|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
محبة خاطئة للنفس تضرها بقلم: البابا شنودة الثالث كل إنسان في الدنيا يحب نفسه, ولا يوجد أحد لايحب نفسه, وليست محبة النفس خطيئة. ولكنها تصبح كذلك إذا كانت محبة خاطئة أو تقود إلي خطأ. وهناك حروب روحية تسمي حروب الذات, أو عبادة الذات, التي يتمركز فيها الإنسان حول نفسه ويقول أريد أن أبني نفسي, أو أن أحقق ذاتي. وللأسف يبني نفسه بطريقة خاطئة. من المحبة الخاطئة للنفس, المحبة الخاصة باللذة والمتعة. منها لذة الحواس التي تقود الي الشهوة وإلي الخطيئة. وفيها قد يفتخر شخص ويقول: مهما اشتهته عيناي فلن أمسكه عنهما. ويقود ذلك الي كل انواع المتع العادية والضارة. ومن أمثلة اللذة الخاطئة, مايقع فيها البعض من ملاذ الجسد, أو المخدرات, أو التدخين, أو كل ماينسيه عن نفسه. والواقع أنها ليست محبة حقيقية للنفس, التي تأتي عن طريق اللذة والمتعة, مادامت متعة خاطئة. ومن المحبة الخاطئة للنفس, المحبة الخيالية. وفيها لايستطيع الشخص ان يمتع نفسه عمليا, فيسبح بفكره في تصورات إسعادها. وتكون متعته بالخيال أقوي من المتعة الحسية. لان الخيال مجال واسع لايقف عدد حد. ويتصور فيه الإنسان تصورات لايمكن ان تحقق في الواقع. وتحصل له بذلك سعادة وهمية. ومن هذا مايسمونه بأحلام اليقظة. فكل مايريد الشخص ان يمتع به نفسه, يغمض عينيه ويتخيله. ويؤلف حكايات وقصصا عن متعة لا وجود لها في عالم الحقيقة. ويقول لنفسه سأعمل وأعمل, وسأصير وأصير.... وقد يستمر في هذا الفكر بالساعات, وربما بالأيام. ويستيقظ لنفسه, فإذا هو في فراغ وقد أضاع وقته! وعلي رأي المثل العامي: المرأة الجوعانة تحلم بسوق العيش. ومثال آخر التلميذ الذي لم يستذكر دروسه, ولم يستعد عمليا للامتحان. وإنما يجلس الي جوار كتبه, ويسرح في الخيال: يتخيل أنه نجح بتفوق كبير, وانفتحت أمامه جميع الكليات وصار وارتفع وارتقي وتخرج.. ثم يصحو الي نفسه, فيجد انه أضاع وقته وأضاع نفسه. وكثير من المجانين يقعون في مثل هذا الخيال الذي يشبعون به انفسهم, ويجدون به أنفسهم في مناصب ودرجات وألقاب. والفرق بينهم وبين العقلاء, أنهم يصدقون أنفسهم فيما يتخيلونه ويصيبهم نوع من المرض يسمي البارانويا, وحكايات كثيرة. كثيرون يضيعون أنفسهم بشهوة العظمة الخيالية. وهي محبة خاطئة للنفس. أما العظمة الحقيقية فليست كذلك. والذي تحاربه شهوة العظمة, ما أسهل أن يدخل في حروب ومنافسات قد تضيعه علي الأرض. وهذه العظمة الأرضية تضيعه في الأبدية. وهناك أشخاص لايجدون لأنفسهم تلك العظمة الخاطئة, فيحاولون ان يجدوا العظمة بالكلام. بالفرح بمديح الناس لهم. وإن لم يجدوا ذلك, فإنهم يمدحون أنفسهم. ويتحدثون عن فضائلهم وأعمالهم المجيدة, لكي ينالوا تمجيدا من الناس. ولاشك ان حروب العظمة قد ضيعت كثيرين. هناك آخرون لايقدرون علي العمل البناء. فيظنون أنهم يبنون أنفسهم بهدم البنائين. فيعملون علي هدم وتحطيم غيرهم. ولايسرهم شيء مما يعمله العاملون, فينتقدون كل شيء. ويبحثون عن اخطاء لتكون مجالا لعملهم في النقد والنقض والتشهير. كأنهم يعرفون ما لايعرفه غيرهم. وفي نفس الوقت الذي يحطمون فيه بناء غيرهم, لايبنون هم شيئا. حياتهم كلها صراع, ويظنون الصراع بطولة. ويفرحون بذلك, ويفتخرون بأنهم هاجموا فلانا وفلانا من الأسماء المعروفة. ويقول الواحد منهم إن عنده الشجاعة التي بها يقول للأعور انه عور في عينه! إنهم يحبون في أنفسهم أن لهم الطبع الناري. وشهوتهم أن يرتفعوا علي جماجم الآخرين. علي أنهم في صراعهم هذا الذي يتخيلون فيه أنهم وجدوا أنفسهم, يكونون قد ضيعوها.. كالطفل المشاكس في الفصل, الذي يشعر أنه قد وجد ذاته في معاكسة المدرسين! ويظن ذلك جرأة وشجاعة وقوة وبطولة يبني بها نفسه التي يحبها, ولكنها محبة خاطئة للنفس. إن المحبة الحقيقية للنفس, هي بناء النفس من الداخل, حتي ولو كان هذا البناء بأن يقهر الإنسان ذاته, ويغلب ذاته. وبهذا الانتصار علي النفس يبنيها من الداخل من حيث علاقتها بالله, ومن حيث المحبة التي تربطه بالكل. وقد ينكر ذاته لكي يظهر غيره. ومحبته الحقيقية لذاته, تجعله يضبطها, ولا يتركها تسير حسب هواها. ولاتفرح نفسه مطلقا بهدم الآخرين. فالهدم أسهل كثيرا من البناء. وكما يقول المثل: البئر الذي يحفره العاقل في سنة, يمكن ان يهدمه الجاهل في يوما. هناك أشخاص يحبون أنفسهم بأسلوب خاطئ في فهم الحرية. حيث يظن الشخص انه في حريته يفعل مايشاء بلا قيد حتي المبادئ والقيم والتقاليد. يجب ان يتخلص من كل ذلك ويفتخر بأنه يتمتع بالحرية التي يهلك بها نفسه. مثال ذلك الشواذ, والوجوديون. كل أولئك يقصدون بالحرية, الحرية الخارجية. وليست حرية القلب من الرغبات الخاطئة, ولايفهمون الحرية بأنها التحرر من الخطايا والأخطاء, والتحرر من العادات الفاسدة التي تستعبدهم. وأخطر من أولئك: الذين يعطون لأنفسهم الحرية في تفسير الكتاب حسب أهوائهم وينشرون آراءهم الخاصة كعقيدة. ويحب الواحد منهم ان يكون مرجعا في المعرفة يقود غيره. ويحاول ان يأتي بفكر جديد ينسب إليه وينفرد به. ومن هنا ظهرت البدع, التي بها ابتدع الناس أفكارا جديدة ضد التسليم العام. ومن المحبة الخاطئة للنفس, الإعجاب بالنفس. إذ يكون الشخص بارا في عيني نفسه, وحكيما في عيني نفسه. ويدخل في عبادة النفس. ولا مانع ان يكون الكل مخطئين, وهو وحدة الذي علي صواب. وهذا النوع يبرر ذاته في كل عمل وفي كل خطأ. ويرفض كل توجيه. وان عوقب علي خطأ, يملأ الدنيا صراخا: إنه مظلوم ولاينظر الي الذنب الكبير الذي ارتكبه, وإنما يدعي قسوة من عاقبه. والعجيب ان الكثيرين من هؤلاء الذين يقعون في الإعجاب بالنفس, يكون الله قد منحهم مواهب. ولكنهم استخدموا المواهب في الإضرار بأنفسهم. |
24 - 08 - 2016, 11:18 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: محبة خاطئة للنفس تضرها بقلم: البابا شنودة الثالث
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|