|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مخاطر الخدمة المؤمن يخدم الرب في عالمِ مُعادٍ، لذا من الطبيعي أن يكون هناك مخاطر للخدمة، وعلى كل من يخدم الرب أن يحمل صليبه طواعية، ويكون لديه توقع أنه في يوم ما قد يُعلَّق عليه، وقد يصل الأمر به، ليس إلى الرفض والاضطهاد فقط، بل إلى الموت أيضًا. ولذا جاء التشجيع لملاك كنيسة سميرنا الواقع تحت الاضطهاد والخطر «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ... كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤ 2: 10). بمعنى أن يظل أمينًا حتى لو قادته أمانته للرب إلى الموت. وهنا نتوقف لنقول إن الحياة التي نحياها في هذا العالم معرَّضة لمخاطر عديدة، ولكن إذا كان لنا توجّه لخدمة الرب، فسنكون عُرضة أكثر من غيرنا للخطر. في العهد القديم ترد كلمة ”المخاطرة“ ومشتقاتها بحصر اللفظ ثلاث مرات: 1- في قضاة 9: 17 نقرأ هذه الكلمة عن فرد واحد هو جدعون. وقالها عنه ابنه يوثام حيث قال: «لأَنَّ أَبِي قَدْ حَارَبَ عَنْكُمْ وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَأَنْقَذَكُمْ مِنْ يَدِ مِدْيَانَ». لقد خاطر جدعـون بنفسه أولاً وهو يهـدم مذبح البـعل ويقطع السارية، فقد كان من الممكن أن يقتله أهل مدينته نتيجة هذا العمل. كما خاطر وهو يحارب جيش المديانيين، الذي كان قوامه 135 ألفًا، بثلاثة مئة رجل فقط (قض8: 10, 11). ومن جدعون نتعلم أن مخاطرته كانت من أجل شعب الرب. فهو يحارب ويخاطر بنفسه، والسبب: لكي ينقذ هذا الشعب من يد مديان. والخدمة في إحدى صورها قد يكون غرضها شعب الرب وخلاصهم. 2- في 2صموئيل 23: 17 نرى نوعًا آخر من المخاطرة أثناء الخدمة ولكنها لا تتحدث عن فرد واحد بل عن ثلاثة رجال، «وَقَالَ (أي داود): حَاشَا لِي يَا رَبُّ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ. هَذَا دَمُ الرِّجَالِ الَّذِينَ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ. فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ. هَذَا مَا فَعَلَهُ الثَّلاَثَةُ الأَبْطَالُ». هؤلاء الرجال الثلاثة قد خاطروا بحياتهم، وكان من الممكن أن يُقتلوا بيد الأعداء. وفيهم نرى المخاطرة لأجل داود؛ صورة لمن يخاطر من أجل الرب نفسه. لقد كان تأوُّه داود كافيًا أن يدفعهم للمخاطرة بحياتهم لتتميم رغبته. 3- في قضاة 5: 18 نقرأ، لا عن فرد ولا عن مجموعة بل عن سبط يُوصف بأنه «زَبُولُونُ شَعْبٌ أَهَانَ نَفْسَهُ إِلَى الْمَوْتِ مَعَ نَفْتَالِي عَلَى رَوَابِي الْحَقْلِ». وكلمة ”أهان نفسه“ تأتي في أغلب الترجمات بمعنى ”خاطر بنفسه“. لماذا وُصف زبولون بهذه الصفة؟ الإجابة أن كثيرًا من الأسباط استعفت من أن تشارك باراق ودبورة في حربهما ضد كنعان، ولكن زبولون شارك من البداية وهذا ما نعرفه من قضاة 4: 10. ونشيد دبورة يُعطي صورة لكرسي المسيح، فإن كان مَن تعب لأجل الرب له مدحه، فكم بالحري مَن خاطر بحياته. سأل بولس: «لِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ كُلَّ سَاعَةٍ؟» (1كو 15: 30). طبعًا كان هذا سؤالاً استنكاريًا، لا يطلب إجابته، ولكننا قد نستخدمه نحن لتوضيح المشجعات التي لنا في المخاطرة لأجل الرب: أولاً: نحن نخاطر لأنه لدينا رجاء أكيد وحقيقي. فالموت ليس هو نهاية الأمر، لأن الأموات في المسيح سيقومون. وإذا افترضنا أنه لا يوجد قيامة فما الذي يدفعنا للمخاطرة بحياتنا؟ ولكن لأنه لدينا رجاء ثابت وأكيد، فهذا يُعطينا شجاعة ونحن نواجه مخاطر الخدمة. ثانيًا: نحن نخاطر لأننا نثق في إلهنا. فقد تواجهنا المخاطر ولكن يسقط عن جانبنا ألف، وربوات عن يميننا، وإلينا لا يقربون. إن الله يخلّص الخادم طالمًا أن خدمته لم تنتهِ، لدرجة أن بولس تعرَّض لأن تنشب الأفعى في يده، ولكننا نقرأ بعد ذلك «فَنَفَضَ هُوَ الْوَحْشَ إِلَى النَّارِ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِشَيْءٍ رَدِيءٍ» (أع28: 5). وقد تحدث بولس عن ثمانية أنواع من الأخطار واجهته، ولكن ولا واحدة من هذه الأخطار أنهت حياته. ثالثًا: نحن نخاطر لأننا نحب، وفي ذات الوقت لا نحب. إننا نحب الرب ولا نحب حياتنا حتى الموت. إن السبب الذي يدفعنا لنخدم ونتعب، هو محبتنا للرب، والسبب الذي يدفعنا لأن نخاطر أيضًا هو محبتنا للرب. ولكننا من الجانب الأخر نُخاطر لأننا لا نحب حياتنا حتى الموت. هذا ما نقرأ عنه في رؤيا 12: 11 «وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخروف وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ». إن أحد أسباب غلبة أولئك الأتقياء للشيطان، وسبب مخاطرتهم، هو أنهم لم يحبوا حياتهم حتى الموت. كان الرب عزيزًا جدًا في أعينهم، وكانت نفوسهم وحياتهم ليست ثمينة في أعينهم (أع 20: 24). رابعًا: نحن نخاطر لأننا نخاف وفي ذات الوقت لا نخاف. نخاف هذا الإله الذي نتعامل معه، إننا نخشاه ونهابه ونجلّه، وهذا يدفعنا لأن نتعب من أجله، عالمين أنه يكافىء كل تعب ومخاطرة. ولكننا لا نخاف من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا. هذان الجانبان نجدهما في لوقا 12: 4, 5 «وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هَذَا خَافُوا!». خامسًا: نحن نخاطر لأجل أن تستمر الخدمة ولأجل تميم الخدمة. لقد خاطر أبفرودتس بحياته حتى لا تتوقف خدمة بولس، ووصف بولس ما فعله بالآتي «لأَنَّهُ مِنْ أَجْلِ عَمَلِ الْمَسِيحِ قَارَبَ الْمَوْتَ، مُخَاطِرًا بِنَفْسِهِ، لِكَيْ يَجْبُرَ نُقْصَانَ خِدْمَتِكُمْ لِي» (في 2: 30). بولس كمثال لشخص تعرض لأخطار كثيرة ومن أنواع مختلفة: لقد تحدث بولس عن الأخطار التي واجهته أثناء خدمته في 2كورنثوس 11: 26. تعرَّض لكل هذه الأخطار المختلفة أثناء تحركاته وأسفاره الكثيرة. أول نوع من هذه الأخطار هو خطر طبيعي ويتمثل في السيول؛ فالطبيعة ذاتها تحمل خطرًا على حياة الإنسان، والسيول التي تعرَّض لها بولس كانت كافية لإنهاء حياته. وتحدث بعد ذلك عن أخطار من لصوص ومن بني جنسه وأخيرًا من الأمم. لقد تعرَّض بولس أثناء أسفاره لخطر اللصوص؛ هنا الخطر بشري، ولكن لم يكن اللصوص فقط هم الذين يُمثلون خطرًا على بولس، بل بنو جنسه أي اليهود. وفي سفر الأعمال نرى كثيرًا من الأخطار جاءت من اليهود، ولكن كان الأمم يمثلون جانبًا آخر من الأخطار التي تعرَّض لها بولس. ومع أن اليهود والأمم في عداوة معًا، ولكنهم تشابهوا في أنهم مصدر خطر لبولس ولخدمته. يذكر الرسول بعد ذلك أخطارًا مرتبطة بالمكان؛ فهناك أخطار في المدينة، وهناك أخطار في البرية، وهناك أخطار في البحر. ومن هذه الأخطار المرتبطة بالمكان، نفهم أنه لم يكن هناك مكان واحد لم يتعرض فيه بولس للخطر. وعلى مَن يخدم الرب أن يتوقع ليس فقط أن يقوم عليه مختلف الناس، من لصوص، أو من بني جنسه، أو من الأمم، بل قد يتعرض للخطر في كل الأماكن في المدينة، في البرية، وفي البحر. ويختم بولس قائمة الأخطار «بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ»، هؤلاء كانوا أكثر قربًا من بولس، ربما تواجدوا في ذات أماكن تواجد بولس داخل كنيسة الله، لكنهم كانوا يمثلون أيضًا خطرًا على حياة بولس. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|