* مَنْ مِنَ الناس حتى وإن كان رئيسًا للأبرار القدِّيسين نظن أنه في وقت ما يقدر -وهو مقيد بسلاسل هذه الحياة- أن يصل إلى هذا الصلاح الرئيسي دون أن يتوقف عن التأمل المقدس؟! أما ينجذب - ولو إلى وقت قصير - عن ذاك الذي هو وحده صالح بواسطة أفكار أرضية...؟!
مَنْ منا حتى في اللحظة التي يرفع فيها نفسه للصلاة لله يسموّ، لا يسقط قط في التشتيت...؟!
لذلك يحزن جميع القدِّيسين بتنهدات يومية من أجل ضعف طبيعتهم هذا. وبينما هم يستقصون أفكارهم المتنقلة ومكنونات ضمائرهم وخلواتهم العميقة، يصرخون متضرعين: "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك فإنه لن يتبرر قدامك حيّ" (مز 143: 2)؛ "من يقول إنيّ زكيت قلبي تطهرت من خطيتي" (مز 20: 9)... "السهوات من يشعر بها؟!" (مز 19: 20).هكذا أدركوا أن برّ الإنسان عليل وغير كامل ويحتاج دائمًا إلى رحمة الله حتى أن أحدهم بعد رؤيته الساروفيم في الأعالي وكشفه المكنونات السمائية، قال "ويل ليّ لأنيّ إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين" (إش 6: 5)... ها أنت ترى إذن كيف يعترف جميع القدِّيسين بصدق أن جميع الناس كما هم أيضًا خطاة، ومع ذلك لا ييئسون أبدًا من خلاصهم، بل يبحثون عن تطهير كامل بنعمة الله ورحمته.
* لا يوجد أحد - مهما كان مقدسًا - في هذه الحياة بلا خطية.وقد أخبرنا أيضًا تعليم المخلص الذي منح تلاميذه نموذج الصلاة الكاملة... إذ نقول: "واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا" (مت 6: 12).