يركز سفر الجامعة على تعبير "باطل hebel"، فقد تكرر 37 مرة؛ جاء في مقدمة السفر: "باطل الأباطيل قال الجامعة" (جا 1: 2)؛ وتكررت نفس العبارة في الخاتمة (جا 12: 8). وكأن الكاتب يود أن يؤكد لنا أنه ليس من شيء على الأرض يمكنه أن يهب الإنسان شبعًا حقيقيًا أو سعادة مطلقة. وهو في هذا لا يحمل اتجاهًا تشاؤميًا كما يظن البعض، وإنما يقدم إدراكًا واعيًا لمحدودية الأشياء وعجزها عن تقديمأينوع من الشبع للإنسان الداخلي الذي هو على صورة خالقه.
في الواقع يمثل هذا السفر عظة غايتها الزهد في أهواء العالم وملذاته خاصة في العبادة لله، إذ لا يليق بنا أن نتعبد له بغية نوال عطايا زمنية أو ملذات أرضية. فالعالم في ذاته حسن، وحياتنا فيه هي هبة إلهية.لكننا نُسيء استخدامه عندما نجعل منه هدفًا في ذاته، أو نظن حياتنا الوقتية كأنها أبدية. وكأن المشكلة ليست في طبيعة العالم وإنما في مفاهيمنا المنحرفة وإرادتنا الشريرة. بهذا يمنح هذا السفر راحة عظيمة للذين يريدون مواجهة حقيقة الحياة في إخلاص وبأمانة.