|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ثروة يفسدها الشعور بالعوز: 3 إِنْ وَلَدَ إِنْسَانٌ مِئَةً، وَعَاشَ سِنِينَ كَثِيرَةً حَتَّى تَصِيرَ أَيَّامُ سِنِيهِ كَثِيرَةً، وَلَمْ تَشْبَعْ نَفْسُهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا دَفْنٌ، فَأَقُولُ إِنَّ السِّقْطَ خَيْرٌ مِنْهُ. 4 لأَنَّهُ فِي الْبَاطِلِ يَجِيءُ، وَفِي الظَّلاَمِ يَذْهَبُ، وَاسْمُهُ يُغَطَّى بِالظَّلاَمِ. 5 وَأَيْضًا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ وَلَمْ يَعْلَمْ. فَهذَا لَهُ رَاحَةٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَاكَ. 6 وَإِنْ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ مُضَاعَفَةً وَلَمْ يَرَ خَيْرًا، أَلَيْسَ إِلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَذْهَبُ الْجَمِيعُ؟ يقدم مثلًا آخر مضاد للأول: إنسان ينجب مائة أو كما يقول المرتل عن بعض الأشرار "يشبعون أولادًا" (مز 17: 14)، ويعيش زمانًا طويلًا، وبسبب جشعه يشعر بالعوز وعدم الاكتفاء، إذ تبقى نفسه في حالة فراغ، فإنه حتى وإن ظن أنه "ليس له دفن" [3]، أي لن يموت، فالسقط خير منه، لأنه لن ينعم بعذوبة الحياة، بل يعيش كما في الظلمة بسبب شعوره الشديد بالحاجة إلى الاكتناز. إنه يشبه شجرة تحمل ثمارًا كثيرة جدًا، لكنها لا تُقدم ثمرها للأكل بل تبقيه عليها حتى يفسد ويسقط على الأرض فيُجمّع الحشرات. ربما قصد بقوله "ليس له أيضًا دفن"، أي عند موته "يُدفن دفن الحمار" (إر 22: 19)؛ فمع أن له مئة من البنين وعاش لسنوات طويلة يجمع الأموال لكن أولاده بسبب حرمانه إيَّاهم من التمتع بالخيرات كل هذا الزمان لا يبالون بكرامته، ولا يهتمون بدفنه إنما بالبحث عن ثروته التي خلفها لهم وتقسيمها... أذكر أسرة اختلف أفرادها على الميراث فيما بينهم والجثمان لا يزال في حجرة مغلقة لم يدفن بعد! كانوا يتشاجرون عوض بكائهم على أبيهم! يقول الحكيم عنه: "إن السقط خيرٌ منه" [3]. إنه يسلم بأن حالة السقط محزنة للغاية، "لأنه في الباطل يجيء" [4]، لأنه باطلًا فرح الزوجان بالحمل واحتملت الأم الكثير تنتظر مولودها الجديد، كما تهيأ الوالد فكريًا وماديًا لحدث سعيد... فخابت آمالهما وتحطمت نفسيتهما وضاعت مجهوداتهما باطلًا. "وفي الظلام يذهب" إذ يكاد لا يشعر به أحد، قبل أن يُحتفل بميلاده يُدفن دون تكريم! "واسمه يُغطى بالظلام" فإن كان الوالدان قد أعدا له اسمًا لا يتحقق بل يتوارى معه في الظلام قبل أن يناديه أحد به: "وأيضًا لم يَر الشمس ولم يعلم" [5]، أي لم ينظر الشمس ويتمتع بالنور إنما خرج من ظلام الرحم إلى ظلام القبر ولم يعلم به أحد ولا تعرّف هو حتى على والديه. هذه هي الصورة التي قدمها الحكيم عن السقط، ومع هذا يقول في مقارنته بالبخيل: "فهذا له راحة أكثر من ذاك، وإن عاش ألف سنة مضاعفة ولم يَر خيرًا، أليس إلى موضع واحد يذهب الجميع" [5-6].السقط المحروم من نور الحياة ومن كل ذكرى ومن كل معرفة... الذي لا كيان اجتماعي له هو أفضل من بخيل يعيش آلاف السنوات يكنز مالًا ولا يرى في حياته خيرًا، كما لا يبعث في حياة الآخرين سعادة أو فرحًا... فإنه بعد شقاء كل هذه السنوات يلتقي مع السقط في ذات الموضع "القبر"! البخيل بإرادته الشريرة صار كالسقط، من الباطل يجيء وإلى الظلام يذهب... إذ باطلًا يترجى أحد منه خيرًا؛ تحرمه محبة المال من رؤية شمس البر وتفقده قدرته على التعقل والمعرفة الروحية الصادقة! ما أخطر محبة المال، فإنها تجعل من حياة الإنسان جحيمًا وظلمة أمرّ من ظلمة القبر... وأخيرًا يخرج من العالم عريانًا لا ينال شيئًا من كل ما جمعه. * لا يقدر الجمل أن يعبر من ثقب إبرة، ولا الغني أن يدخل الملكوت العالي... * لا يثبت الغنى والذهب عند قانيه، لماذا يقتني الإنسان الغنى والذهب الذي ليس له؟! * أنظر الأغنياء الذين اقتنوا على الأرض أسماءً وعظمة، إنهم سقطوا وبطلت تدابيرهم وأسماؤهم. * إن النفس هي أعظم من المقتنيات والأماكن. * يا ربي أنت غنى مقتنيك وخزانته وكنزه؛ طوبى لمن لا يقتني شيئًا غيرك! القديس يعقوب السروجي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|