* لأنه وإن كان كثيرًا ما يتكرر سرد الأمور المقدسة، لكن الذهن الذي يشعر بعطشٍ إلى المعرفة الحقيقية، فإن شبعه لا يخلق قط نوعًا من الاشمئزاز، بل في كل يوم يتقبل الكلمة كشيءٍ جديدٍ يحتاج إليه. على أي الأحوال غالبًا ما ينصت إليها بشغفٍ شديدٍ، ويتحدث بها. والتكرار بالنسبة له يثبته في المعرفة التي له من قبل دون ضجر.
هذه هي العلامة التي بها يُعرف الذهن أنه بارد ومتعجرف، أنه يتقبل أدوية كلمات الخلاص بازدراء واستهتار، بالرغم من أنها مُقدمة بغيرة ولجاجة زائدة، وذلك لأن "النفس الشبعانة تدوس العسل، وللنفس الجائعة كل مرٍّ حلو" (أم 7:27).
هكذا إن أُخذت هذه الأمور بعناية، وخُزنت في داخل النفس، وختمت بخاتم السكون، تصير مثل الخمر حلوة المذاق، تُبهج قلب الإنسان، وتُعتَق بتخزينها كثيرًا في الفكر مع الصبر الثابت، فتخرج من آنية القلب رائحة لذيذة، ويصير ينبوعًا دائمًا يفيض أعماق الخبرة بغزارة، وتكون كمجاري مروية. تسكب الفضيلة تيارات غزيرة كما من بئر قلبك العميق.