|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عندي عليك أنك تركت محبتك الأولي2رؤ4:2 بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث تحدثنا في العدد الماضي عن فتور المحبة,وقول الربعندي عليك أنك تركت محبتك الأولي.ونتابع اليوم حديثنا عن نفس الموضوع. أمثلة لترك المحبة: مثل من الأمثلة العجيبة في ترك المحبة الأولي,هو سليمان الحكيم. ربما تنطبق عليه عبارة القديس بولس الرسولوالآن أذكرهم وأنا باكفي3:18.سليمان هذا بدأ بداية عجيبة.محبة لله,وظهر له الله مرتين,وكلمخ فما لأذن,ومنحة موهبة الحكمة,ومنحه جلالا ملوكيا.وسمح له أن يبني هيكله,الأمر الذي لم يسمح به لداود أبيه...ومع كل ذلك ترك سليمان محبته الأوليولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه 1مل11:4...أزاغته النساء.ومحبته للنساء أضاعت محبته لله!!كما أزاغه الترف الكثير ,ومهما اشتهته عيناه لم يمنعه عنهماجا3:10وانشغل بالمتعة أكثر من الانشغال بالله... ومن الذين تركوا محبتهم الأولي أصحاب أيوب,وأصحاب داود. أصحاب أيوب الثلاثة,حينما رأوه في تجربتهرفعوا أصواتهم,وبكوا.ومزقوا كل واحد جبته,وذروا اترابا فوق رؤوسهمأي2:12.ولكنهم بعد قليل بدأوا يناقشونه,ثم يتهمونه ويجرحون شعوره,حتي قال لهممعزون متعبون كلكم...أي16:2. وأصحاب داود,كثير منهم فارقوه,وانضموا إلي ثورة أبشالوم ضده,لما رأوا تفوق أبشالوم...تركوا محبتهم الأولي,والبعض منهم انتقدوه,والبعض شتموه,ونسوا أنه مسيح الرب,ونسوا افتخارهم القديم به... إنها لم تكن خطية لسان,إنما خطية قلب. قلب ترك محبته,فظهر ذلك علي لسانه.لأنهمن فيض القلب يتكلم اللسان.كإنسان جوفه مريض,فيظهر طفح علي جلده...إنسان يعاتب صاحبه بطريقة جارحة,إنما يدل علي أنه ترك محبته الأولي,التي كان أثناءها يحرص علي كل لفظ,بل يحرص علي ملامحه... الله يعاتب أولاده. الله يعاتب أحباءه.أما أعداؤه فيعاقبهم. إنه يذكرهم بماضيهم الحلو معهتركت محبتك الأولي.إنه يعاتب الذي يمكن أن يرجع إلي المحبة الأولي التي اختبرها قبلا.والآن قلت أوضاعت.غالبا قلت... الله يهتم بهذه المحبة ويركز عليها.لأنه يريد القلب قبل كل شيء وليس مجرد الممارسات .فقد لام أولئك الذين يقتربون إليه بالصلاة-وقلوبهم بعيدة عنه.فقاليقترب إلي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه.أما قلبه فمبتعد عني بعيدامت15:8. إنه يعاتب أولاده الذين تركوه أو لم يعرفوه. فيقول في سفر أشعياء النبيأسمعي أيتها السموات,وأصغي أيتها الأرض,لأن الرب يتكلم:ربيت بنين ونشأتهم.أما هم فعصوا عليأش1:2. إنه يعاتب كرمه الذي اعتني به,وقال عنهماذا يصنع أيضا لكرمي,وأنا لم أصنعه؟!لماذا إذ انتظرت أن ينتج عنبا,أنتج عنبا ردياأش5:4... إنه يعاتب شخصا كان ملتهبا في محبته وخدمته.وقد صبر واحتمل ,وتعب من أجل اسمه ولم يكل رؤ2:3.ولكنه الآن قد ترك محبته الأولي.وهو محتاج أن يعرف من أين سقط ويتوبرؤ2:5. عجيب أن هذا الخادم المحب يسقط ويترك محبته الأولي!! هذا الملاك والكوكب الذي في يمين الربرؤ2:1...إنه درس لنا في أن نتمسك بمحبة الله ولا نفتر,حتي لا نسقط.ونستمع مثله إلي قول الرب اذكر من أين سقطت وتبرؤ2:5...نحن نعلم جيدا أنالمحبة لاتسقط أبدا1كو13:8.فكيف إذن سقط هذا الملاك؟! كيف سقط,والمحبة لاتسقط أبدا. إنه سقط,ولكن محبته لم تسقط أبدا!!مازال ملاكا .إنه يذكر ببطرس الرسول الذي سقط في السب واللعن والإنكار وقت محاكمة السيد المسيحمت26:70-74.وعلي الرغم من كل ذلك,لما سأله السيد المسيح بعد القيامةأتحبني..!أجاب أنت تعلم يارب كل شيء.أنت تعلم إني أحبكيو21:15-17. السقوط كان خارجيا فقط... سقوط في الإرادة,وليس في القلب. لعلنا من هنا ندرك معني عبارةتركت محبتك الأوليالتي قالها الرب لملاك كنيسة أفسس ...إنه سقط من درجة عالية في المحبة,ولم يسقط من المحبة كلية...سقط من المحبة الأولي ,التي لو قورنت بها المحبة الحالية,تعتبر المحبة الحالية سقوطا يحتاج إلي توبة!! إنه ليس مبتدئا يتعلم الحب,بل قد عاشه من قبل وذاقه...ولكنه قد هبط درجات عن ذي قبل .وكيف؟..ذلك لأن المحبة ليست مجرد عاطفة,إنما تعبر عن ذاتها بالعمل...كما قال القديس يوحنا الرسوللانحب بالكلام ولا باللسان,بل بالعمل والحق1يو3:18.والرب يذكر ملاك كنيسة أفسس بهذه الحقيقة..فيقول لهاذكر من أين سقطت وتب.واعمل الأعمال الأوليرؤ2:5...أعمالك الآن لاتتفق مع المحبة المتأججة التي كانت لك في القديم,والتي بهاتعبت من أجل اسمي,ولم تكل... كانت المحبة ظاهرة في خدمته القوية الرب. والآن لم تعد الخدمة في نفس الحرارة ونفس القوة...إنه لايزال يخدم,ولكن ليس بنفس الحب.مثل كاهن جديد كان في أول سنة لرسامته شعلة من نشاط ملتهب يقول مع القديس بولسمن يعثر وأنا لا ألتهب؟! 2كو11:29استعبدت نفسي للجميع,لأربح الكثيرينصرت للكل كل شيء,لأخلص علي كل حال قوما1كو9:22,19.أما الآن فإنه يخدم...ولكن ليس بنفس الروح,ولابنفس الغيرة العجيبة علي خلاص النفس...إنه يخدم كما لو كانت خدمته قد بدأت تشيخ...إنها تسير في الطريق,ولكن مستندة علي عكازين. لقد فترت محبته لله وللملكوت وللناس! وأصبح في خطر من أن يأتيه الرب عن قريب,ويزحزح منارته من مكانها,إن لم يعمل الأعمال الأولي رؤ2:5. في التوبة: كما يقال الكلام عن الخدمة,يقال عن التوبة أيضا. في أول عهد الإنسان بالتوبة,يكون نادما جدا,منسحقا جدا.لا يكاد يتصور كيف أحزن روح الله الذي ناله في سر الميرون المقدس!!وكيف نجس هيكله,وكأنه يطرد روح الله من قلبه,ويفض شركته مع الله.وهذا الحزن المقدس كم عصر عينيه بالدموع,وكم ملأ صوته بالآهات,حتي صارت دموعه شرابا له نهارا وليلا...وكانت عبارة غير مستحقيقولها عن نفسه بكل اقتناع وبكل عمق... أما الآن فقد جفت الدموع من عينيه,وقد بعدت حياته عن مرحلة التوبة!!أو يظن أن التوبة مرحلة يمكن أن يبعد عنها,ويدخل في إيجابيات كثيرة رشحته لها حياة الانسحاق الملازمة للتوبة...إنه للآن يخدم,وكثيرون يتتلمذون علي يديه وعبارةغير مستحقإن قالها عن نفسه,يقولها من باب الاتضاع لا أكثر,بغير عمق ولا اقتناع...! المرأة الخاطئة التي بللت قدمي المسيح بدموعها,أحبت كثيرا لأنه قد غفر لها الكثيرلو7. أما سمعان الفريسي الذي لم يكن يشعر إنه خاطيء مثلها,أو أن خطاياه ليست شيئا علي الإطلاق إذا قورنت بخطاياها...فهذا ما كان يحب الله مثلها,وما كان منسحق القلب مثلها,ولا كان يبكي مثلها.بل إنه يدينها علي خطاياها,ويدين السيد المسيح الذي سمح أن تبل قدميه بدموعها...لذلك ذكره المسيح بأنه هو أيضا خاطيء مثلها.عليه خمسون,وعليها خمسمائة.وكلاهماليس لهما ما يوفيان.. إذن من أسباب نقص المحبة,نقص شعور الإنسان بخطيئته... فالذي يغفر له قليل,يحب قليلالو7:47.أو لعل المقصود هو أن الذين يظن إنه قد غفر له القليل,يحب قليلا...وأسوأ من هذا الذي يظن إنه ليست له خطية!!لذلك قال الرسول إن قلنا إنه ليست لنا خطية,نضل أنفسنا وليس الحق فينا1يو1:8. وأسوأ من هذين الذي يظن أنه له أعمال بر؟! مثل الفريسي الذي بكل جرأة وقف أمام الله يفتخر بفضائله فقالأشكرك يارب أني لست مثل سائر الناس الظالمين الخاطفين الزناة...أنا أصوم يومين في الأسبوع,وأعشر جميع أموالي...لو18:11...حقا من أين تدخل في قلبه محبة الله,وهو لايذكر خطية واحدة قد غفرها له الله؟! أسباب لترك المحبة: وما أسهل أن كثرة الانشغال تبعد الإنسان عن محبة الله. الإنسان القريب العهد بالتوبة,يشعر بمحبة الله التي غفرت له,فيحبه من أجل مغفرته.بل يشعر أيضا بمحبة الله التي قادته إلي التوبة,فيحبه من أجل قيادته إلي التوبة.وحينما يذكر في صلاة الشكر عبارة لأنه قبلنا إليهتزداد محبته لله جدا.لأنه علي الرغم من كل نجاساته وعصيانه وسقطاته,قد قبله الله إليه.وخطاياه ما عاد يذكرها,وما عادت تحسب عليهرو4:8,7. فتزداد محبته لله,عرفانا بجميله عليه.ويذكر كل ذلك في مزاميرهمز103...أما الإنسان الذي يفكر في كم خدم,وكم تعب لأجل الرب,فربما يظن أنه هو صاحب الجميل علي الله,لأنه يهييء له ملكوته,ولذلك يستحق منه ويستحق...إنه يفعل مثل ذلك الابن الكبير اعتبر أباه مقصرا في حقه بما يناسب خدماته.وهكذا قال له في كبرياء وفي عدم محبة ها أنا أخدمك سنين هذا عددها ,وقط لم أتجاوز وصيتك.وقط لم تعطني جديا لأفرح مع أصدقائي!لو15:29.إذن محبة الإنسان لله ثقل,إن قل إنسحاق قلبه. وأيضا إن انشغل بأمور عديدة لاتعطيه وقتا يلتصق فيه بالله.وأن سئل عن صلاته,يقولليس لدي وقت!!إذن متي يتحدث مع الله في حب؟ومتي يشتاق إلي الله كما تشتاق الأرض العطشانة إلي الماء!ومتي يفتح قلبه لله ليملأه بالحب.حقا مثل هذا الإنسان ينطبق عليه قول السيد الرب لمرثاأنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلي واحدلو10:42,41.أما أختها مريم التي امتلأ قلبها بالحب,ووجدت لذتها في أن تجلس عند قدمي الرب,تستمع إلي كلامه,وتتمتع بمحبته ,فقد قال لأختها عنهااختارت النصيب الصالح الذي لن ينزع منهالو10:42...حقا إنك قد تترك محبتك الأولي,إن انشغلت عن الرب بشيء آخر حتي لو كان هذا الشيء هو الخدمة..وما أصدق تلك الكلمة الروحية التي قالها أحد الأدباء:قضيت عمرك في خدمة بيت الرب.فمتي إذن تخدم رب البيت؟!.اخدم إذن ولكن لاتجعل الخدمة تعطلك عن الحديث مع الله,وعن التأمل في صفاته الجميلة,وعن الجلوس مثل مريم عند قدميه,تسمع كلامه وتري عجائب من شريعته...وإن خدمت أخدم عن حب:حب لله,وحب لملكوته,وحب للناس...وتذكر أن ديماس كان خادما قويا,ومن المساعدين الكبار للقديس بولس الرسول.وفي إحدي المرات ذكره قبل لوقا الإنجيليغل24ولكن ديماس لما ترك محبته الأولي,وبدأ يحب العالم,وحلت محبة العالم محل محبة الله في قلبه,ضاع ديماس تماما.وقال عنه القديس بولس الرسول في أسيديماس لأنه أحب العالم الحاضر2تي 4:10.أحذر من محبة العالم,لئلا تضيع محبة الله من قلبك فهوذا القديس يعقوب يقول إن محبة العالم عداوة للهيع 4.ويقول القديس يوحنا الحبيب في رسالته لاتحبوا العالم,ولا الأشياء التي في العالم.إن أحب أحد العالم,فليست فيه محبة الآب1يو2:15.إذن كلما يدخل الإنسان في محبة العالم,في شهوة وشهوة العين وتعظم المعيشة1يو2:16...فبالضرورة سيسمع عتاب الله يقول لهعندي عليك أنك تركت محبته الأولي. ومن الجائز أن يترك محبته الأولي,بسبب تحول القلب إلي آخر...كأب بسبب محبته لزوجته الثانية,يترك محبته الطبيعية لأولاده من الزوجة المتوفاة.قلبه قد تحول,ومحبته لأولاده تحولت معه.وإذ تسوء معاملته لابن من أبنائه,يقول له هذا الابن ولو في فكره-عندي عليك إنك تركت محبتك الأولي...وأحيانا يترك الإنسان محبته الأولي بسبب الوشاية أو كلام الناس!كأن يسمع كلمة أو رواية ,فيصدقها دون أن يتحقق .ويشك فيمن يحب,ويتعبه شكه ,فيترك محبته الأولي,وبخاصة لو كان سكب الكلام في أذنيه...إن صدق الوشاية,يترك محبته الأولي.وكلما ترك محبته الأولي ,يكثر تصديقه للوشايات.أما القلب المحب,الثابت في محبته,الذي محبته لا تسقط أبدا...فإنه إن سمع كلمة رديئة عمن يحبه,لايحتمل ذلك بل يدافع عنه,ولايقبل فيه كلمة سوء.أما قبوله لكلام الناس فهو دليل علي أن قلبه قد تغير ,وثقته قد تغيرت,ومحبته لم تعد كما كانت من قبل..من الجائز أن يترك محبته الأولي بسبب تأويله الخاطيء لبعض التصرفات.وهذا الأمر يحتاج إلي تحقق,لأنه ربما لو عرفنا السبب في تصرف ما,لأمكننا أن نجد له عذرا...وقد يكون الهدف طيبا والتصرف غير مفهوم علي ما قصد منه...ومن الجائز أن الإنسان يترك محبته الأولي,لأن الذي يحبه يحقق له أغراضه التي يريدها,أو أن فكره وأسلوبه يختلف عن فكره.ومع الله أيضا كم مرة نترك محبتنا الأولي له,حينما لا نفهم حكمته من بعض التجارب والضيقات التي يسمح بها لنا,وقد تكون لخيرنا ونفعنا,ونحن لاندري.. ومن الجائز أن يترك الإنسان محبته الأولي بسبب حروب الشياطين...ذلك إن ضعف القلب أمامها,واستسلم لشيء من ضغوطها أو إغراءاتها.ومع ذلك فإن القلب المملوء بالحب,يمكنه أن ينتصر علي حروب الشياطين.حتي أن أظهر له الشيطان أحدي الرؤي أو الأحلام,فأنه يرفضها ولايصدقها فليس كل حلم أو رؤيا من الله وبالمثل يرفض كل الأفكار والظنون والشكوك... |