اللهم إني أخجل وأخزى من أن أرفع يا إلهي وجهي نحوك لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا وآثامنا تعاظمت إلى السماء ( عز 9: 6 )
إنه لمن المُخجل أن نتمثل ونتأثر نحن المؤمنين بروح العالم حولنا. وكما حدث في أيام الكنيسة الأولى، هكذا الحال الآن. وأكبر مَثَل لذلك: المؤمنون في مدينة كورنثوس التي كانت تشتهر بالعظمة والفخامة والأبّهة والانحلال، وسرعان ما رأينا روح العالم وقد دبّت في وسطهم "إنكم قد شبعتم. قد استغنيتم.." ( 1كو 5: 1 ) وأيضاً "يُسمع مُطلقاً أن بينكم زنى ..." (1كو5: 1).
وأهم ما يميز أيامنا هذه هو الضحالة والسطحية في كل شيء، وانعدام روح القوة والمحبة والنُصح وحياة التكريس وإنكار الذات. ومما يؤسف له أن كل ذلك ينتشر كثيراً في كنيسة الله بين المؤمنين.
أيها الإخوة الأحباء نحن لا نفشل في طريق الشهادة لربنا وسيدنا يسوع المسيح بسبب نقص معرفتنا وعلمنا بما هو مكتوب، بل نحن نفشل لأننا لا نحيا هذا المكتوب في كلمة الله، وأصبحنا نُشبه بحيرة متسعة الجوانب ولكن مياهها ضحلة وكان ينبغي أن نكون ينبوع ماء حي وبئر ماء عميقة، ليس لها انتشار على بقعة كبيرة من الأرض ولكنها عميقة عميقة. إن رجل الشركة والعمق والاختبارات هو الذي يقدم الشهادة الحية للرب.
وأكبر مَثَل لرجل كان له التأثير المبارك على إخوته وكل مَنْ هم حوله هو عزرا. لقد دب الفشل والعصيان في البقية المشتتة من الشعب التي عادت من بابل، وهددت خطية الاختلاط بأمم الأرض، التي خرَّبت حياتهم، أن تتفشى فيهم أيضاً. وكانت هذه الظروف بالنسبة لعزرا ظروفاً قاسية. لكن عزرا لم يطلب عقد مؤتمر أو اجتماع، ولم يضع الخطط والبحوث لإصلاح الخراب، ولكنه إذ أحسّ بالخطر فقد بسط الأمر أمام الرب ومزق ثيابه ورداءه ونتف شعر رأسه وذقنه وجثا على ركبتيه وبسط يده إلى الرب واعترف بذنب الشعب وآثامهم المتعاظمة وقال "اللهم إني أخجل وأخزى من أن أرفع يا إلهي وجهي نحوك" (عز9). وكما تحرك عزرا، تحرك الآخرون ( عز 10: 1 ). وكما تعمّقت فيه روح الخضوع والخشوع والاعتراف بالذنب، بدأت تشع من خلاله قوة الله حتى أنه مكتوب "فلما صلى عزرا واعترف وهو باكٍ وساقط أمام بيت الله، اجتمع إليه من إسرائيل جماعة كثيرة جداً من الرجال والنساء والأولاد لأن الشعب بكى بكاءً عظيماً" (عز10: 1). وكانت النتيجة طهارة في الشعب وقداسة وبركة.