|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دراسة في القانون الكنسي تابع (2) طبيعة الكنيسة وأساس قيامها الكنيسة شعب وإكليروس – الفرق ما بين لفظة الشعب والعلماني [ رعية مع القديسين وأهل بيت الله – عضواً مكرماً في الكنيسة الجامعة ] هناك كثير من المسميات والمصطلحات الكنسية التي يُساء فهمها داخل الكنيسة ووسط شعب الله المدعو في سرّ القداسة للشركة مع الله في النور، والسبب في هذا يا إما استخدام بعض هذه الكلمات والمصطلحات في الصحف العامة أو الكتابات الفلسفية أو الأدبية المختلفة بمعنى آخر غير معناها الكنسي الصحيح حسب سرّ المسيح رأس الكنيسة، أو بسبب ضياع المفهوم الكنسي الصحيح نتيجة لتراكم عدم التعليم بها وإهمالها والتركيز الدائم على التأملات والتي تخلو من أي مصطلح لاهوتي أو كنسي مع الإهمال بالتعليم الليتورجي والذي منه تنطلق دائماً الكنيسة بالشرح والتفسير للحياة والخبرة في سرّ التقوى، ومن ضمن هذه المصطلحات الهامة والتي تؤثر سلباً علينا جميعاً وتجعلنا منفصلين على الكنيسة ونظن أن لكل فئة مستقلة بذاتها عن الأخرى هو مصطلح [علماني]، وهو مصطلح معروف عند كل الناس، وهو صحيح بالنسبة للمجتمع العام، وقد دخل عموماً للكنيسة بمفهوم [الإنسان الذي ليس من ضمن الإكليروس وليس له رتبه كنسية]، ومن هذا المفهوم ظن الكثيرين أن ليس لهم أي علاقة بالشأن الكنسي لأنهم علمانيين مفصولين عن الإكليروس ولا علاقة لهم بهم إطلاقاً إلا في حدود الطقس ورئيس ومرؤوس !!! وهذا خطير وكفيل أن يحرم الكنيسة كلها من وحدتها الإلهية في الجسد الواحد الغير منفصل عن بعضه البعض قط، حتى ظن الكثيرين أن العمل الليتورچي يخص الكاهن أو الأسقف أو الرتب الكنسية عموماً فقط والشعب ليس له أي دور، مما أدى لضعف اشتراك الشعب في القداس الإلهي وجعلهم منكمشين على أنفسهم ويحيون منفصلين عن الكنيسة الجسد الواحد المترابط معاً !!! لأن الأسقف أو الكاهن لا يستطيع أن يُقيم القداس وحده بدون حضور الشعب... ولكي نتفادى الأحاديث العقيمة والخلافات والانقسامات داخل الكنيسة، سنعود للمفهوم الصحيح لكلمة شعب وكلمة علمانيين، ونفرق بين اللفظتين، وذلك لكي نعي أهمية عودة دورنا كشعب وليس علمانيين [ بالمفهوم العام للكلمة ] في داخل الكنيسة ...
عموماً نجد أيضاً في الثقافة اليهودية الهلينية اكتسبت كلمة κοσμος المعنى المكاني: العالم، الكون، عالم البشرية. وذلك إلى جانب التعليم الرؤيوي اليهودي عن دهرين αἰών (الدهر الحالي المُعاش أي حسب الزمن لكل جيل؛ الدهر الأبدي)، وهذا المفهوم حدد الأفكار اليهودية عن العالم، وهذا العالم أو الدهر الحاضر، أي المُعاش في الزمن، واقع تحت سيطرة الشيطان والخطية والموت. وهذا واضح في الواقع العملي المُعاش من جهة التدهور الأخلاقي في العالم، حتى أنه قنن الخطية والأطماع الشخصية أو أطماع الأمم في أراضي غيرهم وحلم السيطرة على العالم وتوسيع النفوذ، غير أنه بالنظر إلى اليهودية لم تفقد إطلاقاً إيمانها بالخليقة من جهة أنها تُحقق مقاصد الله فيها حسب التدبير الإلهي، ومن ثمَّ لم تتبنى اليهودية وجهة النظر الثنائية العالمية التي تتبناها الغنوصية التي فصلت ما بين الخليقة والخالق، وركزت على أن العالم أصبح كاملاً، وأن العالم كان خليقة قوى شيطانية جاءت من chaos الظلمة، وقد سُلب هذا العالم من كُل عُنصر إلهي، وهو مادي وجسدي محض وهو ملء الشرّ، وعلى ذلك فهو سجن كانت روح الإنسان السابقة الوجود تتطلع إلى التحرر منه، الأمر الذي ساعده فيه الشخص الإلهي الذي يُدعى ابن الله، بل وقد نظروا أيضاً للكون على أنه شكل أسطوري، عُرف ضمن أمور أُخرى بأنه هو [ابن الله]، وهكذا تنوع التعريف من فكر لآخر، وهذا ليس مجال بحثنا الآن.
أو يُقصد به كل الأشياء المخلوقة [ كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان ] (يوحنا 1: 3) (2) يُمكن أن يعني أيضاً العالم كمجال أو مكان حياة البشر، الأرض أو المسكونة οἰκουμἐνη [ وهو يقضي للمسكونة بالعدل ] (أنظر مزمور 9: 8؛ 67: 4؛ 96: 13؛ 98: 9)، [ إلى أقصى المسكونة ] (مزمور 19: 4؛ 72: 8)؛ [ كل سكان المسكونة ] (مزمور 33: 18؛ 49: 1)، أو العالم المأهول بالسكان كما جاء في حزقيال 16: 35، حيث وصفت كنعان بعبارة أرض عامرة، وعموماً هذا الاستخدام نجده أنه يأخذ الألوية في الأناجيل الإزائية مثل: (متى 4: 8) [ جميع ممالك العالم ومجدها ]؛ (مرقس 8: 36) [ لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ]، وايضاً العِبارات الشهيرة: [ آتياً إلى العالم – كان في العالم – تخرجوا من العالم ] (أنظر يوحنا 1: 9؛ 1: 10؛ 1كورنثوس 5: 10). (3) يُمكن ان تأتي كلمة العالم حيث يُقصد بها البشرية كلها، ويُقصد بها على الأخص في رسائل القديس بولس الرسول والقديس يوحنا الرسول: مكان وهدف عمل الله الخلاصي: [ النور قد جاء إلى العالم ] (يوحنا 3: 19)؛ [ أي أن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه ] (2كورنثوس 5: 19) وبالطبع نستطيع ان نقول، أن بدءاً من رسائل القديس بولس الرسول وما بعدها أعطى الاسم κοσμος سمة إنسانية وتاريخية نمطية، حيث أنه ركز على ان الخليقة كلها أُخضعت للبطل بسبب السقوط، وتمادي الناس في الشر إذ أخطأ الجميع، وهذا كله واضح في رسالة رومية. ___________ ومما تقدم نستطيع أن نفهم أن كلمة علماني باللغة اليونانية تعني [عالمي دنيوي أرضي] وهو المنسوب إلى العالم، وهذا مخالف للواقع المسيحي الكنسي الذي يحمل معنى الكنيسة جسد المسيح السري، فشعب الله عامة أي المسيحيون وإن كانوا يعيشون في العالم [ ويستخدمون ما فيه ويعيشوا في المجتمع ويستخدمون هيئته مثل باقي الناس ] وهذا طبيعي ومشروع، والله لم يقصد أن نتخلى عن الحياة في العالم تماماً أو نرفضها ولا نُشارك فيها، لكنهم – أي شعب الله المنتمين إليه ككنيسة – في عمق حياتهم الروحية ودعوتهم السماوية لملكوت الله [ ليسوا من العالم ]: [ لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته، ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم ] (يوحنا 15: 19)، لذلك تتحاشى الكنيسة أن تستخدم في صلواتها كلمة علماني ولا تقل أذكر يا رب كل علماني بل تقول شعبك، لأننا شعب الله الخاص المولودين ولادة خاصة من الله أي من فوق، أي من عالم آخر وهو عالم سماوي، لأننا مولودين من فوق من الماء والروح ونسبنا الحقيقي هو نسب سماوي ... ولنا أن نعلم – لكي يستقيم الكلام – أنه بالرغم من أن المؤمنين بالمسيح الرب يستخدمون ما في العالم من أشياء ويعيشوا فيه ويخضعوا لقوانينه الدستورية والمدنية، ولكنهم لا يخضعوا لأساليب العالم وقيمه، ويظلوا يعيشون فيه لأنهم لم يؤخذوا من العالم ولهم واجبات فيه ونحوه [ أنا قد أعطيتهم كلامك والعالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم كما إني أنا لست من العالم. لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما إني أنا لست من العالم. قدسهم في حقك كلامك هو حق. كما أرسلتني إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم ] (يوحنا 17: 14 – 18) وهم بطبعهم مُطعمين في الكرمة الحقيقية، أي هم في المسيح يسوع ربهم ثابتين كأغصان حية في الكرمة الحقيقية [ اثبتوا فيَّ وأنا فيكم، كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة كذلك انتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيَّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً. أن كان أحد لا يثبت فيَّ يُطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق. إن ثبتم فيَّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي. كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا، أثبتوا في محبتي. إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما إني أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمُل فرحكم. هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم ] (يوحنا 15 : 4 – 12) فوضع المسيحي الحقيقي في العالم، ليس وضع المنتسبين إليه ويعيشون تحت سلطان رئيس العالم، بل هم جماعة تخص المسيح الرب أي شعبه [ كما سوف نشرحها فيما بعد بالتفصيل ] وبمقدورهم أن يبنوا (في هذا العالم الحاضر وفي الزمان الذين يعيشون فيه) إيمانهم الحي بوصية المحبة الجديدة وممارستهم لها بكل إخلاص من يحبون الرب ويتنسبون إليه بحياة التبني في المسيح يسوع، لأن طاعتهم تدل على ولائهم للمنتسبين إليه أي الله الثالوث القدوس الحي: [ وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً، كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضاً لبعض - إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي - أجاب يسوع و قال له أن أحبني احد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً - انتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به. لا أعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي. بهذا أوصيكم حتى تحبوا بعضكم بعضا. ] (أنظر يوحنا 13: 34 – 35؛ يوحنا 14: 15، 23؛ يوحنا 15: 9 – 7) والكنيسة تحذرنا في القداس الإلهي بصوت الإنجيل [ لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم ]: [ لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم أن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي شهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد ] (1يوحنا 2: 15 – 17) ... فنحن – كشعب الله – مهتمون بألا نستسلم لسلطان هذا العالم الزائل [ العالم يمضي وشهوته تزول ] لأننا نخضع لمشيئة الله ونسير وفق التدبير الإلهي المُعلن لنا في الإنجيل لأن هذه هي مشيئته [ أما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد ]، لذلك فأن كل من يحب العالم [ أي الذي يحب أن يعيش وفق شهواته ورغباته من شهوة جسد وشهوة عيون وتعظم معيشة ] ليس له نصيب في محبة الله المقدمة له، ومن ثم ليس باستطاعته أو في مقدرته أن يحب حسب وصية الله في المسيح يسوع !!!
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لمسته يهرب قدامها كل موت |
طبيعة الكنيسة من وجهة أرثوذكسية |
طبيعة الكنيسة |
طبيعة الكنيسة فعالة كطبيعة المسيح، |
طبيعة الكنيسة وأساس قيامها |