|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خطوات نحو المصلوب "نحن نكرز بالمسيح مصلوباً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة، وأما للمدعوين يهودًا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله. لأن جهالة الله أحكم من الناس وضعف الله أقوى من الناس" (1كو 23:1-25). "وأنا لما أتيت إليكم أيها الأخوة، أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة مناديا لكم بشهادة الله. لأنى لم أعزم أن أعرف شيئاً بينكم ألا يسوع المسيح وإياه مصلوباً" (1كو 2،1:2). مقدمة الذى ينظر إلى المسيح المصلوب يخجل من خطاياه فيبدأ بالخطوة الأولى قائلاً فى صلاة القسمة: "أن خطاياى هى الشوك الذى يوخذ رأسك المقدسة".. "أنا الذى أحزنت قلبك بسرورى بملاذ الدنيا الباطلة" (من صلوات القسمة). بمجرد أن يعطى الإنسان خلفه للخطية.. ويتجه للرب بالتوبة، يرى أنين الصليب وعطش المسيح عليه، يدخل فى مجاهدة الأوجاع ويحاول التخلص منها... يكتشف سلبيات كثيرة تراكمت فى كيانه الإنسانى وطبيعته البشرية: فى الإدارة.. فى الفكر.. فى المشاعر.. فى السلوك وفى الحواس.. يجاهد لكى يتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح (2كو 18:3)... يخجل لأنه للآن لم يصبح قديس بحسب الكلمة القائلة الإنسان الأرثوذكسى عنده ما يسمى (حزين لأنه ليس بقديس) Sadness for not being saint هذا المنهج الأرثوذكسى يختلف عن منهج الذين بمجرد أن يتوبوا يتهللون بالخلاص والمخلص ويستغل الشيطان هذه النقطة ويساعدهم على التخلص من خطايا كبيرة فيكون إحساسهم بأنهم وصلوا ولهم أفضلية وأقدمية عن غيرهم وليس لهم إحتياج لما يسمى بالجهاد مما يحزن قلب الله الذى عبر عنه الكتاب قائلاً: "لا تحزنوا روح الله القدوس" فمتى حزن الروح أيضاً يحزن المسيح علينا ويغصب ليس منا بل علينا لما نسببه من أضرار لنفوسنا من هذا المنهج، أما منهجنا الأرثوذكسى فهو الخطوة الثانية التى هى الجهاد ضد أوجاعنا نحو المصلوب، وهنا تبدو الخطوة الثالثة بحسب الآية القائلة: "من أجلهم أقدس أنا ذاتى ليكونوا أيضاً قديسين" لأن الخلاص من السلبيات لا يكفى لابد من إقتناء الإيجابيات التى هى ثمار القداسة. حينما أنظر إلى النورانية التى فى المصلوب حينما قال: "لتكن لا إرادتى بل إرادتك" هذه قمة الملكية لله كلما أقترب نحو المصلوب أشعر أن هناك ثمار ولكنى مازلت لم أكرس قلبى بالكامل له لأنه هناك محبة لنفسى محبة غريبة صغيرة، ولكن يارب أريد أن يكون كل شئ خلالك حتى نفسى أكرهها وهنا يتبتل القلب وليس فقط الجسد. هذا يحدث عندما يكون الشاغل الوحيد هو المسيح... وعند قدمى المصلوب تبدأ خطوة الإتحاد به الذى هو عربون الإتحاد النهائى فى الملكوت. الطريق نحو المصلوب سلم درجاته عبارة عن: 1- التوبة. 2- مجاهدة الأوجاع. 3- أثمار القداسة. 4- تكريس القلب. 5- الإتحاد بالمصلوب شعورياً. 1- التوبة وهى الرجوع عن الطريق الخطأ عندما يسمع الإنسان عن المسيح المصلوب الذى جاء لأجله مثلما حدث مع القديس متى الرسول عندما دخل المسيح بيته وفكره فهو تحرر من أسر المال والمادة وأصبح له فكر جديد وشهوات جديدة وتحرر من أسر الأنا وصار قلبه بجملته للمسيح. إن كان النظر فى وجه القديسين يبكتنا عن الخطية... فكم وكم النظر لوجه المسيح وهنا يحدث فطام عن الخطية ولو بالنية الداخلية ويحدث تحول للحياة ويصبح الإنسان يعطى وجهه وقلبه للمصلوب بدلاً من القفا فى صحوة والتفاته للمسيح عبر عنها الكتاب قائلاً: "التفتوا إلىّ وإخلصوا قبائل الأرض"... إنقلاب يحدث داخل الإنسان مثلما حدث داخل شاول وحوله إلى بولس. التوبة هى: + الندم عن الخطية والعزم عن تركها. + الإيمان بدم المسيح القادر أن يغفر ويخلص ويطهر ويقدس. + الإعتراف على يد الكاهن وبدء التدبير الروحى للحياة وتخطيطها وتوجيهها نحو المصلوب مع تهديف الحياة وأقول "من لى فى السماء ومعك لا أريد شيئاً على الأرض" (هنا تكون تمت رؤيتى للجوهرة التى هى المسيح المصلوب. هناك توبة الحب المقصود بها ذاك الذى يشعر بحب المسيح فيسبى "ومن يحب كثيراً يغفر له كثيراً"... توبة فجائية.. توبة إكتشاف فجأة للمسيح المصلوب... هذه الخطوة الأولى للتوبة لابد أن تكون: (سريعة - حاسمة سريعة - مستمرة ومستمدة - مثمرة ولها ثمار بالنعمة). طريق التوبة هذا لا تنتهى إلا بعد آخر نسمة فى الحياة تخرج ولا يستطيع الإنسان أن يقول فى لحظة إنى إجتزت زمان التوبة... فهناك خطايا شبه الشر يجاهد ضدها فى حركة توبة مستمرة مثل البندول. 2- مجاهدة الأوجاع بمجرد أن يبدأ الإنسان بالتوبة يبدأ الشيطان يهيج عليه ويثير الناس من حوله... هجمة عالم الظلمة على الإنسان والنفس التى ستترك مملكة الشيطان.. يبدأ يحاربه فى فكرة.. وإرادته وسلوكياته.. وعلاقته بالآخرين.. ومشاعره.. إلخ، وبأفكار شهوة وإدانة وغضب وقلق وعدم إيمان.. إلخ. ليست معنى هذه الحرب أن الرب تركنا إنما فى هذه الحالة كأننا رفعنا الحجر فإكتشفنا آفات وحشرات كبيرة، التى هى الأوجاع التى نجاهد ضدها.. وهنا يبدأ الإنسان يراقب سلوكيات أفكاره - حركته - كلامه - ويفتح آذانه لنقد الناس فيه ليصلح حياته وإن شعر بالغضب من نقدهم يبدأ يصلح الذات الناتج عنها غضبه هذا ويتسائل مع نفسه: هل أنا مرائى؟ محبتى ضعيفة؟ حواسى منفلتة ومنحرفة فى الغضب والإنتقام والقلق والخوف على المستقبل.. فلنضع مجاهدة الأوجاع أمام ربنا وبنعمته وإرشاد الأب الكاهن "وكل من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ". 3- إثمار القداسة كلما نتعمق فى حفر البئر كلما نحصل على مياه عذبة... وبالتخلص من الشوائب وإزالة الردئ تبدأ تظهر المياه الحلوة التى تروى النفوس.. وهنا يبدأ يتخصص الإنسان لربنا فيسأل نفسه عن الإيجابيات... هل عندى الفرح الحقيقى؟.. هل لدى طول أناة؟..هل لدى سلام داخلى؟ هل أنا لطيف أم حاد الطبع؟.. هل أنا صالح (إتجاهى سليم - تفكيرى سليم؟.. كل شئ خير والوداعة التى قال عنها السيد المسيح "تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب". وداعة السيد المسيح مع الخطاه مثلما مع السامرية ومع بطرس عندما قال له "اتحبنى.. إرع غنمى".. كان وديع جداً بنظرة عتاب ..." وداعته حقيقية فهو لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته.. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ".. ليس وداعة كتم الصوت وخفضه من الغضب التى قيل عنها (كاظمين الغيظ).. إنما وداعة حقيقية بلا تمييز... يلتمس فيها الإنسان الأعزار لغيره ويرى فى نفسه الخطية. وأيضاً التعفف مهماً جداً فى البتولية... المسيح يريد أن يكرز بقديسين وليس مؤمنين يملأون الهواء كلاماً.. هناك طوائف تميل خدمتها إلى خدمة المحبة وأخرى تهتم بالتعليم، أما نحن نميل إلى تقديم النماذج.. نضع أمامنا النموذج العالى ونطلب من الله أن يكون مثلهم نطلب أن تسرى عصارة كرمة الحياة الأبدية فى شجرة حياتنا الميتة فنحيا بها وتثمر. 4- تكريس القلب حيث يكون القلب بالكامل لربنا ولا يكون فيه مكان لأى محبة غريبة أو شخص أو مكافأة أو عطية مادية فهل صار المسيح مركز حبه وعريس نفسه... إن كانت خدمتك وتكريسك لأجل الخدمة فلن تتعزى لأن هذه قد تزول أما المسيح فهو الذى يبقى.. فلابد أن يكون هدفك هو حب المسيح... فهو الذى تأتى إليه وترتمى فى حضنه وتعبر له عن شعورك بالخطأ وتطلب قوته فى ضعفاتك ويهدئ أمواجك الداخلية فهو المصدر لكل راحة وفى هذا يقول البستان (إن لم تأتى اللحظة التى تشعر إنك أنت والمسيح فقط فليس لك نياح)... هؤلاء الذين سباهم المسيح لذلك، فالرهبنة هى (الإنحلال عن الكل والإرتباط بالواحد)، فهو الذى تأتى إليه فى كل الظروف يشبع جوعنا الروحى والجسدى.. تكريس القلب لكى يكون المسيح هو العريس النهائى.. التكريس للعريس والكنيسة. 5- الإتحاد بالمصلوب النفس التى إتحدت بالمسيح حقيقياً إتحاداً لا إنقسام بعده يكون قد لبسها المسيح (إلبسوا الرب يسوع) أى أن المسيح مسيطر تماماً على كل مشاعر وسلوك وطموح وحياة الإنسان.. "أنتم الذين إعتمدتم للمسيح قد لبستم الرب يسوع" ويكون شاغل الإنسان هو تنمية هذه الوحدة الداخلية والإتصال المستمر من خلال الصلاة الدائمة.. يحيا المسيح داخلى ويصير الكل فى الكل.. مثل الشاب لورانس الذى نظر إلى شجرة أوراقها ساقطة فى الخريف متأملاً قائلاً: (إن كان الرب يعتنى بهذه الشجرة ويعود يكسوها أما يحيينى أنا).. هنا يصبح الله بداخل الإنسان عزاه ونصيبه وفى وحدة مستمرة معه مرنماً مع عروس النشيد "ليقبلنى بقبلات فمه لأن حبك أطيب من الخمر".. نحتاج إلى شركة السمائيين والأرضيين محتفظين بصورة المسيح نراها فى جميع القديسين والغير قديسين.. يجب علينا أن نحب الجميع ولا نسخر بأحد ولا نحتقر أحد لأن الرب يسوع داخله. هنا الإنسان الذى إتخذ بالمصلوب يأخذ عربون أورشليم السمائية هنا إلى أن يكمل هذه الوحدة الخالدة فوق بوحدة نهائية لا تنفصل أبداً فى الأبدية السعيدة... "إذ جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً طول أيامه" (إش 10:53) يفرح المسيح بنا عندما نأتى إليه ونستجيب لعمل الصليب. فمن التوبة إلى مجاهدة الأوجاع إلى إثمار القداسة إلى تكريس القلب إلى الإتحاد بالمصلوب إلى الأبد. لإلهنا كل مجد وكرامة إلى الأبد آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|