شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري القضاة 4 - تفسير سفر القضاه نرى هنا أن الله يبرز دور النساء الإيجابي فالمرأة هي نصف الكنيسة وعليها دور عظيم ودبورة قامت بعمل لم يعمله الرجال، فهي التي فكرت في خلاص شعبها من نير العبودية. وأثارت غيرة باراق الخائرة، وعنفت الرجال الذين لم يتعاونوا في وقت الشدة. ولكننا نلمس تكامل أعضاء الكنيسة. فنحن نلاحظ أن دبورة وحدها لم تستطع أن تقوم بالعمل وحدها ولا باراق استطاع العمل وحده بل كان معهم 10.000 رجل وكانت هناك ياعيل أيضًا. فعلينا أن لا نحتقر أصغر عضو في الكنيسة. ونلاحظ أن دبورة كانت هي العقل لباراق وباراق كان اليد لدبورة، وهي كانت الإناء الضعيف لكن مملوء إيمان وكان باراق إناءً قويًا ولكن إيمانه أقل فاحتاج لصلواتها وإيمانها القوى ليسند إيمانه الأضعف منها. وهذا الإصحاح يجمع بين الانتصار على يابين ملك حاصور بواسطة زبولون ونفتالى والانتصار على سيسرا الساكن في حروشة الأمم بواسطة تضافر أسباط عديدة وهذا الانتصار الأخير هو الذي أشاد بهالإصحاح الخامس. الآيات (1-3): "و عاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب بعد موت اهود. فباعهم الرب بيد يأبين ملك كنعان الذي ملك في حاصور ورئيس جيشه سيسرا وهو ساكن في حروشة الأمم. فصرخ بنو إسرائيل إلى الرب لانه كان له تسع مئة مركبة من حديد وهو ضايق بني إسرائيل بشدة عشرين سنة." يابين = ربما كان لقبا لملوك كنعان كما كان فرعون لقبًا لملوك مصر. وكان رئيس جيشه سيسرا ومعنى اسمه فقدان الفرح. وهذا جزاء من يترك الرب فيتركه الفرح. حروشة الأمم = أي خليط الأمم أو لفيف وهو موضع شمال فلسطين دُعِىَ هكذا نظرًا لاختلاف أجناس سكانه. آية (4): "ودبورة امراة نبية زوجة لفيدوت هي قاضية إسرائيل في ذلك الوقت." القاضي يشير للمسيح. والقاضية دبورة تشير للكنيسة. ودبورة تعني نحلة وهكذا قيل عن الكنيسة (نش 4:11). والنحلة تطير فوق مروج التعليم الكتابي وتجمع إلى مخازنها الحكمة وهكذا يتحول هذا إلى عسل في داخلها. ولاحظ اسم رجلها لفيدوت أي مشرق كمصباح وعريس الكنيسة هو المسيح نور العالم. آية (5): "وهي جالسة تحت نخلة دبورة بين الرامة وبيت ايل في جبل افرايم وكان بنو إسرائيل يصعدون اليها للقضاء." نخلة دبورة = ما هذه النخلة التي دعيت باسمها، وكانت تجلس تحتها ليصعد إليها الرجال للقضاء إلاّ خشبة الصليب (نش 2: 3). ولاحظ أنها بين الرامة وبيت إيل. والرامة تعني مرتفعات. وهى في جبل أفرايم = والمعنى الروحي من يدخل بيت الله (بيت إيل) ويسكن في السماويات أي يعيش في المرتفعات السماوية (الرامة) تحت ظل الصليب (النخلة) يكون لهُ ثمر متكاثر (أفرايم). والمرتفعات تشير أيضًا لمن يجلس فوق هموم العالم وإغراءاته. وهناك أراء بأن باراق هو إبن أو زوج دبورة ولكنها غير مؤكدة. الآيات (6-8): "فارسلت و دعت باراق بن ابينوعم من قادش نفتالي وقالت له الم يامر الرب إله إسرائيل اذهب وازحف إلى جبل تابور وخذ معك عشرة آلاف رجل من بني نفتالي و من بني زبولون. فاجذب اليك إلى نهر قيشون سيسرا رئيس جيش يابين بمركباته و جمهوره وادفعه ليدك. فقال لها باراق أن ذهبت معي اذهب وأن لم تذهبي معي فلا اذهب." 10.000 رجل محارب = دبورة إذ تحث باراق على أن يحارب ومعه 10.000 رجل هذا يشبه دعوة الكنيسة لأولادها على الجهاد لتنفيذ الوصايا (10) ومن ينفذ الوصايا يحيا حياة سماوية (1000) وهذا معنى الرقم 10.000 الذي يشير للإنسان الحافظ الوصايا فيحيا بجهاده في حياة سماوية. آية (9): "فقالت اني اذهب معك غير أنه لا يكون لك فخر في الطريق التي أنت سائر فيها لأن الرب يبيع سيسرا بيد امراة فقامت دبورة وذهبت مع باراق إلى قادش." أرادت دبورة أن تحث باراق للخروج للحرب فأصّر أن تخرج معه فقبلت وكان كلامها الرب يبيع سيسرا بيد امرأة كنبوة لأن ياعيل هي التي قتلت سيسرا. وهناك رمز لطيف فيما حدث، فباراق الذي خرج يحارب ومعهُ دبورة يشير لرجال العهد القديم الذين كانوا يحاربون خلال النبوات ولكن الذي أكمل العمل والجهاد امرأة أممية تشير للكنيسة التي جاءت من الأمم. فنبوة دبورة هي نبوة عن الكنيسة وإقامتها التي انتصرت على قوات الشر الممثلة في سيسرا. ولذلك لم نسمع في بداية الانطلاق عن ياعيل وإنما سمعنا عن باراق ودبورة فقط. St-Takla.org Image: Heber's Tent - Judges 4:11 صورة في موقع الأنبا تكلا: خيمة حابر - قضاة 4: 11الآيات (10-13): "ودعا باراق زبولون ونفتالي إلى قادش وصعد ومعه عشرة آلاف رجل وصعدت دبورة معه.و حابر القيني انفرد من قاين من بني حوباب حمي موسى وخيم حتى الى بلوطة في صعنايم التي عند قادش. واخبروا سيسرا بأنه قد صعد باراق بن ابينوعم إلى جبل تابور. فدعا سيسرا جميع مركباته تسع مئة مركبة من حديد و جميع الشعب الذين معه من حروشة الامم إلى نهر قيشون." وهي آية اعتراضية تشرح سبب وجود حابر القينى في هذا المكان للتعرف على ياعيل. وحابر هذا اعتزل القينيين ولكنه لم يتمتع بالميراث في أرض الموعد رغم إيمانه بإله إسرائيل وخيّم على حدود الكنعانيين وإسرائيل (منطقة صعنايم) فتحالف مع الكنعانيين وارتبط بصداقة إسرائيل فصار يمثل الأمميين الذين بحسب الناموس الطبيعي عرفوا الرب ولكنهم ظلوا متحالفين مع الوثنية ورجاساتها (الكنعانيين) حتى خرجت منهم ياعيل رمز الكنيسة. آية (14): "فقالت دبورة لباراق قم لأن هذا هو اليوم الذي دفع فيه الرب سيسرا ليدك الم يخرج الرب قدامك فنزل باراق من جبل تابور ووراءه عشرة آلاف رجل." قم = سر النصرة على إبليس هو القيامة مع الرب القائم من الأموات. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلافي أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فنزل باراق من جبل تابور هو جبل التجلي حيث تجلى المسيح مع موسى وإيليا أمام تلاميذه وقال التلاميذ جيد يا رب أن نكون ههنا ننعم بالتجلي والراحة والفرح ولكن التجلي انتهى وعاد التلاميذ للجهاد وهكذا نزل باراق للجهاد. الآيات (15،16): "فازعج الرب سيسرا وكل المركبات وكل الجيش بحد السيف أمام باراق فنزل سيسرا عن المركبة وهرب على رجليه. وتبع باراق المركبات والجيش إلى حروشة الامم و سقط كل جيش سيسرا بحد السيف لم يبق ولا واحد." سر قوة باراق عمل الله معهُ = أزعج الله سيسرا. مع كل مركباته وجيوشه. هزم باراق برجاله الـ10.000 سيسرا وجيوشه لأن الرب معهم فالله لا يحتاج للكثرة. آية (17): "و اما سيسرا فهرب على رجليه إلى خيمة ياعيل امراة حابر القيني لانه كان صلح بين يابين ملك حاصور وبيت حابر القيني." ترك سيسرا مركبته فالمركبات هي موضع تركيز العدو. وبحث عن مخبأ وهو مختفى. آية (18): "فخرجت ياعيل لاستقبال سيسرا وقالت له مل يا سيدي مل إلى لا تخف فمال اليها إلى الخيمة وغطته باللحاف." هو لجأ لخيمة ياعيل إذ لا حرب بين القينيين وبين يابين وسيسرا ولكن كان القينيين متعاطفين مع الإسرائيليين ويحبون إلههم يهوة ويعبدونه من أيام موسى. وسبب آخر للجوء سيسرا لخيمة امرأة أن الرجال لا يدخلون خيام النساء، فلن يبحث أحد عنه وهو في خيمة امرأة وبذلك يصير في مأمن. ولأن دبورة مدحت ياعيل نفهم أن روح الله هو الذي أرشد ياعيل لقتل سيسرا وتكون ياعيل قد أنهت حياة هذا الطاغية تنفيذًا لمشيئة إلهية وليس بدافع انتقام شخصي. آية (19): "فقال لها اسقيني قليل ماء لاني قد عطشت ففتحت وطب اللبن واسقته ثم غطته." هو لبن مخثر وهذا لهُ تأثير مخدر. وطب اللبن = هو إناء جلد يوضع به اللبن وإذا كان اللبن يشير لتعاليم الإيمان التي تروى نفس المؤمن وتسكرها بحب الله، هي نفسها هذه التعاليم تكون قاتلة لإبليس ومهلكة لهُ. فالكنيسة تغلب عدوها لا بأسلحة عالمية بل بإيمانها وتعاليمها (2كو 10: 4،5). وهناك تأمل روحي آخر:- فالخيمة تشير للجسد (2كو 5: 1) وجسدنا إستضاف إبليس فترة بقبولنا للشهوات ولكن بقبولنا تعاليم الإيمان نقتله ونصلب شهواتنا وأهوائنا (الوتد رمز الصليب). الآيات (20-24): " فقال لها قفي بباب الخيمة ويكون إذا جاء أحد وسالك اهنا رجل أنك تقولين لا. فاخذت ياعيل امراة حابر وتد الخيمة وجعلت الميتدة في يدها وقارت إليه و ضربت الوتد في صدغه فنفذ إلى الأرض وهو متثقل في النوم ومتعب فمات. و اذا بباراق يطارد سيسرا فخرجت ياعيل لاستقباله وقالت له تعال فاريك الرجل الذي أنت طالبه فجاء اليها وإذا سيسرا ساقط ميتا والوتد في صدغه. فاذل الله في ذلك اليوم يابين ملك كنعان أمام بني إسرائيل. واخذت يد بني إسرائيل تتزايد وتقسو على يابين ملك كنعان حتى قرضوا يابين ملك كنعان." كان تثبيت الأوتاد هو عمل النساء في ذلك الوقت. والأوتاد خشبية لذلك الوتد يرمز للصليب وهو في يد ياعيل تقتل به سيسرا. هو الصليب الذي به أصلب شهواتي وأهوائى فيموت إبليس داخل خيمتى. وقارت = تمشت نحوه على أطراف أصابعها. ولنرى أن من أزعج شعب الله بمركبات حديدية يموت بوتد. في قصة أمنا حواء تسلل إبليس بشهوة الطعام إليها فقتلها مع رجلها والآن في قصة ياعيل هي تقدم طعامًا لسيسرا لتقتله فتنقذ الكل منه.