|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل فكرت عزيزي القارئ في كم ونوعية البشر الذين شفاهم، ومنهم من كان يقع عليه ليلمسه؟ ولا تنسَ كم المجانين الذين تسكنهم الشياطين وحجم المعاناة والتعب في التعامل مع هذه العينات (علمت من أحد إخوتنا الأحباء المتخصصين في الطب النفسي أنه لا بد أن يأخذ فاصلاً بين مريض والذي يليه، يشغل نفسه بأي شيء يبعده عن هذا الجو وإلا صار، كواحد من مرضاه). وبعد كل التعب والعناء النفسي والجسماني نقرأ في ع 35 وفى الصبح باكرًا جدًا قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك. ثم بعد ذلك مضى إلى القرى المجاورة ليكرز هناك، فكان يكرز في مجامعهم في كل الجليل ويخرج الشياطين (ع37)، ثم نراه يتحنن على الأبرص ويلمسه فيشفيه (ع40)، وبالرغم من أنه كان يسير في مواضع خالية ليختفي قليلاًً عن الناس إلا أنهم كانوا يأتون إليه من كل ناحية (ع45)، لم يكن له سكرتارية ولا نوتة مواعيد بل كان متاحًا في كل وقت ولأي شخص. يا له من خادم تاعب لم يكن يرضي نفسه أو يعمل شيئًا لأجل نفسه (رو15)، وكان شعاره الدائم «أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل» (يو5: 17). وأرجو أن الفت انتباهك عزيزي القارئ إلى ص 4 من إنجيل مرقس لنرى كمّ التعب في خدمته للجموع وتعليمهم بأمثال وشرحها لهم بصبر واحتمال من الصباح إلى المساء. ثم طلب منه تلاميذه أن يجتازوا وهو معهم إلى العبر ليأخذ قسطًا من الراحة بعد صرف الجمع فتنحى جانبًا ونام على وسادة في مؤخرة السفينة، وما هي إلا لحظات، وبسبب عدم إيمان التلاميذ الذي حرمهم من الهدوء وسط هياج البحر، أيقظوه قائلين: «أما يهمك أننا نهلك؟». وما أعظمه فبدلاً من أن يوبخ من عكّروا صفو راحته، قام وانتهر الريح التي أزعجتهم وصار هدوء عظيم. وبعد وصولهم إلى العبر كان أمامه برنامج حافل استمرارًا لأتعاب خدمته الكثيرة، فبمجرد أن رست السفينة استقبله من القبور مجنون كورة الجدريين الذي لم يقدر أحد أن يربطه، بل كان يصيح دائمًا ويجرح نفسه بالحجارة، فخلّصه من جيش الأرواح الشريرة، وصار جالسًا ولابسًا وعاقلاً. وماذا كان تقدير سكان هذه المنطقة لإحسانه العظيم؟ يا للأسف طلبوا إليه أن يمضي من تخومهم. وتبع هذا ذهابه مع يايرس رئيس المجمع لإقامة ابنته، وفى الطريق شفى نازفة الدم (مر5)، ثم اتجه بعد ذلك إلى وطنه ودخل المجمع ليعلم هناك، وبالرغم من أنهم بهتوا من تعليمه، لكنهم عثروا به، فكان بلا كرامة في وسطهم (مر6). وحيث أن مرقس يكلمنا عن المسيح كالخادم التاعب لذا فنراه مشغولاً بأعمال الرحمة عملاً تلو الآخر متنقلاً من مكان لآخر دون راحة أو تأجيل، لذا يذكر كلمة للوقت نحو 40 مرة كما يذكر 18 معجزة عملها الرب، ويركز على يديه التي صنع بهما الخير والرحمة فيذكر أعمال يديه نحو 14 مرة. وحتى ختام الإنجيل بعد ارتفاعه عن يمين الله «كان الرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة»؟ |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|