|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
التقليد الكنسى القمص زكريا بطرس إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونياً. (2 تي 2: 5) اثبتوا إذاً أيها الاخوة وتمسكوا بالتقليد التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا. (2 تس 2: 15) مقدمة تنادى بعض المذاهب غير الأرثوذكسية بإمكانية الخلاص عن غير طريق الطقوس والعقائد الأرثوذكسية التي تسلمناها بالتقليد من الرسل، كما يعترض البعض الآخر قائلين إننا لا نقبل سوى ما كتب في الإنجيل. وهم بهذا يخدعون النفوس البسيطة (2 بط 2: 14). فإن جادلت أحدهم اسأله هل تؤمن بالإنجيل وبكل ما فيه؟ فسيجيبك على الفور نعم، فاسأله هل تؤمن بالتقليد؟ فان أجابك: نعم. قل له فلماذا لا تؤمن بعقائد وطقوس الكنيسة الأرثوذكسية التي تسلمتها بالتقليد؟ ولماذا لا تعترف أنها الوسيلة التي رسمها الإنجيل للخلاص؟ وإن أجابك بالنفي، معترضاً بأن التقليد لم يذكر في الإنجيل. فقل له وإن أثبت لك ذلك بآيات من الإنجيل هل تؤمن به؟ ربما يتنصل من الإجابة قائلاً: (إنكم غيرتم فيه) فقل له وإن أثبت لك بشهادة التاريخ إننا لم نغير فيه، هل تؤمن به؟ فسوف لا يجد مفراً من الموافقة. وهذا الكتيب يثبت التقليد من الكتاب المقدس، وشهادة التاريخ بمحافظة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عليه. متمنياً أن يقرأها كل أرثوذكسي فيطمئن إلى سلامة معتقداته الأرثوذكسية ويستطيع أن يدحض مجادلات من يناقشه فيها. كما أتمنى أن يقرأها غير الأرثوذكسي فيهتدي إلى طريق الحق حتى يكون جهاده قانونياً مكللا ولا تذهب عبادته سدي، كما قال بولس الرسول "إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونياً" (2 تي 2: 5) وحتى لا ينطبق عليه قول بطرس الرسول "فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل لأنه كان خيراً لهم لو لم يعرفوا طريق البر من أنهم بعد ما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم" (2 بط 2: 22) ملحوظة: قصدت في هذا الكتيب أن أهتم بالتقليد لأنه يوضح الطقوس والعقائد الكنسية، فان اقتنع غير الأرثوذكسي بوجوده وصحته، وجد نفسه مضطراً لقبول الطقوس والعقائد على ما هي عليه في الكنيسة. علماً بأننا بمشيئة الرب سنثبت الأسرار الكنيسة من الكتاب المقدس في كتيبات متوالية. الفصل الأول التقليد تعريف: 1- التقليد معناه التمثيل أو المحاكاة. 2- وفي الاصطلاح الكنسي معناه الترتيبات والنظم التي توضح تفاصيل العبادة وطقوسها على مثال ما عمل الرسل والآباء. تاريخه: 1- مورس التقليد قديما قبل كتابة الوحي من آدم إلى موسى حيث لم يكن ناموس. 2- وفي الكنيسة مُورس التقليد قبل كتابة العهد الجديد (إنجيل متى كتب بعد الصعود بخمس سنوات وباقي الرسائل بعد 23-64 سنة من الصعود) فقد كان المسيحيون الأول يستمدون نظام حياتهم الروحية من التعاليم الشفوية التي سمعوها من السيد المسيح أو من رسله الكرام. ثم بدأ الإنجيليون والرسل يدونون هذه التعاليم (لو2: 1) دون التعرض لترتيباتها ونظمها في رسائلهم وقد أشاروا إليها وحثوا على التمسك بها كما سيجيء. أنواعه: والتقليد على نوعين: 1- النوع الأول رسولي: وهو ما وضعه الرسل الأطهار عن الرب نفسه، مثل الدسقولية وقوانين الرسل. 2- النوع الثاني كنسي: وهو ما وضعه آباء الكنيسة القديسون في الأجيال الأولى عن الرسل أنفسهم، ومنها رسائل الآباء الرسولين [الآباء الذين عاصروا الرسل وتسلموا منهم التقليد وخلفوهم مباشرة في تدبير الكنيسة] وقرارات وقوانين المجامع المسكونة الثلاثة [مجمع نيقية (325م) ومجمع القسطنطينية (381م) مجمع أفسس (431م). شروطه: يشترط لصحة التقليد أن يكون: 1- موافقاً للكتاب المقدس. 2- مجمعاً عليه من سائر الكنائس الرسولية. 3- قديم العهد أي يمتد إلى عصر الرسل أو العصور الأولى للمسيحية. الفصل الثاني شهادة الكتاب المقدس للتقليد أولا: الآيات التي تدل على أن هناك أموراً قيلت شفاها ولم تكتب في الكتاب المقدس 1- يقول يوحنا الحبيب في حديثه عن التعليم "إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة وإذ كان لي كثير لأكتب إليكم لم أرد أن يكون بورق وحبر لأني أرجو أن آتى إليكم وأتكلم فما لفم" (2يو 10-12) 2- وفي حديثه إلى الكنيسة يقول "كتبت إلى الكنيسة.. وكان لي كثير لأكتبه لكنني لست أريد أن أكتب إليك بحبر وقلم ولكنني أرجو أن أراك عن قريب فنتكلم فما لفم" (3يو 9- 14). 3- وبولس الرسول يشير إلى أن هناك تقاليد سلمت بالكلام غير التي دونت في الرسائل قائلا "فاثبتوا إذاً أيها الاخوة وتمسكوا بالتقليدات التي تعلمتموها سواء بالكلام أم برسالتنا" (2تس 2: 15). 4- ولوقا الرسول يوضح ذلك قالا " فقد أرسلنا يهوذا وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاها " (أع15: 27) 5- ويقول بولس الرسول لتيموثاوس "تمسك بطقس الكلام الصحيح الذي سمعته مني في الأيمان" (2تى13: 1). ملحوظة: [لفظة طقس: ترجمها البروتستانت في الكتب المقدسة التي بين أيادينا بلفظة (صورة) وهي في الطبعة الإنجليزية "Form". وإذا رجعت إلى القاموس الإنجليزي تجد معناها "طقس أو نظام أو شكل" وما ذلك إلا لخداع النفوس البسيطة في الإيمان] 6- ثم يقول له أن يسلم ما سمعه لأناس آخرين وهؤلاء يسلمونه لآخرين.. إلى مدى الدهر "وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً" (2 تي 2: 2) وهذه الآية بالذات تشهد لتسلسل التقليد من السلف إلى الخلف. 7- يقول أيضاً لأهل فيلبى "وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه فيَّ فهذا افعلوا " (في 4: 9). 8- ويقول للعبرانيين " لذلك يجب أن نتنبه أكثر إلى ما سمعنا لئلا نفوته" (عب2: 1). من هذه الآيات العديدة وغيرها ترى أن هناك أموراً قيلت شفاهاً ولم تُدون كتابة في الإنجيل. هذه الأمور قد سُلمت إلينا من جيل إلى جيل وهي ما تُعرف بالتقليد. ثانياً: الآيات التي تدل على أن هناك أموراً مسلمة من السلف إلى الخلف عن الرب ذاته. 1- في حديث بولس الرسول لأهل كورنثوس عن سر التناول يقول لهم "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً" (1كو 11: 23). 2- ثم يؤكد هذا قالا " فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً " (1كو15: 3). والمتأمل في هذه الآية يرى أنه يقول سلمت إليكم فى الأول (أيّ أول يا ترى وهذه هي الرسالة الأولى) فلا بد أن يكون سلمهم شفاها بحضوره قبل كتابة هذه الرسالة. 3- ولوقا البشير فى بدء إنجيله يوضح أهمية التسليم حتى فى كتابة إنجيله فيقول " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة فى الأمور المتيقنة عندنا. كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة " (لو 1: 1،2). 4- يمدح بولس الرسول أهل كورنثوس على تمسكهم بالتقليدات التي سلمها لهم. قائلا "فأمدحكم أيها الاخوة على أنكم تذكروني فى كل شئ وتحفظون التقليدات كما سلمتها إليكم" (1كو 11: 2). 5- ويشكر الله على تمسك أهل روميه بالطقوس قائلا " فشكراً لله أنكم كنتم عبيدا للخطية ولكنكم أطعتم من القلب طقس التعليم الذي تسلمتموها" (رو 6: 17). 6- ويطلب من أهل تسالونيكى أن يسلكوا وفق ما تسلموه منه قائلا " فمن ثم أيها الاخوة نسألكم ونطلب إليكم فى الرب يسوع أنكم كما تسلمتم منا كيف يجب أن تسلكوا وترضوا الله تزدادون أكثر" (1تس1: 4). 7- يوضح بطرس الرسول ارتداد المعلمين الكذبة عن الوصية المقدسة التي تسلموها فيقول "سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة الذين يدسون بدع هلاك.. وسيتبع كثيرون تهلكاتهم الذين بسببهم يجدف على طريق الحق..يستهينون بالسيادة. جسورون معجبون بأنفسهم لا يرتعبون أن يفتروا على ذوى الأمجاد.. يفترون على ما يجهلون. فسيلكون فى فسادهم.. يتنعمون فى غرورهم.. خادعون النفوس عير الثابتة.. قد تركوا الطريق المستقيم فضلوا.. فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل لأنه كان خيراً لهم لو لم يعرفوا طريق البر من أنهم بعدما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم" (2بط 2: 1-21). 8- ويذكر لوقا الرسول تسليم الرسل القضايا للمؤمنين فيقول " وإذ كانوا يجتازون فى المدن كانوا يسلمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والقسوس الذين فى أورشليم ليحفظوها" (أع 16: 4). 9- وبولس الرسول يقول "وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه فيَّ فهذا افعلوا وإله السلام يكون معكم"(فى 4: 9). 10- ويقول أيضاً "وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً " (2تى 2: 2). 11- ويحذر أهل تسالونيكي من الأخوة الذين لا يسلكون بحسب التقليد فيقول " ثم نوصيكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التقليد الذي أخذه منا " (2تس 3: 6). من كل هذه الآيات ترى أن هناك أموراً سُلمت للكنيسة من جيل إلى جيل وهذه الأمور ليست مكتوبة في الإنجيل. ثالثاً: الآيات التي تدل على أن هناك أموراً رتبها الرسل ولم تذكر فى الكتاب المقدس. 1- بولس الرسول بعد حديثه عن سر التناول مبيناً قدسيته يشير إلى ترتيبات هذا السر فيقول " أما الأمور الباقية فعندما أجئ أرتبها " (1كو 11: 34) 2- ويشير إلى ترتيبات الأسرار فى كريت بواسطة تيطس فيقول "من أجل هذا تركتك فى كريت لكي تكمل ترتيب الأمور الناقصة (الباقية) وتقيم فى كل مدينة قسوساً كما أوصيتك "(تي 1: 5) فترى أن هذه الترتيبات متصلة بإقامة القسوس. 4- ويوضح لأهل كورنثوس سبب إرساله تيموثاوس إليهم ليذكرهم بالطرق التي رتبها فيقول " لذلك أرسلت إليكم تيموثاوس الذي هو ابني الحبيب والأمين فى الرب الذي يذكركم بطرقي فى المسيح كما أعلم فى كل مكان فى كل كنيسة". (1كو 4: 17) هذه الآيات تثبت أن هناك أموراً رتبها الرسل ولم تُذكر هذه الترتيبات في الإنجيل، وهي ما وصل إلينا بالتقليد. رابعاً: الآيات التي تنص صراحة على وجود تقاليد لم يذكرها الكتاب المقدس واكتفى بالإشارة إليها. 1- "اثبتوا إذاً أيها الاخوة وتمسكوا بالتقليدات "التي تعلمتموها سواء بالكلام أم برسالتنا" (2تس 2: 15) 2- "فأمدكم أيها الاخوة على أنكم تذكروني فى كل شئ وتحفظون التقليدات كما سلمتها إليكم " (1كو 11: 2) 3- " ثم نوصيكم أيها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التقليد الذي أخذه منا" (2تس6: 3) ملحوظة: [التقليدات: ترجمها البروتستانت في الكتب المقدسة التي بين أيادينا بلفظة "تعاليم" رغم أنها في الإنجيل المطبوع باللغة الإنجليزية هي "Traditions" أي "تقاليد". وإذا رجعت إلى الكتاب المقدس المطبوع باللغة العربية في الحجم الكبير تجد أنهم كتبوا في الحاشية السفلية عبارة "أو تقاليد". والسؤال هنا لماذا لم يكتبوا هذه الكلمة "تقاليد" في النص نفسه؟ ولماذا يكتفون بكتابتها في الحاشية؟ في حين أنهم ترجموا كلمة "Tradition" هذه بلفظة "تقاليد" في مواضع أخرى مثل: (متى3: 15) "فأجاب وقال لهم وأنتم أيضاً لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم". وفي (مرقس8: 7) "لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس". وأيضاً في (كولوسي8: 2) "انظروا أن لا يكون أحد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل حسب تقليد الناس" أتدري لماذا؟ الإجابة هي أنهم في المواقع التي تشهد للتقليد السليم يترجمونها "تعاليم" ولكن في المواقع التي تهاجم تقاليد الناس الباطلة يترجمونها "تقاليد" حتى يخدعوا البسطاء في الإيمان!! من هذا يتضح جلياً أن هناك تقاليد سلمها الرسل للكنائس لتسير بها وتحافظ عليها، ولم يكتبوها فى الكتاب المقدس. الفصل الثالث شهادة التاريخ للتقليد يثبت لمن يدرس كتب التاريخ أن الكنيسة فى العصور الأولى تسلمت من الرب تقاليد وترتيبات وطقوس حافظت عليها خلال العصور المتعاقبة إلى أن وصلت إلى كنيستنا الأرثوذكسية (المستقيمة الرأي) فى القرن العشرين سليمة كاملة كما لو كنا نعيش فى القرن الأول الميلادي. مما دعا بعض المؤرخين أن يصفونها بالجمود. وسنورد هنا آراء بعض المؤرخين بكل إيجاز، وعلى من يريد الاستزادة أن يرجع إلى تلك المراجع المشار إليها. أولاً: كتاب تاريخ الكنيسة، تأليف يوسابيوس القيصري. وهو مؤرخ عاش فى العصور الأولى (264م-340) ويرجع إليه الكثيرون من المؤرخين كحجة فى التاريخ، وقد ترجم كتابة القمص مرقس داود وإشاراتنا فى هذا الكتيب إلى الكتاب المترجم. 1- كتب نقلا عن إيريناوس (على أن كنيسة أفسس التي أسسها بولس الرسول، والتي ظل فيها يوحنا حتى عصر تراجان خير شاهد على التقليد الكنسي) ص 133 2- وفى حديثه عن اغناطيوس يقول (وفى أثناء رحلته وسط آسيا كان يشدد الكنائس.. وينصحهم للتمسك بتقاليد الرسل.. وكان يدعم تلك التقاليد بأدلة يكتبها ويعطيها شكلا ثابتاً ضماناً لسلامتها) ص151 3- ونقلا عن ايريناوس (في هذا الترتيب وهذه الخلافه وصل إلينا من الرسل تقليد الكنيسة والكرازة بالحق) ص 220 4- ونقلاً عن أكليمندس الإسكندري (وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد الحقيقي للتعليم المبارك المسلم مباشرة من الرسل المقدسين.. حتى وصل إلينا بإرادة الله لنحافظ على هذه البِذار الرسولية) ص227 5- في حديثه عن هيجسبوس (في خمسة كتب يسجل هذا الكتاب التقاليد الحقيقية للتعاليم الرسولية بأسلوب بسيط للغاية) ص 168 ثانياً: كتاب تاريخ الأمة القبطية للسيدة ا. ل بتشر الإنجليزية. الكتاب كله يشهد على شدة حرص وتمسك آباء الكنيسة القبطية بالتقاليد الرسولية والكنسية التي تسلموها مضحين بدمائهم من أجل المحافظة عليها، ومن أقوالها الصريحة: 1- (أما الكنيسة القبطية المصرية التي هكذا أسسها مارمرقس فقد حافظت إلى الآن على نظاماتها وطقوسها الأصلية، أكثر مما حافظت أية كنيسة أخرى من عهد مؤسسها إلى هذا اليوم) الجزء الأول ص 28 2- (ثم أن الكنيسة القبطية قد حافظت أيضاً من عهد نشأتها على الأسرار السبعة الكنائسية) الجزء الأول ص 29 ثالثاً: كتاب عشرون قرناً فى موكب التاريخ لمؤلفه حبيب سعيد (البروتستانتي): يضمِّن شهادته لمحافظة الكنيسة القبطية على تقاليدها عبارة قوية قائلاً: (وما تزال الكنيسة القبطية محافظة على تقاليدها القديمة مجاهدة فى سبيل الاحتفاظ بحرياتها الدينية كاملة) ص 85 وهكذا اتضح لك شهادة كتب التاريخ القديمة والحديثة لسلامة التقاليد التي وصلت إلينا على مر العصور. الفصل الرابع شهادة البروتستانت للتقليد 1- يقول الدكتور وليم إدي الأمريكاني "كانت أكثر التعاليم فى عصور الكنيسة الأولى باللسان لا بالقلم". [الكنز الجليل تفسير لوقا 1: 2] 2- ويقول حبيب سعيد الأسقفي الأنجليكاني (إن المبدأ البروتستانتي الذي يصرح لكل أحد أن يفسر الكتاب المقدس حسب معرفته الشخصية قد منع امتداد الكنيسة، وقاد تابعيه إلى ما هو مضاد للأيمان المسيحي. فيجب أن نفتش على الإيمان المسيحي الحقيقي فى الأجيال الأولى حيث كان اتساع العلم مقروناً بنقاوة التعليم فكل من يريد أن يتحاشى الغلط فى الإيمان يجب عليه أن يلتجئ إلى الكتاب المقدس كقانون أول للأيمان ثم أيضاً إلى تقليد الأجيال الأولى لتفسير الكتاب. وذلك لأنه لما كان الكتاب المقدس غامض المعنى امتنع على الناس أن يتخذوا منه كلهم تعليما واحداً. فهذا يفسره بنوع ما، وغيره بنوع آخر مختلف عن الأول، فبين هذه الاختلافات وهذه التفاسير المغايرة بعضها بعضاً وجب أن التعليم العمومي تقوده شهادة التقليد) [كتاب الصبغة الخاصة للكنيسة ص287] 3- يحافظ البروتستانت على تقاليد معينة كحفظ يوم الأحد والطقوس الخاصة بالزواج وعماد الأطفال والصلاة على الموتى رغم أنه لم ترد نصوص صريحة فى الكتاب المقدس على ذلك اعترافاً ضمنياً بالتقليد الرسولي؟! 4- كما يتمسكون بقانون الأيمان الذي وضعه الآباء وبقرارات المجامع المسكونية الأولى وكلها خارجة عن الكتاب المقدس، ألا يفيد هذا تمسكهم بالتقليد الكنسي؟! الفصل الخامس لزوم التقليد يضل من يقول أنه لا لزوم للتقاليد والطقوس الموجودة فيه للحياة الروحية ولكن يتضح لنا أهمية ذلك لخلاصنا بملاحظة الآتي: 1- التقليد هو الذي يوضح لنا الأسفار القانونية من الكتاب المقدس وغير القانونية. وفى هذا يقول يوسابيوس القيصري [على أننا مع هذا نرى أنفسنا مضطرين لتقديم قائمة عن هذه (الأسفار الإلهية) لإمكان التمييز بين تلك الأسفار التي تعتبر وفقاً للتقاليد الكنيسة حقيقية وقانونية ومقبولة] ص140 بل أن البروتستانت المتقدمين شكوا فى رسائل يعقوب ويهوذا وبطرس الثانية والثالثة والعبرانيين وسفر الرؤيا ولكنهم اقتنعوا أخيراً بقانونيتها اعتمادا على أقوال الآباء القديسين الذين عاشوا فى العصور الأولى مثل اثناسيوس وكيرلس وباسيليوس. 2- يعتبر التقليد مذكرة تفسيرية للدستور الإلهي فنستدل به على شرح الكتاب المقدس كما يؤيد ذلك حبيب الأسقفي الأنجليكاني. ص 17 3- والتقليد يترجم لنا فى خطوات عملية طريق الخلاص وكيفية التمتع ببركات الفداء ومشاركة الطبيعة الإلهية، وذلك بواسطة ممارسة الطقوس الخاصة التي أشار إليها الكتاب المقدس ورتبها الرسل بحضورهم. فمن يجرؤ إذاً على إنكار أهمية عقائد وطقوس الكنيسة الأرثوذكسية للخلاص؟ الفصل السادس الاعتراضات والرد عليها الاعتراض الأول: يعترضون بأن السيد المسيح رفض التقليد مستشهدين بما قاله للكتبة والفريسيين "لماذا تتعدون وصية الله بسب تقليدكم"(مت 15: 3) الرد: يتضح لمن يقرأ الإصحاح السابع من إنجيل معلمنا مرقس أن السيد المسيح لم ينقض التقليدات الرسولية والكنسية التي تتفق مع وصية الله وتوضحها ولكنه نقض تعاليم الكتبة والفريسيين التي تبطل وصية الله كعدم إكرام الوالدين وغسل الأيدي بلا مبرر والتنجيس بالأطعمة.. هذه التقاليد التي تجعل سيرة الإنسان باطلة ويوضح ذلك بطرس الرسول قائلا "عالمين أنكم افتديتم.. من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء" (1بط8: 1) إذاً فلا اعتراض على التقاليد الكنسية بل على العكس حض الكتاب المقدس على التمسك بها كما مرَّ بنا. الاعتراض الثاني: يعترضون بأن بولس الرسول حذر أهل كولوسى من الذين يخدعونهم بحسب تقليد الناس (كو 2: 8) الرد: والمتأمل في هذا الإصحاح يرى أن بولس الرسول يذكر أنه فرح بسبب ترتيبهم ومتانة إيمانهم فى المسيح ثم يحذرهم من تقليد الناس الذي ليس حسب المسيح، ويقصد بولس الرسول من ذلك الفرائض اليهودية والبدعة الغنوسية التي من أجل دحضها كتب هذه الرسالة وإلا فما رأيكم فى قول بولس الرسول نفسه "اثبتوا إذاً أيها الاخوة وتمسكوا بالتقليدات التي تعلمتموها سواء بالكلام أم برسالتنا" (2 تس 2: 15) الاعتراض الثالث: يعترضون على عدم لزوم التقليد من قول موسى النبي"لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيتكم به ولا تنقصوا منه" (تث 4: 2) وقول يوحنا الرائي "إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب" (رؤ 22: 18) الرد: لا يقصد من هذه الآيات نقض التقليد بل يقصد عدم إضافة نص أو عبارة على ذات كتاب الناموس وسفر الرؤيا، وإلا اعتبرت أسفار الأنبياء والبشائر والرسائل التي أضيفت إلى كتاب الناموس، وسفر الرؤيا مخالفة لكلام موسى ويوحنا. الاعتراض الرابع: يعترضون بأن الرسل كتبوا التقاليد التي سلموها للكنائس فى الإنجيل فلا داعي للتمسك بغيره. الرد: والرد على هذا الاعتراض موجود فى الفصل الثاني من هذا الكتيب، ويستحسن الرجوع إليه. فسيتضح لك أن الرسل لم يكتبوا كل شئ بل أشاروا إلى التمسك بالتقليد المسلم لهم كقول بولس الرسول " إثبتوا إذاً أيها الاخوة وتمسكوا بالتقليدات التي تعلمتموها سواء بالكلام أم برسالتنا" (2تس 2: 15) الاعتراض الخامس: يقولون إذا كان التقليد ضروري للخلاص فلماذا لم يكتب فى الإنجيل بالتفصيل؟ الرد: حقيقة إن الكتاب المقدس ذكر كل ما هو ضروري للخلاص ولكن هناك أمور كثيرة ذكرت مختصرة واكتفى بالإشارة إليها على أنها أمور مسلمة ومرتبة، فجاء التقليد شارحاً لهذه الترتيبات، فهو بمثابة مذكرة تفسيرية لقانون العهد الجديد المذكورة بنوده فى الإنجيل. فالتقليد وضح أموراً كثيرة غامضة كتقديس يوم الأحد، وتعميد الأطفال، وترتيبات طقوس العبادة والإسرار.. الخ. كلمة أخيرة مكسب أم خسارة؟! 1- توصل بسكال (1623- 1662) العالم الرياضي والطبيعي والفيلسوف النابة إلى طريقة جديدة لا قناع الملحدين بوجود الله وعرفت هذه الطريقة (بحجة الرهان) مكسب أم خسارة؟! ومؤداها أنك إن آمنت أيها الملحد بوجود الله ثم اتضح لك بعد الموت أنه غير موجود فعلا فلم تخسر شيئاً. وإن اتضح لك أنه موجود فعلا فقد ربحت الحياة الأبدية والسعادة اللانهائية. ولكنك إن كنت تؤمن بعدم وجود الله ثم اتضح لك بعد الموت أنه موجود، فقد خسرت الحياة الأبدية وألقيت فى بحيرة النار المتقدة. 2- وفى هذا المعنى قال أبى العلاء المعرى: قال المنجم والطبيب كلاهما لا تحشر الأجساد قلت لهما لو صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما 3- وعلى هذا القياس أقول لأخي غير الأرثوذكسي أنك إن مارست بإيمان هذه الطقوس من اعتراف وتناول وأصوام.. ثم اتضح لك بعد الموت أنك لم تكن مطالباً بها فلم تخسر شيئاً. وإن أتضح أنك كنت مطالب بها فقد ربحت مغفرة خطاياك، وثباتك فى الرب يسوع، وتقدمك الروحي، وأبديتك السعيدة. لكنك إذا رفضت هذه الطقوس ثم اتضح لك بعد الموت أنك كنت مطالباً بها فقد خسرت كل شئ. ملحوظة: هذه الحجة تقودك إلى باب الإيمان فحسب بطقوس وعقائد الكنيسة وعليك أن تلج هذا الباب فستجد عجباً. الخلاصة مما تقدم يتضح لك: 1- أن الكتاب المقدس يثبت أن هناك تقاليد لم تكتب فيه تسلمها الرسل من الرب، وسلموها للكنائس شفاهاً، ورتبوها بحضورهم وحثوا على التمسك بها، ومدحوا المحافظة عليها، وأمروا بتسليمها إلى الخلف. 2- أن التاريخ يثبت أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة تقليدية وأنها حافظت على ما تسلمته من الرسل إلى يومنا هذا. فالطقوس التي تراها الآن هي بعينها ما كانت تمارس فى الكنيسة الأولى أيام الرسل. 3- أن التقليد ضروري لحياتنا الروحية لأنه يوضح لنا وسائط النعمة التي توصلنا إلى الخلاص والتمتع ببركات الفداء. 4- أنك إن رفضت وسائط النعمة هذه فسوف تندم حيث لا ينفع الندم. فسِر يا أخي على ما سار عليه الآباء لتنال بركات السماء. والرب معك. آمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|