|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل شككتَ في عمق المحبة؟
هل تقدر محبة الله لك! كيف تقيس عمق محبة المسيح! هل شككتَ مرَّة في محبة إنسان عزيز جداً عليك؟ أو هل حاولت مرة أن تثبت لإنسان أنك تحبه وهو لا يثق في حبك؟ في كلتا الحالتين أنت تعلم أن التعبير المقنع عن الحب هو بالأفعال أكثر منه بالكلمات. ولما كانت الأفعال أقوى من الكلمات، فقد عبَّر الله عن محبته لك بما فعله، إذ مات المسيح مصلوباً لأجلك. وعندما تدرك مغزى الصليب فلن تحتاج لأي برهان آخر لحقيقة حب الله لك. بعد قبولي المسيح مخلِّصاً قرأت قصة حقيقية عن صبي «نافخ بوق» اسمه «ويلي هولت» في الثانية عشرة من عمره، كان يعمل في خدمة الجيش أثناء «حرب البوير». وكان ويلي يقيم في خيمة مع سبعة جنود أشرار، أحدهم اسمه «بل». وكان ويلي يحب المسيح ويركع كل ليلة إلى جوار سريره ليقرأ كتابه المقدس ويصلي، بينما يشتمه بقية الجنود ويسخرون منه. وذات يوم حدثت سرقة في الخيمة، وتكررت السرقة في الليلة التالية. فاستدعى القائد الجنود وقال: «لقد ذهب تحذيري الأول أدراج الرياح، وعاد اللص يكرر فعلته. واليوم أُعطي السارق فرصة الاعتراف لينال عقابه كرجل شجاع. فإن لم يعترف فسأعاقب كل جندي منكم بعشر جلدات على ظهره العاري. إلا إذا تقدم أحدكم لينال العقوبة، فيُعفى الآخرون». وبعد صمت طويل، وقف «ويلي» وتقدم نحو القائد وقال: «قلتَ يا سيدي إنه لو تقدم رجل ليُعاقب يُعفى الباقون. أنا هو الرجل». وصاح القائد في الجبان المجهول: «كيف تسمح للصبي البريء أن ينال العقاب؟» . ولكن لم يتحرك أحد. فقال القائد: «الآن سترون المنظر المحزن لصبي بريء يُعاقب بدل رجل مذنب». ونفَّذ القائد وعيده، وأمر بتعرية ظهر الصبي، وبدأت ضربات السياط التي كان الصغير يتأوَّه تحت لسعاتها الرهيبة. وفجأة لم يحتمل «بل» المنظر فأسرع يصرخ: «توقَّفوا. أنا اللص، وسأنال عقابي». ورفع ويلي عينيه نحو بل وقال: «حسناً يا بل، لكن القائد لن يتراجع في أمره، وسأتحمَّل كل عقوبتك». وقد كان. ولم يسترجع ويلي الصغير صحته قط بعد عقوبة الجلد. وعلى فراش الموت اقترب منه «بل» مكسور القلب يبكي ويسأل: «لماذا فعلت هذا لأجلي؟ إني لا أستحق». فأجابه: «حاولت كثيراً أن أقول لك إن الله يحبك، ولكنك كنت دوماً تسخر مني. وقد فكرت أني لو تحمَّلتُ عقوبتك، فربما أساعدك لتفهم مقدار محبة المسيح لك، تلك المحبة العظيمة التي جعلته يذهب للصليب بدلك وليموت عن خطاياك». وقبل أن يصل ويلي إلى السماء كان «بل» قد قبل خلاص المسيح الموهوب له مجاناً. لقد أكملت السماء برنامجها الخلاصي المنتصر لتنقذ البشرية الهالكة، وبادرت محبة الله بتقديم ذبيحة المسيح الكفارية عن كل واحد منا، فقد نُصبت ثلاثة صلبان على تلَّة الجلجثة، على اثنين منها صُلب لصّان. وبين اللصَّين سُمِّر المسيح ومات. وفي ساعات الألم الأخيرة عبَّر أحد اللصين عن رأيه في النظام القضائي الذي حكم على الثلاثة بالصلب. ومن الغريب أن اهتمامه لم ينحصر في آلامه المبرحة وجسده المعذَّب، ولكن في أن القضاء الروماني لم يكن عادلاً وهو يقضي على المسيح بمثل عقوبة اللصين، فانزعج بسبب هذا الظلم. ثم وهو يقترب من نهايته، بتواضع وبإشراق، قدَّم ثلاث ملاحظات جديرة بالتأمل: 1.«أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ،(صُلبنا) لأَنَّنَا نَنَالُ ٱسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هٰذَا (المسيح) فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئاً لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ» (لوقا ٢٣: ٤١). فاعترف أنه كان مذنباً يستحق الموت. 2.«ننال استحقاق ما فعلنا». اليوم اعتدنا أن نسمع عن جرائم السرقة، ولا بد أنها كانت كذلك في القرن المسيحي الأول. وقد اعترف اللص في أربع كلمات بالجُرم وبعدالة الحكم الصادر عليهما «أما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله». فأعلن أن المسيح كان بريئاً.ولم يكن للص المعترف بخطاياه إلا رجاء واحد: أن يتَّجه إلى المسيح. فقال له: «ٱذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». فأجابه المسيح بالإجابة التي يجاوبنا بها لو رفعنا إليه الصلاة نفسها: «ٱلْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ» (لوقا ٢٣: ٣٩-٤٣). في ذلك اليوم الذي اتَّجه فيه اللص التائب للمسيح يطلب الرحمة والموقف الصحيح من الله، تأكد من غفران خطاياه، لأن وُجهته كانت: صليب المسيح. شهد اللص لقداسة المسيح الكاملة، وبعد ذلك شهد لهذا الكمال ثلاثة من أتباع المسيح: بطرس الرسول: وهو صديق شخصي للمسيح، وكانت ردود أفعاله دائماً سريعة وعملية، فشهد للمسيح شهادة عملية وقال: «لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً» (١بطرس ٢: ٢٢). يوحنا الرسول: وهو أيضاً صديق للمسيح، كان دائماً قريباً جداً منه، وقال عنه: «لَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ» (١يوحنا ٣: ٥). بولس الرسول: وهو العالِم الفقيه في الدين، قال عنه: «لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً» (٢كورنثوس ٥: ٢١). ومع أن شهادة اللص، وشهادات أتباع المسيح الثلاثة عن حياة المسيح أنها كانت بلا خطية، إلا أن البعض قد يعترض عليها بأنها شهادة شخصية ومتحيِّزة وغير موضوعية، بدعوى أن اللص كان في حالة يأس الموت، والرسل أتباعٌ من المريدين. ونجيب أن عندنا شهادة بيلاطس البنطي الحاكم الروماني في اليهودية، الذي لم يكن صديقاً للمسيح، وقال لطالبي صلب المسيح: «هَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هٰذَا ٱلإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ» (لوقا ٢٣: ١٤). كما أن هذه الشهادات مجتمعة لا تعادل شهادة الله الآب عنه من عرشه في السماء، ففي مطلع خدمة المسيح الجهارية قدَّمه الله بصوت سماوي يقول: «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ ٱلَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (متى ٣: ١٧). فهو ليس أقل من الله في شيء، ولم يكن مختلساً عندما ساوى نفسه بالله، إلا أنه جاءنا إنساناً مولوداً بيننا من العذراء القديسة مريم، ليُرينا كيف تكون الإنسانية الكاملة. ولم يكن في المسيح أي عيب يستوجب أن يطلب غفران الله له، بل كان في أُنسٍ دائم مع أبيه السماوي، وبه سُرَّ قلب الآب. كل شخص «أَعْوَزَهُ مَجْدُ ٱللّٰهِ» (رو ٣: ٢٣) إلا هو، فقد كان كاملاً في كل شيء. ومع ذلك فقد مات لأجلنا بسبب محبته العظيمة لنا. والآن عُد بخيالك إلى ما جرى يوم الجمعة العظيمة، لترى الجمهور المشدوه الذي لا يصدق ما يجري أمامه: المسيح يصُلَب بين لصين، مذنبَين أمام الله والناس، وقد صدر عليهما حكمٌ عادل بالموت. أما المسيح فقد كان معلَّقاً على صليب قبِل بنفسه أن يحمله، دون أن يرتكب ذنباً أمام الله والناس. ولكنه كان كاملاً أمام أبيه القدوس، فصالحنا مع الله (٢كورنثوس ٥: ١٩) وذهب إلى الصليب «حَمَلاً بِلا عَيْبٍ وَلا دَنَسٍ» (١بطرس ١: ١٩) متطوِّعاً ليموت عن خلاص العالم، وقال عن نفسه: «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا (حياته) مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً» (يوحنا ١٠: ١٨). وأوضح محبته بقوله: «لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هٰذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ» (يوحنا ١٥: ١٣). وشرح الرسول بولس هذا الحب بقوله: «لأَنَّهُ (الآب) جَعَل ٱلَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً»(المسيح) «خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ ٱللّٰهِ فِيهِ» (٢كورنثوس ٥: ٢١). أنت بريء، وأنا خطيتك حملتَ ذنبي، وسترتَني برحمتك. أصبحتَ أنت ما لم تكنْهُ لأصبح أنا ما لم أكنْهُ! يسوع المسيح يحب الجميع المجد لسيدي المسيح |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|