![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما بين الصمت والكلام =============== ويأخذ أي واحد منا هذه الأقوال ويريد أن يطبقها بعنف وبسرعة بدون أن يفكر فيها وبدون حكمة. فالموضوع يحتاج إلى إفراز وحكمة، وكما قال لنا أحد الآباء القديسين: (الفرق بين الفضيلة والرذيلة خط رفيع جدًا مثل شعرة الرأس وهو الإفراز). فيجب عند ممارسة أي تدريب روحي أن يكون مصحوببالإفراز، وإلا انقلب إلى الضد وأصبح رذيلة. أما الإنسان الحكيم فهو يعلم جيدًا أنه ليس كل صمت يعتبر فضيلة أو يمثل فضيلة في حياة الإنسان وأيضًا ليس كل كلام خطيئة.. "لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ... لِلسُّكُوتِ وَقْتٌ وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ" (جا3: 1، 7). فالإنسان الحكيم نجده لا يسكت حينما يجب الكلام في موقف يتعرض له ويجب عليه أن يقول رأيه.. إذا سكت فهذا ليس من الحكمة أن يسكت.. نجده يتكلم.. ويتكلم كلامًا صائبًا مفيدًا، ويكون كلامه موزونًا بحكمة وعقل.. كلام ينطبق عليه قول عروس النشيد: "شَفَتَاكِيَاعَرُوسُتَقْطُرَانِ شَهْدًا" (نش4: 11). فنجد فم هذا الشخص يخرج منه كلام منفعة وكلام عزاء وكلام حكمة، فهو يعرف متى يتكلم ومتى يصمت.. أين يضع كل كلمة.. لا يتكلم كلامًا ساذجًا بل كل كلمة لها معناها ولها ثقلها، فيشعر الكل أنه ليس هو المتكلم بل الروح القدس هو الذي يتكلم على فمه: "لأَنْلَسْتُمْأَنْتُمُالْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِييَتَكَلَّمُ فِيكُمْ" (مت10: 20). هكذا نجد هذا الإنسان يتكلم بحرص واتزان، ويكون كلامه بالميزان، كل كلمة لها ثقلها ووزنها.. ويكون الكلام بروية وتأني وحكمة ويكون أيضًا بفائدة. هذا الشخص نجده لا يندم نهائيًا على أي كلمة تفوه بها لأن كل كلمة في مكانها. وأيضًا نجده لا يفكر أبدًا في الصمت لأن من الأصل كلامه موزون يخرج في وقته، وتخرج الكلمة في مكانها فهو لا يتسرع في الكلام وبالتالي يكون كلامه مثل الذهب. إذن فالمسألة تحتاج إلى إفراز. فلا نجري وراء فضيلة الصمت لأنها تنجينا من خطايا اللسان وأيضًا لا نأخذ الصمت كتدريب نسير فيه بطريقة حرفية خالية من الروح.. "لاَالْحَرْفِبَلِ الرُّوحِ. لأَنَّالْحَرْفَيَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي" (2كو3: 6). فالإنسان الذي يصمت في الوقت الذي يجب فيه الكلام والعكس يتكلم في الوقت الذي يجب فيه الصمت هذا يكون خطأ كبير، وقد يسبب مشاكل له وللآخرين. الإنسان الحكيم يعرف ويعي تمامًا حينما يواجه حماقات الناس في الكلام كيف يتصرف معهم، فيأخذ ما قاله سليمان الحكيم في الأمثال قانون له: "لاَتُجَاوِبِالْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِلِئَلاَّ تَعْدِلَهُ أَنْتَ" (أم26: 4)، "جَاوِبِالْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِلِئَلاَّ يَكُونَ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ" (أم26: 5). عندما ننظر لهاتين الآيتين نظرة سريعة قد يقول أحدنا إنهم متعارضتين، ولكن في الحقيقة ليس كذلك، لكن المعنى العميق لهما هو أنه حسب الحكمة يدرك الإنسان متى يجاوب الأحمق ومتى لا يجاوبه (للكلام وقت.. وللصمت وقت). إذا كانت إجابتك له تعتبر موافقة لرأيه وهو يعتبر رأيه سليم فالخير لك أن تصمت لئلا تضره بذلك ويقتنع أن كلامه ورأيه صحيح. وان كان صمتك يجعله حكيمًا في عيني نفسه فالواجب والأفضل أن تظهر له حماقته في الكلام، لكي يعي ما يقول ولا يفكر أنه صائب العقل والرأي والقول فتضره ولا تفيده. إن الحكمة هي الفيصل بين الأمرين.. وبالإفراز تميز أي التصرفين أفضل.. ومن الجهل أن نتصرف تصرف واحد لكل الحالات. نحن يجب أن نعي ما قيل عن الآباء القديسين في بستان الرهبان وسير القديسين. يجب أن نميز ما يناسب حياتنا في المجتمع الذي نعيش فيه، وما كان يناسبهم في وقتهم وطريقة حياتهم. تخيلوا مثلاً قاضيًا في المحكمة يجب عليه أن يسمع وأن يتكلم لكي يصدر حكمًا على متهمًا، ويحضر القول الذي يقول: "كَثْرَةُالْكَلاَمِلاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ" (أم10: 19). فيريد أن ينفذه فيجلس على كرسيه للحكم ونجده لا يتفوه بأي كلمة ملتزمًا بالصمت ولا ينطق بكلمة ولا ينطق بالحكم الذي يبرأ أو يدين المتهم!! أين هو الإفراز في هذه الحالة وغيرها؟! إنسان مطلوب منه شهادة حق وبكلمته سوف ينقذ شخصًا من حبل المشنقة ويلتزم بالصمت في حين أنه يعلم جيدًا أن بكلمته وشهادته سيفرج عن هذا المتهم وهو يعلم جيدًا أنه بريء ومع ذلك يلتزم بالصمت. يجب علينا أن نميز وأن يكون عندنا حكمة في متى نتكلم ومتى نصمت. ربنا يعطينا نعمة وحكمة.. |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصمت والكلام قائمان عليّ يطالبانني |
من علامات النسك الصمت والكلام |
ما بين الصمت والكلام 26-4-2009 |
الحكمة بين الصمت والكلام |
بين الصمت والكلام |