|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف شرح القديس اثناسيوس الفداء جورج فلوروفسكى ان لاهوت القديس اثناسيوس مبنى على اساس ظهور المسيح المخلص تاريخيا، و انه تأنس الاله. ان حقيقة الخلاص هو برهان اثناسيوس الذى اثبت به الوهية الكلمة المتجسد، لانه فقط بتجسد الابن الوحيد يمكن ان يأتى الخلاص. فهو يرى ان المفهوم الحقيقى لكلمة الخلاص هو يكمن فى اتحاد الطبيعة الانسانية المخلوقة بالله نفسه، و هذا الاتحاد لا يمكن ان يحدث الا بان يتخذ الله نفسه جسدا و يصبح انسانا. "فالخلاص اذا هو اشتراك طبيعتنا الانسانية فى الطبيعة الالهية". فالخليقة وجدت من عدم ولذلك فان طبيعتها تتأرجح و عرضة للتحلل لان ليس لها اساس فى وجودها بذاتها . فالخليقة تستمد وجودها وكيانها من خلال اشتراكها فى الكلمة الذى ايضا يمنحها الاستنارة و المعرفة . "الله الكلمة الذى هو قوة و حكمة الله الالهية هو مصدر وجود العالم و حافظه. فمن صلاح الله انه لم يترك الخليقة مستعبده لطبيعتها و لذلك فقد نزل الله الكلمة و فاض بقوته على الكون كله و انار كل الاشياء الظاهره و الخفيه و اعطى الحياة و البقاء لكل المخلوقات. فهو مصدر النظام و الوحدة و التجانس و التناغم فى العالم". "الكلمة هو استعلان الله" . لانه قد تغلل فى كل شئ و كسى كل مكان فى السماء وفى الارض و ما تحت الارض حتى فى عمق الهاوية و فقد بلغ كل الاعماق و الاتجاهات. كل شئ قد امتلئ بمعرفة الله . فختم الله الكلمة و بصمته قد وضعت على كل الخليقة و كل انسان وكان هذا سر حفظ الخليقة من الفساد و الانحلال". فالقديس اثناسيوس يرى ان اصل وجود الانسان مبنى على وجود الكلمة فى داخله. فهو يريد ان يؤكد ازدواجية الخليقة التى لديها طبيعتها المخلوقة المتقلبة و ايضا تحمل ختم الكلمة الواقى و الحافظ لها الذى به اوجدت. اذا الخليقة لديها طبيعتها المخلوقة و النعمة معا. فالابن لكونه قائم فى الاب و شاخص فيه قد خلق الكون و اوجد النظام فيه و كقوة الله و حكمته حفظ وجود الخليقة. فالابن هو صورة الاب غير المنظورة و غير المتغيره. قد شدد اثناسيوس اثناء مجادلتة مع الهرطقة الاريوسيه و اكد فى تعليمه عن الكلمة على العلاقة الوثيقة بين عملية الخلق التى قام بها الله الكلمة و بين تجسده و عملية الخلاص. ففى الكتاب المقدس قد لقب الابن بانه بكر كل الخليقة لان الكلمه و هو الذى خلق الخليقة من البدء قد نزل الى الخليقة لكى يعطيها حياة و وجود. و رجوعا الى تعليم اثناسيوس عن الطبيعة المزدوجة للخليقة فهو يفرق بين حقيقتين منطقتين و ليسا متزامنتين فى عملية خلق الانسان و هما : خلق الطبيعة الالهية من عدم مسحتها ببصمة صورة الله. فالله من خلال نعمته اصبح اب لكل من خلقه و الخليقة من خلال اشتراكها فى الابن اصبحت متبنية بالاب. ففى لحظة خلق الانسان من عدم قد مسح بنفخة الروح القدس. فنفخة الحياة التى نفخها الله فى ادم لم تكن روح بل كانت نسمه الروح القدس المحييه و قد اصبح الانسان الاول انسان روحى لان الروح القدس اصبح بداخلة. خلق الله الانسان على صورته قد مكنه من التأمل و الشخوص فى الالهيات و الدخول الى نعمة الحياة الحقيقية. سقوط الانسان بما ان النعمة و عطية الروح القدس قد منحت للانسان الاول من الخارج فكان من الممكن ان يفقدها بسهولة و بالفعل قد فقدها عند سقوطه. "فالانسان قد تحول عن التأمل فى الله وتوقف عن شوقه و سعيه له واصبح منغلق فى ذاته و بالتالى اصبح متجها و منحصرا فى محبته لذاته و من هنا بدأ اشتعاله بالشهوات و الاهواء و حياته انحدرت و تفسخت. ولع الانسان بمحبتة للذات و تحولت النفس من الروحانيات الى الجسدانيات و نسى الانسان انه قد خلق على صورة الله الصالح". اتجهت نفس الانسان بفكرها الى الفانيات و العدم و اعطته كيان وبذلك اصبحت هى مبدعه الشر. لان الشر هو اللا شئ و العدم ليس له اصل فى الله و جلب من الحكمة الانسانية. الكم من الشهوات التى تزاحمت داخل نفس الانسان قد حجبت رؤية الانسان لصورة الله فى داخله التى كان ينبغى و من الضرورى ان يراها. و بالتالى لم تعد نفس الانسان قادره ان ترى او تتامل فى الله الذى على صورته قد خلقت و اعطت فكرها الى اشياء كثيره وهمية و اصبحت لا ترى الا المحسوسات. و كان هذا بمثابة تسمم و تشتيت للعقل. وبسبب كسر الوصية حرم الانسان الاول من الاستناره العقلية و رجع الى طبيعته و اصبح عبد لقانون الفساد وتحول عقله للتفاهات و تلوث بالشهوات و تاهت البشرية فى ظلمة الوثنية. النعمة و تجديد الخليقة بسقوط الانسان حرمت الطبيعة من النعمة. " و لذلك قد اصبح من الضرورى الى اعادة الوحدة وتجديد الخليقة التى قد خلقت على صورة الله . لابد من استعادة نعمة الوجود على صورة الله التى فقدت". فالله الكلمة كونه الخالق اخذ على عاتقة مهمة تجديد الخليقة . و قد تم هذا بالفعل" الكلمة صارا جسدا" . الكلمة اخذ طبيعة انسانية و مع كونها مشابهة لطبيعتنا الا انها كانت مستنيرة و خالية من ضعفاتنا . و هذا اشبه بقطعة من القش مغطاة بمادة الاسبستوس غير القابلة للاشتعال فهى قد اصبحت لا تخشى النار لانها محمية بداخل غطاء و غشاء واقى غير قابل للاشتعال. فعلى نفس المثل و الصورة فأن الطبيعة الانسانية على الرغم من طبيعتها الفاسدة فهى قد دعيت للخلود. فالاشتراك غير المباشر فى الكلمة منذ البدء لم يكن كافى لحفاظ الخليقة من الفساد." وكان من الممكن للتوبة و الغفران ان يصلحوا لو لم يكن التعدى و العصيان قد تبعه ولاحقه الفساد. لان التوبة يمكن ان توقف الخطية فقط و لكنها غير قادرة على تغيير حالة الانسان التى فسدت. فالموت قد ملك على الانسان و اصبح له سلطان عليه". الله طبعا كلى القدرة و كان من الممكن بكلمة امر منه ان يطرح الموت خارجاً و لكن هذا لا يؤدى الى شفاء الانسان الذى اعتاد على العصيان و لا يتفق مع العدل الالهى . الغفران الكامل قد يبين مدى قوة و قدرة الله مانحه و لكن الانسان يظل مثل ادم و مره اخره يمنح النعمه من الخارج فقط و فى هذه الحاله يكون من المتوقع حدوث سقوطه مره اخرى. و لكن من خلال تجسد الكلمة، النعمة قد اعطيت للانسان بطريقة حتمية و اصبحت متغلله و دائما بداخله. لقد اتخذ الكلمه جسد لكى يلبس جسد الانسان حياة جديدة و من اجل حفظه من الفساد ليس من الخارج و لكن لكى يوصل و يوحد الجسد فعليا بالحياة. و بهذه الطريقة الجسد نفسه لبس الله الكلمة المحى و لم يعد يخاف الموت او الفساد لانه قد تسربل بالحياة و قد ابطل الفساد. الكلمة كان فى العالم منذ البدء و كأن العالم جسد كبير قد منحه الكلمة الحياة والنظام و كان من الممكن للكلمة ان يظهر فى جسد انسان لكى يهبه الحياة. كانت صورة الكلمة مطبوعة على الانسان و لكن حينما فسدت كان من اللازم استعادتها وقد تم هذا من خلال تجسد الكلمة. الكلمة صار جسدا الكلمة صار جسدا مشابها لنا فى كل شئ . وقد استخدم اثناسيوس كلمة "التجسد" الذى بها يعنى بأتخاذ الكلمة جسدا فقد اصبح انسانا كاملا اخذا كل ما لبشريتنا من مشاعر ومعاناة . "و بسبب نعمة اتحادنا بالكلمة التى هى بتجسد الكلمة فقد تحرر الجسد من ضعفه و قابليته للفساد. قوة الحياة التى فى الكلمة حفظت جسد المخلص من الضعف" . المسيح عطش لان هذه صفة من صفات الجسد الانسانى و لكنه لم يفنى من الجوع . فقد اجتاز جسده الالم طوعا و بأرادته . فقد احتمل الالم و كل شئ من خصائص جسد الانسان . فقد عطش و بكى و ايضا قبل الموت. و لكن موته كان نتيجة اتضاعه و حبه حتى وضع نفسه تحت الموت و ليس اضطرارا. " فقد كانت عنده القدرة ان يفصل نفسه عن الجسد و الجسد يموت ولكن لم يبقى فى الموت لان الموت لم يقدر ان يمسكه لانه قد اصبح هيكلا للحياة ". لم يكن الكلمة محدودا و مقيدا بالجسد و لكنه قد حرر الجسد من محدوديته و ميله للخطية. بقوة الكلمة الثابته قد تحولت الطبيعة الانسانية المتقلبة الى طبيعة صالحة و اصبحت كل المغريات و الخداعات لا سلطان لها عليه. "الحكمة الالهية جعلت الانسانية تنتعش و علت وسمت بها تدريجيا فوق طبيعتها و اصبحت شريكه فى الطبيعة الالهية. اعمال الابن الكلمة قد تمت و اكملت من خلال التجسد. فقد اشترك الجسد ايضا فى اعمال الله، و الخليقة فى المسيح اصبحت بلا خطية". "الطبيعة الانسانية فى المسيح كانت ممتلئة بمسحة الروح القدس و بها قد استلمنا بصمته ووجوده فى داخلنا " و لاول مره تقدس الجسد بالروح القدس. فمنذ ان شاركنا فى جسدنا نحن خلصنا و تجددت حياتنا لان جسدنا لم يعد ترابى و لكنه شابه الكلمة من خلال الكلمه نفسه الذى اصبح انسان من اجل خلاصنا. ابادة الموت و تجديد الطبيعة الفداء و الخلاص لم يتما فقط بالتجسد و لكن قد تما ايضا من خلال حياة السيد المسيح على الارض. "لقد اظهر الرب محبته للبشرية بطريقتين، بأبادته للموت وبتجديده للطبيعه. و ايضا اظهر باستعلان نفسه من خلال اعماله ليعلم الجميع انه كلمة الاب، و رئيس و ملك الكون". فبظهوره المرئى قد اظهر الاب غير المرئى للبشرية التى تركت التأمل فى الالهيات. بتنفيذه للناموس قد ازاح عنا لعنته و دينونته. فالفساد لا يمكن ان يبطل عمله فى الانسان الا بالموت ولذلك كان الهدف الاسمىلعملية الخلاص التى بالتجسد لا يمكن ان تكون الا بالموت نفسه. لقد اتخذ جسد لكى يقبل ان يموت و كان من غير الممكن ان يمنع و يتفادى الموت و الا قد لا تتم القيامة. و من خلال هذا العمل قد تم شيئين رائعين و هما ان موت و فساد الجميع قد حمل كله على جسد الرب و طبعا قد ابيدوا و ابطلوا لان هذا جسد به كلمة الله. لقد قبل الرب الموت ليس عن ضعف و لكن طوعا بأرادته من اجل ان يقيمنا جميعا". جسد الرب لم يختبر الفساد اى لم يذوقه لانه كان هو نفسه جسد الحياة. موت الرب كان موتا حقيقيا و لكنه قصير الوقت. لم يترك جسده فى هذه الحالة لمدة طويلة و لكنه قد ارانا موته و بعدها مباشرة اقيم فى اليوم الثالث. و بهذا قد اظهر علامة النصرة على الموت بأظهاره لجسده بدون فساد و عدم مشاركته فى مرارة الموت. "كل البشرية قد رفعت و قامت فى المسيح". الرب قام من القبر بجسد مقدس وناقض للموت. لقد اصبح الجسد ممجد و هذه النعمة منحت لنا و هذه الرفعة اصبحت لنا. ونحن المشتركين فى الجسد معه قد صار لنا الدخول الى السمويات. المسيح الاله و الانسان الكتاب المقدس يخبرنا بحقيقة المخلص، فهو دائما الله، الابن، و الكلمة. فالله الكلمة لم يكن يرغب ببساطة ان يتجسد و لا ان يعلن عن نفسه فى جسد . فهو لم ينزل الى الانسان و لكنه اصبح انسانا. قد جعل نفسه ابن الانسان. فعلى الرغم من ان اثناسيوس فى بعض الاحيان يستخدم تعبيرات غير دقيقة عن الله الكلمة مثل، "لبس نفسه" او "يسكن فيه" او "انه هيكل او وكيل" الا انه يرى بدقة و بوضوح الفرق بين اعلان الكلمة فى المسيح وظهوره و حضوره فى القديسين. المسيح اصبح انسان. فالجسد السرى للمسيح هو جسد الرب و ليس جسد انسان. لقد جعل جسدنا بكل ضعفاته جسده . قد تمم المسيح عمله كاملا دون انفصال بين طبيعته الالهية و طبيعته الانسانية فقد تمم واكمل كل شئ فى وحده كاملة بين الطبيعتين.فقد بكى على لعازر و هو الذى اقامه. فقد اختار الرب العذراء مريم لياخذ منها جسد فكل شئ فى المسيح هو الهى ، شافى وواهب للحياة. فالمسيح قد تبنى كل خصائص و صفات الجسد و جعلها ملكا له. فقد كان هو بان واحد الباكى على لعازر و هو الذى اقامه. فقد اختار الرب العذراء مريم لياخذ منها جسد و يكون جسد مثل جسدنا . يؤكد اثناسيوس حقيقة اتحاد الطبيعتين فى المسيح بدون امتزاج. فهو الله الانسان. فالمسيح عنده الطبيعة الالهية التى بها هو واحد مع الاب فى الجوهر و ايضا طبيعه انسانية التى شابهنا بها فى كل شئ. و لذلك فهو المخلص ، الكلمة، و ادم الثانى بان واحد. . المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|