كنوز مكشوفة .. وكنوز مخطوفة .. ونعم معروفة
للقمص روفائيل سامي
السبت 25 فبراير 2012
طامية - فيوم
+ كنوز مكشوفة:-
لا تكنزوا لكم كنوزا علي الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا (مت6:19-21). لقد وضع لنا مخلصنا معالم الطريق الروحي ودبرت لنا الكنيسة أمنا كيفية الاستخدام والتدبير والتذكير به فها ونحن في الأحد الأول من الصوم الكبير توضح لنا الكنيسة ماهية الكنوز المكشوفة وهي تلك الأمور التي أوصي السيد أن تكون في الخفاء والبعض يعلنها ويكنزها لغرض أرضي قصير البصيرة الروحية فيكشفها السوس ويأتيها الصدأ ويعرفها السارقون مع أن الرب يطلب أن تكون في الخفاء لتصل إلي السماء حيث الحفظ والأمان, أي يحذر من أن نكشف علاقتنا الروحية أمام العالم فمجد العالم باطل ولا يفيد بل هو عبث فقد جربه سليمان الحكيم فقال: كلام الجامعة ابن داود الملك في أورشليم. باطل الأباطيل قال الجامعة باطل الأباطيل الكل باطل. ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس. دور يمضي ودور يجئ والأرض قائمة إلي الأبد. والشمس تشرق والشمس تغرب وتسرع إلي موضعها حيث تشرق. الريح تذهب إلي الجنوب وتدور إلي الشمال تذهب دائرة دورانا وإلي مداراتها ترجع الريح.. كل الكلام يقصر لا يستطيع الإنسان أن يخبر بالكل العين لا تشبع من النظر والأذن لا تمتلئ من السمع. ما كان فهو ما يكون والذي صنع فهو الذي يصنع فليس تحت الشمس جديد (جا1:1). أعمال مكشوفة وضائعة من حساب السماء لأنها تهتم بما هو في العالم الظاهر.
+ وكنوز مخطوفة:-
سراج الجسد هو العين فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما فإن كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون. لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر لا تقدرون أن تخدموا الله والمال (مت6:22-24). أقصد تلك الأعمال التي نقوم بها في حياتنا الروحية ولكن طريقها يعوقه الحواس غير المدربة علي عمل الخير وملتزمة به حتي النهاية لذلك يطلب السيد من أولاده المؤمنين أن يكونوا أنقياء ولهم حواس مدربة علي فعل الخير والعمل الصالح كما يقول الرسول: لا تكونوا مديونين لأحد بشئ إلا بأن يحب بعضكم بعضا لأن من أحب غيره فقد أكمل الناموس. لأنه لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تشته وإن كانت وصية أخري هي مجموعة في هذه الكلمة أن تحب قريبك كنفسك. المحبة لا تصنع شرا للقريب فالمحبة هي تكميل الناموس. هذا وإنكم عارفون الوقت إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهي الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر ولا بالمضاجع والعهر لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات (رو13:8-14). فكم من أناس يكنزون لهم كنوزا ولكنهم مباحة للخطف أي يعتقدون أنها مخزونة جيدا ولكن عدو الخير سحبها منهم بهدوء الثعالب وقذف بها خارج نطاق السماء لهذا الكنيسة تحذرنا من الحواس التي تتحلي بصورة التقوي ولكنها تنكر قوتها فبنك السماء يحفظ لنا كل كنز له جذور المحبة بعيدا عن المظهرية الكذابة والعرج بين الطرق المؤدية إلي الهلاك.
+ ونعم معروفة:-
لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس. انظروا إلي طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها. ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد علي قامته ذراعا واحدة. ولماذا تهتمون باللباس تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل. ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا أفليس بالحري جدا يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان, فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس. فإن هذه كلها تطلبها الأمم لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها. لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم (مت6:25-33). هذه هي نعم العهد الجديد الممنوحة لنا بعمل الابن الوحيد الذي جاء ليمنحنا نعم أبدية فاتحا لنا بنك السماء وفاتحا لنا ذراعيه منتظرا أن نطلب منه معرفة بملكوته ليملك علي قلوبنا وينعم علينا بالإنسان الجديد كما يقول الكتاب: لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفني فالداخل يتجدد توما فيوما (2كو4:16). فإنساننا الخارج يفني في نظر العالم من جهة المظاهر ومن جهة النفاق الذي يسود علي العالم ومن هنا نستطيع أن نقول كنز العالم المكشوف والمخطوف السر الذي خلفه هو العالم الزائل فصاحبه اعتمد علي أن يحتفظ به في بنك العالم غير المؤمن عليه بل مفتاحه إبليس وجنوده والمؤمن الذي اختبر العلاقة مع الرب يصرخ مع المزمور قائلا: أحبك يارب يا قوتي. الرب صخرتي وحصني ومنقذي إلهي صخرتي به احتمي ترسي وقرن خلاصي وملجأي (مز18:1-2). لذلك تحذرنا الكنيسة أن نبدأ الصوم مرتبطين بفكر العالم وكنوزه الفانية بل ناظرين إلي إلهنا وملجأنا.
وإلي اللقاء في عظة الأحد المقبل مع
مجرب ضعيف.. وكلام مخيف.. وانتصار عنيف..