|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
منذ عدة سنوات قليلة هبت عاصفة ثلجية عنيفة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية وذلك في شهر فبراير، وتجمدت مياة الأنهار وأعلنت حالة الطوارئ في جميع المطارات وفي هذه الأثناء كانت إحدى الطائرات تقلع من المطار الدولي بمدينة واشنطن، ومع أنه تم رش أجنحتها بمادة خاصة لإذابة الثلوج التي تراكمت عليها إلا أنه بمجرد إقلاعها لم تستطع الصعود وسقطت في النهر المتجمد الملاصق للمطار وانشطرت إلى نصفين وغاصت في الأعماق بكل ركابها ما عدا خمسة أشخاص وجدوا أنفسهم وسط الماء المتجمد فأمسكوا ببعض حطام الطائرة وهم في حالة رعب وخوف ليس من هول الصدمة فقط بل لأنهم عرفوا أن أجسادهم ستتجمد خلال دقائق وتعالوا لنعرف بقية القصة من أحد الناجين الذين تم انتشالهم في اللحظات الأخيرة، وكان يتكلم أمام عدسات التليفزيون وهو مذهول ويبكي.. لقد أحسست أنها النهاية، لم يكن هناك أمل، كانت أطرافي تتجمد بسرعة، وتملكني يأساً شديداً، وفجأة سمعت صوتاً خلفي هادئاً واثقاً، فنظرت إليه ووجدته أحد الناجين معنا قال لنا بهدوء، قد نتجمد الآن قبل أن تأتي النجدة، فهل تعرفون إلى أين ستذهبون؟ وفوجئنا بهذا السؤال الذي لم يكن أحد منا يفكر فيه، ولكن عندما نظرنا إلى حالتنا وواجهنا حقيقة موقفنا استسلمنا ولم نستطع الرد عليه لأننا لم نكن نملك إجابة واضحة وحاسمة. حاول الرجل أن يتكلم معنا ولكننا لم نتجاوب معه، وابتدأنا نفقد الوعي. وفجأة جاءت طائرة مروحية (هليوكابتر) وأنزلت حبل وبه طوق نجاة، وفوجئنا بهذا الرجل الغريب يأخذ طوق النجاة الذي سقط بجانبه ويعطيه لأحدنا، وجذب مساعد الطيار الحبل بسرعة ثم قذفه مرة أخرى، وتكرر نفس المشهد.. أخذ الرجل الطوق وأعطاه لآخر، ولم يتبق أحد إلا أنا وهذا الرجل، وكانت قوانا قد خارت تماماً وبدأت أجسامنا تتجمد، وجاء الطوق من فوق ووجدت الرجل يعطيه لي، ولم أمانع فقد كنت أتشبث بالحياة، وابتدأ مساعد الطيار يرفعنى فنظرت إلى الرجل وسألتة لماذا؟ فأجابني بكلمات هزتني ورجتني وحيرتني... كلمات لن أنساها مدى عمري.. قال بهدوء وثقة، لأني اعرف إلى أين أنا ذاهب، وأعرف أن أحضان أبي في انتظاري. وفي وسط إعيائى وحيرتي والطوق يرتفع بي في الهواء صرخت وسألته، لماذا أنت متأكد وواثق هكذا؟ فأجابني بكلمة واحدة.. كلمة واحدة قلبت كياني وهزت حياتي.. هتف بها من أعماق قلبه قائلاً لأنه أبي. وعندما نزل الطوق مرة أخرى رجع فارغاً، لأن الرجل كان جسده متجمداً هناك.. ولكن روحه كانت في مكان آخر.. كانت في حضن أبيه.. وفي اليوم التالي وأثناء مراسم دفن جسده وقفنا نحن الأربعة الذين كنا معه في الماء، كنا مثله مسيحيين. نذهب إلى كنائسنا ونحترم فرائضنا ونمارس طقوسنا، وكانت مسيحيتنا جزء من روتين حياتنا. ولكن مسيحه هو كان يعيش بداخله. آه.. لم نكن مثله، كان مختلفاً عنا، ومن خلال دموعنا طلبنا من الذي حملنا اسمه بولادتنا من عائلات مسيحية، وظننا أننا على هذا الأساس سندخل السماء بالوراثة، طلبنا من الذي ذهب إلى الصليب من أجلنا وأعطانا دمه ليطهر قلوبنا، ولكن في زحمة حياتنا واهتمامنا بروتين عبادتنا نسيناه، آه.. نسينا أنه مكتوب أن ليس بأحد غيره الخلاص، وهو ما زال ينادي علينا وأمام القبر سمعنا الصوت وفتحنا أبوابنا وقلوبنا وطلبنا منه أن يدخل، طلبنا منه بكلمات بسيطة وضعيفة، لم نكن نملك غيرها ولكن عنده كانت تكفي وتزيد، فهو يريدك كما أنت لأنه يعرف قلبك وما في داخلك وعرفنا ما هو مكتوب، وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه. آه.. ما أروع أن نكون أولاده قائلين له يا أبي، سنعرف معنى الفرح والسلام الذي لا يستطيع أحد أن ينزعه منا، وسنعرف إلى أين سنذهب، لأن يسوع هو الطريق والحق والحياة. فتعال الآن في أحضانه ولا تؤجل |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|