الله يغلبه حنانه,فيغفر ولايعاقب,لذلك فهذا النوع لا يخاف,ولا ويخطئ...! إنه يتدلل علي الله تدللا خاطئا غير مقبول.ويقول في نفسه,وربما أمام الناس:مادمنا نتعامل مع إله رحوم,إله حنون طيب,فلا نخاف إذن مهما أخطأنا.ولابد أن الله سيغفر-إنه غفر للمرأة الزانية,وغفر لمريم المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطينمر16:9.إلهنا:الطيب قبل إليه زكا العشار,واختار أيضا متي العشار رسولا وأشفق علي الخاطئين... وهكذا يستهين بمحبة الله,أقصد محبة الله له أما هو فلا يكون محبا لله وهو يعصي وصاياه! لذلك فالحديث عن مخافة الله لازم جدا,بالنسبة إلي هذا الجيل الذي نعيش فيه. ذلك لأننا نعيش في جيل,فقد فيه الناس خوف الله: فمنهم من ينكر وجوده,ومنهم من يهاجمه فينتقد الله ويتهمه.وفي هذا الجيل أيضا من يتذمر علي الله,ومن يكسر وصاياه بكل جرأة وبلا خوف...! هذا الجيل الذي تفشت فيه الاستباحة وألوان من الاستهتار...وأصبح كثيرون يثورون علي القيم والمبادئ ويسيرون بأسلوب قاضي الظلم الذي قيل عنه إنه كانلا يخاف الله.ولا يهاب إنسانالو18:2. نعم,ينبغي أن نتحدث عن مخافة الله في هذا الجيل,الذي نزع فيه الخوف من قلوب الكثيرين,حتي من الصغار. وأصبح لا خوف من أب ولا من أم,ولا من معلم ولا من شيخ,ولا من رئيس...بل هي ثورة حتي علي الأنظمة والقوانين,وعلي كل سلطة في البيت أو في المدرسة أو في الشارع,أو في العمل.. هذا الوقت يلزمه الحديث عن المخافة,أكثر من أي وقت آخر... وقد يحتج البعض بأن المخافة هي من سمات العهد القديم,أما العهد الجديد فهو عهد النعمة والمحبة. وهذا تعليم خاطئ لأن الله هو هو أمسا واليوم وإلي الأبدعب13:8-11ليس عنده تغيير ولا ظل دورانيع1:17.إن كانت هناك مخافة في العهد القديم,فقد كانت فيه وصية المحبة أيضاتحب الرب إلهك من كل قلبك,ومن كل نفسك,ومن كل قوتكتث6:5.وقال السيد المسيح إنه بهذه المحبةيتعلق الناموس كله والأنبياءمت22:4. وإذ ثبت العهد الجديد هذه المحبة,فإنه تحدث عن المخافة أيضا,في أقوال السيد المسيح ورسله القديسين .يكفي أن أسجل قول السيد الرب: أريكم ممن تخافون:خافوا من الذي بعدما يقتل,له سلطان أن يلقي في جهنم.نعم أقول لكم من هذا خافوالو412, 5مت10:28. وهكذا عبارة الخوف ثلاث مرات في وصية واحدة بدأها بعبارةأقول لكم يا أحبائي...لو12:4إذن المحبة لا تتعارض مطلقا مع الخوف.والقديس بطرس يقول للكلسيروا زمان غربتكم بخوف1بط1:17.ويقول للنساءملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف1بط3:2. صدقني يا أبي ومعلمي القديس بطرس,لقد تحدثت عن الخوف في رقة,فهوذا القديس بولس يقول: تمموا خلاصكم بخوف ورعدةفي2:12. فأضاف إلي الخوف كلمة الرعدة,وهي أشد...ولعل من أوضح الآيات الكتابية عن المخافة في العهد الجديد هي قول القديس بولس الرسول أيضا مكملين القداسة في خوف الله2كو7:1. ويقول القديس يهوذا الرسولارحموا البعض مميزين.وخلصوا البعض بالخوف,مختطفين من النار,مبغضين حتي الثوب المدنس من الجسديع22:23. وبهذا نري أن الخوف يصلح أن يكون أسلوبا من أساليب الرعاية وإنقاذ النفوس. البعض نرحمه مميزين.والبعض نخلصه بالخوف,نخطفه من النار حتي لا يحترق.فالناموس ليست كلها واحدة.منها بلاشك من ينفعه الخوف. وفي هذا المعني نفسه يقول القديس بولس لتلميذه تيموثاوس الأسقفالذين يخطئون,وبخهم أمام الجميع,لكي يكون عند الباقين خوف1تي5:20.وهذا الخوف نافع,حتي لا يستهتر الباقون... وكانت سياسة الخوف نافعة في معاقبة حنانيا وسفيرا... لأنه كان من الممكن أن يتكرر الخطأ الذي صدر من حنانيا وسفيرا,ويسلك بنفس سلوكهما آخرون..ولكن لما أوقع القديس بطرس عليهما العقوبة,علي الرغم من شدتها,يقول سفر أعمال الرسلفصار خوف عظيم علي جميع الكنيسة,وعلي جميع الذين سمعوا بذلكأع5:11.وكان هذا الخوف لصالح الكنيسة واستقرارها منذ تأسيسها. هكذا عاشت الكنيسة في تعليمها منذ أيامها الأولي.لماذا يحاول البعض أذن-في هذه الأمور الروحية أن يفرق بين تعليم العهد القديم وتعليم العهد الجديد؟!أليس الكتاب وحدة واحدة متجانسة,يقول عنها الرسول: كل الكتاب هو موحي به من الله,ونافع للتعليم والتوبيخ,للتقويم والتأديب الذي في البر2تي3:16. إن إله العهد القديم,هو نفسه إله العهد الجديد لم يتغير,فلا تظنوا أن الله كان مشددا من جهة الخطية في العهد القديم,ومتساهلا من جهتها في العهد الجديد!حاشا.فالخطية هي هي في كل بشاعتها.والله هو هو,الكلي الصلاح,والكلي القداسة,والكلي العدل,في العهدين كليهما... ليس العهد القديم إذن هو عهد الخوف والعقوبة وليس العهد الجديد هو وحده عهد النعمة والمحبة. فالخوف والفرح فيهما كليهما.الفرح للذين يؤمنون ويثبتون في الإيمان..والخوف لغير المؤمنين,وللذين يسقطون أو ينحرفون.. وليس العهد القديم هو عهد التهديد والوعيد,بينما العهد الجديد هو عهد الوعود!!... فالوعيد والوعود فيهما معا,ولا ننسي أنه في العهد الجديد يقول الإنجيل. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا,تقطع وتلتقي في النارمت3:10. ويقول السيد المسيح في كل محبتهإن كان أحد لا يثبت في,يطرح خارجا كالغصن,فيجف,ويطرحونه في النار فيحترقيو15:6. إن الله يعرف طبيعة الإنسان,ويعرف أن المخافة نافعة ولازمة لهذه الطبيعة.ولذلك تحدث عن المخافة في كلا العهدين القديم والجديد. وفي العهد القديم ,لم يتحدث عن المخافة فقط في مجال التهديد,بل في مجال الحب والنعمة أيضا. فقيل في سفر المزامير. سر الرب لخائفيهمز25:14. عين الرب علي خائفيهمز33:18. ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهممز34:7. خلاصه قريب من خائفيهمز85:9. قويت رحمته علي خائفيهمز103:11. يتراءف الرب علي خائفيهمز103:13. من هو الإنسان الخائف الرب.يعلمه طريقا يختاره.نفسه في الخير تبيت...ونسله يرث الأرضمز25:12. ويقول الرب في سفر أرمياء النبيوأعطيهم قلبا واحدا وطريقا واحدا,ليخافوني كل الأيام لخيرهم وخير أولادهموأقطع لهم عهدا أبديا أني لا أرجع عنهم, لأحسن إليهم,وأجعل مخافتي في قلوبهم,فلا يحيدون عنيأر32:38-40. وفي العهد الجديد,وردت مخافة الله مرتبطة بفضائل,والمخافة مرتبطا بالخطية. فقد قيل عن كرنيليوس البار إنهتقي وخائف الله مع جميع بيته يصنع حسنات كثيرة للشعب,ويصلي إلي الله في كل حينأع10:2. وامتزج الخوف مع تمجيد بالنسبة للذين رأوا شفاء المفلوجفأخذت الجميع حيرة ومجدوا الله وامتلأوا خوفا قائلين إننا قد رأينا اليو عجائبلوقا5:26عند إقامة ابن أرملة نايينأخذ الجميع خوف ومجدوا اللهلوقا7:16. وفي سفر الرؤيا.رأي القديس يوحنا رأيت ملاكا طائرا في وسط السماء معه بشارة أبدية ليبشر الساكنين علي الأرض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب قائلابصوت عظيم خافوا الله وأعطوه مجدا رؤ14:6, 7. ورأي القديس يوحنا ملائكة يسبحون الله قائلينمن لا يخافك يارب ويمجد اسمك لأنك وحدك قدوسرؤ15:4.ويشبه هذا قول القديس بطرس الرسولأحبوا الإخوه.خافوا الله1بط2:17. وكما تمتزج المخافة بالفضيلة,يمتزج عدم المخافة بالخطية وهكذا نجد علي الصليب,أن اللص التائب ينتهر اللص الآخر الذي كان يجدف,ويقول لهأوما تخاف الله إذا أنت تحت هذا الحكم بعينهلو23:40 ,41. وقيل عن قاضي الظلم أنهلا يخاف اللهلو18:1.وأبونا إبراهيم أبو الآباء,لما تغرب في أرض جرار, وصل شرها بقولهإني قلت ليس في هذا الموضع خوف الله البتة,فينقلونني لأجل امرأتيتك20:11. أخيرا,نحن نتكلم عن مخافة الله,لأجل فوائدها العديدة التي أرجو أن أكتبها لكم في العدد المقبل إن شاءت محبة الله وعاشنا. </B></I> |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|