|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أربع مقالات ضد الأريوسيين
كتب هذه المقالات أثناء منفاه الثالث الإختيارى وهى على مدى 4 سنين أو ما يزيد من 356 - 360 م وقد وضع البابا أثناسيوس كل الإعتراضات على الفكر الأريوسى كما جحد الهرطقة الأريوسية فى منهج واحد يضمه كتاب واحد يمكن تداوله . وقد كان العالم فى ذلك الوقت فى إحتياج لهذا العمل خاصة بعد مجمع " سيرميم التجديفى " الأريوسى سنة 357م فقد طرأ تغير نشأ عنه صراع فكرى ونقاش حاد بين ما أستلمه من مقررات مجمع نيقية وما أستجد على أيدى هؤلاء الهراطقة الأريوسيين ، الذين خالفوا وقاوموا أهم مقررات مجمع نيقية . وقد أثر هذا الكتاب فى ظهور فئة من الأريوسيين فى أفكار البدعة الأريوسية فحدث شك وقلق جعل أنصاف الأريوسيين يفكرون فى العودة إلى الإيمان المستقيم وكانوا بزعامة باسيليوس أسقف أنقرة الذى أشارت الأحداث أنه كان يقترب شيئاً فشيئاً من صف أثناسيوس وهذا ما حدا بأثناسيوس بأن يخاطبهم بلغتهم بطريق غير مباشر حتى يسهل جذبهم لصفه . وقد تعمد البابا أثناسيوس ألا يذكر كلمة الأوموؤسيون (تعنى مساو للآب فى الجوهر) التى تعثر فيها باسيليوس أسقف أنقره مع النصف أريوسيين ، فهو لم يكتبها فى جميع المقالات الثلاثة الأولى ( فصل 3:9 و 12) بغستثناء المقالة الرابعة ، وكان هذا ذكاءاً شديدا من البابا حيث حاول شرح الكلمة بمفردات أخرى أوضح وأعم قبل أن يذكرها فى المقالة الرابعة . هذا وقد نجح البابا أثناسيوس فى إستمالة الفريق المحافظ من أساقفة الشرق وفصلهم عن الأريوسيين المتطرفين امثال فالنس وأفدوكيوس ، وكانت هذه أول ضربة ظهر فيما بعد انها كانت الضربة التى قصمت ظهر الأريوسيين وحطمت تماسكهم . وإستمر البابا اثناسيوس يقتنص فى مهارة وحذق ما يقوله الأريوسيين فى الخارج من افكار ثم يطرحا للمناقشة ويفندها حتى تساقطت مبادئهم واحداً بعد ألاخر ، ووضع النقاط التىتجرى عليها المشاحنات والجدل تحت بساط البحث وكان يحللها ويشجبها بقوة مؤكداً تعارضها الصارخ مع الأسفار المقدسة . وقال العالم مونتفاكون Montfaucon : " قد صارت هذه المقالات الأربع بمثابة المصادر التى ظل يستخرج منها كل الذين كتبوا عن لاهوت الفادى بعد ذلك براهين دفاعهم " D.C.B. p. 195, N.P.N.F. IV, Athanas., p. 503. ويسترعى أنتباه العلامة برايت Bright., Introd., p. Lxviii, cited by N.P.N.F.IV p. 303 مقدار الغنى والملئ والسهولة فى إستخدام أثناسيوس للأسفار المقدسة لإثبات لاهوت " الكلمة " وقدرته المتزنة على إلتقاط الحقائق والإمساك بها ، وخاصة فيما يتعلق بالبنوة الحقيقية للإله التى وردت فى مقالات (1: 15، 2- 5 و22و 23و 73و 3: 62) وكذلك أسترعى إنتباه هذا اللاهوتى أيضا الحذق والمهارة الذى أبداه أثناسيوس فى النفاذ إلى إعتراضات الأريوسيين وقدرته على تحليلها وتفنيدها كما ورد فى ( 1: 14 و 27 و 29 ، 2: 26 ، 3: 79) والأمر االمدهش هو كيف إستطاع أثناسيوس فى هذه المقالات أن يفند كل إتهامات الأريوسيين حتى يصعب عليها الوصول إلى أهدافها ، ثم كيف وبحذق مذهل ، يقارن أثناسيوس بين قرارات الأريوسيين ويضع القديم فيها بجوار المستجد ، فأظهر الفروق والتناقضات وصار يضرب الأثنين بعضها ببعض فيلغى قوة الواحد بالآخر ، ويضع المبادئ الجريئة بجوار المبادئ الحذرة ليسخر من هذا وذاك ، وبهذا كشف مراوغاتهم كما خططوا لها تماماً وكأنه كان بينهم !!! تعقب منطقهم المخادع محطماً بلا هوادة ما وصلوا إليه من نتائج !! حتى أنه أظهر فى النهاية بدون أى شك أو إلتباس أن الأريوسية عقيدة متناقضة وقحة غير جديرة بالإحترام ! وقال ربرتسون فى تقديمه لهذه المقالات الأربع : [ فوق كل شئ نحن نرى فى هذه المقالات إمتداداً لما يبهرنا فى كل ما كتبه أثناسيوس من بداية " تجسد الكلمة " حتى آخر ما كتب ألا وهو تمسكه الشديد بعقيدة الخلاص التى كانت مطروحة للسؤال فى ذلك العصر وإرتباطها الحيوى بحقيقة الفداء والنعمة ، كذلك معرفة الإله كحقيقة موهوبة للإنسان الخاطئ فى المسيح ، وذلك فى المقالات ( 2: 69 و 70 ، 1:35 و 49 ، 2: 67 .. ألخ ) فاللاهوت والمسيحية حقيقتان متحدتان فى فكرة الفداء !! وفى (فصل 1: 12 و 16 ألخ) يذكر أن دعوتنا للإتحاد بالإله وقبولنا التبنى لا يمكن إكتمالها إذ لم يكن المسيح فى إستطاعته أن يمنحنا " ما هو له حاصة " ليعطيه ويتعجب برايت أيضاً من الردود المبكرة لبدعة بولس السموساطى (1: 28 ، 2: 134 ) وأيضاً لبدعة مقدونيوس (1: 48 ، 3: 24) وبدعة نسطور (2: 8 هامش 3) ويلاحظ كثرة إستخدام أثناسيوس لكلمة ثيؤوطوكوس كصفة للعذراء القديسة مريم (3: 14 و 29 وما بعدها ) ورد ايضاً على بدعة أوطاخى (2: 10 هامش 6 ) وقد شدد على وجه خاص على أن العبادة هى الإمتياز الوحيد للإله ( أى انه طالما نؤمن بعيادة المسيح فالمسيح إله (فصل 2: 23 ، 3: 32 ) فنحن لا نبتهل أو نتضرع أو نسبح لمخلوق .. وأثناسيوس يتمسك بالإدراك الإيمانى أن المسيح بلا خطية (فصل 3: 33) ثم يتمسك اثناسيوس فى بحث متزن حذر بإمتلاك المسيح لكل معرفة بشرية مثلنا (فصل 3: 42 ألخ ) N.P.N.F.IV pp. 303, 304. وقام الأسقف كاييه Kaye بتحليل هذه الأربع مقالات على أعلى مستوى من الدقة العلمية فى كتابه عن " مجمع نيقية - المجلد الخامس " وقام العالم سيلليه Ceillier بتحليلها ايضاً فى المجلد الخامس ، وكذلك دونر فى كتابه عن " العقائد الخاصة بالمسيح - الجزء الأول " أما الكاردينال نيومان فهو الذى قام بترجمة ووضع العناوين للفصول ، وذبل الترجمة بملاحظات ثمينة للغاية كما يقول روبرتسون |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|