«فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ.» (متى16:10)
إنَّ أحد العناصر الهامة للحكمة العملية هي اللَّباقة. ينبغي على المؤمن أن يتعلّم كيف يكون لبِقاً، وهذا يعني أنه يجب أن يطوّر إحساساً مرهفاً لكل ما يعمله أو يقوله وذلك لتفادي الإساءة ولبناء علاقات جيِّدة. إن الشخص الَّلبِق يضع نفسه في مكان الشخص الآخر ويسأل نفسه «هل يعجبني أن يُقال أو يُعمل لي هذا الأمر؟» إنه يسعى لكي يكون لبِقاً ومراعياً لشعور الغير، مهذَّباً وذا إدراك.
مما يؤسف له، أنه كان للإيمان المسيحي حصَّته من الأفراد المناصرين لعدم اللَّباقة، وأحد الأمثلة التقليدية، أن حلَّاقاً مسيحياً كان يعمل في مدينة وسط البلاد، فدخل إليه يوماً أحد الزبائن طالباً حلق ذقنه، أجلسه الحلّاق وربط فوطة بيضاء حول عنقه كالعادة وأمال الكرسي إلى الخلف، وعندما نظر الزبون إلى السقف رأى الكلمات التالية، «أين ستقضي أبديّتك؟» وضع الحلّاق الصابون على وجهه، ثم أخذ يشحذ موسَى الحلاقة على حزام الجلد وبدأ يقدِّم شهادته سائلاً إياه «هل أنت مستعد لِلِقاء إلهك؟» إندفع الزبون هارباً من على الكرسي ومن الفوطة ومن كل شيء ولم يُسمع عنه منذ ذلك الحين.
ثم هناك الطالب المتحمَّس الذي خرج في إحدى الليالي ليقوم ببعض الكرازة الشخصية، فبينما كان يسير في شارع معتم رأى صبيَّةٌ تسير أمامه في الظلال، ولما حاول اللِّحاق بها أخذت تركض، ومن شدَّة تلهُّفه راحَ يركض هو أيضاً خلفها، وعندما ضاعفت من خَطوِها قام هو بالمثِل، إلى أن وصلت أخيراً إلى باحة منزل وهي مصدومة ثمَّ أخذت تتحسّس حقيبتها مفتشةً عن مفاتيحها، وعندما وصل هو إلى الباحة خلفها، كانت متشنجة ولم تستطع الصراخ من خوفها، عندها وبابتسامة قدّم لها منشوراً ثم غادر المكان، وكان سعيداً لأنه بشَّرَ خاطئاً آخر برسالة الإنجيل.
تقتضي عيادة المرضى لباقة عظيمة، فإنه لا يليق بك أن تقول للمريض «تبدو مريضاً حقاًّ» أو «أعرف شخصاً بنفس المرض، وقد فارق الحياة»، من عساه يرغب في تعزية كهذه؟
ينبغي أيضاً أن نكون لبِقين حين نزور المكلومين، فيجب ألاّ نكون مثل ذلك الشخص الذي قال لأرملة سياسي قد اغتيل «لماذا كان يجب أن يحدث هذا هنا؟»
ليبارك ﷲ خيار القديسين أولئك الذين يعرفون كيف يتكلّمون برقَّة وبكلام مناسب، وليت ﷲ يعلِّم الباقين منّا كيف يكونوا لَبِقين بدل أن يكونوا مرتبكين.