|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مشورات مقدمة للشباب يبدأ سفر الحكمة بأحاديث موجهة إلى الشباب، هؤلاء الذين يهتم بهم الله إذ عبروا من مرحلة الطفولة البسيطة وصاروا على أبواب الالتزام بمسئولية الحياة، لذلك يدعوهم الله لكي تمتزج حياتهم العملية بخبرتهم الحيّة مع خالقهم ومخلصهم. قيل: "أذكر خالقك في أيام شبابك". وفي هذا السن أيضًا يوجه عدو الخير ضرباته لكي يفسد أحاسيسهم النامية وعواطفهم المقدسة، بل ويحطم نظرتهم إلى الحياة الأبدية. 1. يكشف هذا السفر عن شوق الله إلى الشباب، فبينما تظهر الغباوة أو الجهالة أو الخطية كسيدة مزينة تُغوي بجمالها الظاهري وكلماتها المعسولة الشاب لكي تحتضنه فتهوى به إلى الجحيم، إذا بالله يرسل حكمته، كلمة الله الحيّ، ليُقدم ذاته هبة إلهية مجّانية للشاب. في حديث رمزي تظهر حكمة الله في شكل سيدة تدعو الشاب لكي يقتنيها فيقتني الفهم والمعرفة والتمييز مع الحياة الأبدية، ويدخل إلى وليمتها السماوية. في هذا القسم تظهر الحكمة كسيدةٍ، وذلك لأن كلمة "حكمة" في العبرية اسم مؤنث. ترتبط النفس المقدسة بالحكمة، لذا يوصينا الحكيم: "قل للحكمة أنتِ أختي، وادع الفهم ذا قرابة" (أم 4:7). تظهر الحكمة كسيدة تدعو المؤمن للاقتراب منها لتقدسه، وتظهر الجهالة كزانية تدعو البشرية إليها لهلاكهم. 2. يُقدم هذا القسم مقابلات بين الحكمة والجهالة، وهي في الواقع مقابلة بين الصلاح والشر. يُقدم الصلاح بكونه الحكمة والأدب والفهم والعدل والحكم والاستقامة والمعرفة والتمييز والعلم والمشورات، لكن على وجه الخصوص "الحكمة"، التي وردت 17مرة في هذا القسم من سفر الأمثال. 3. إن كانت عبارة "رأس الحكمة مخافة الرب" (أم 7:1) هي مفتاح هذا القسم بل مفتاح السفر كله، فقد وردت حرفيًا في (مز10:111)، وجاء أصحاح 28 من سفر أيوب في صلبه يحمل نفس المعنى: "أما الحكمة فأين توجد؟! وأين مكان الفهم؟! لا يعرف الإنسان قيمتها، ولا توجد في أرض الأحياء. الغمر يقول ليست فيَّ، والبحر يقول ليست عندي. لا يُعطي ذهب خالص بدلها، ولا تُوزن فضة ثمنًا لها. لا تُوزن بذهب أوفير أو بالجزع الكريم أو الياقوت الأزرق.. الله يفهم طريقها، وهو عالم بمكانها. لأنه هو ينظر إلى أقاصي الأرض، تحت كل السماوات يري ليجعل للريح وزنًا ويعاير المياه بمقياس، لما جعل للمطر فريضة ومذهبًا للصواعق. حينئذ رآها وأخبر بها، وأيضًا بحث عنها. وقال للإنسان: هوذا مخافة الرب هي الحكمة، والحيدان عن الشر هو الفهم" (أي20:28-28). رأس الحكمة مخافة الرب، وأما رأس الجهالة فهو اعتداد الشاب بذاته وعدم خضوعه بالطاعة للمشورة المقدسة في الرب. الموضوع الرئيسي لهذا القسم هو هذه المقابلة بين مخافة الرب وجنون الإرادة الذاتية التي تحتقر الحكمة الإلهية والتأديب حيث يظن الشخص في هذا تحطيمًا لإرادته وإهانة لشخصيته. يُعلن الكاتب بوضوح أن الله يطلب المخافة الربانية ليُقدس إرادة الإنسان، فيسلك حسبما خلقه الله، كائنًا محبوبًا لديه صاحب سلطان، يسلك بتدبير ونظام في علاقته بالله وبوالديه ومرشديه وكل ما حوله، حتى علاقته مع نفسه في داخله. لقد ركَّز على الطاعة للوالدين بكونها صورة حيّة لخضوع النفس لله نفسه، وتمتعها بأُبوة الله الذي يحتضنها بحبه. 4. عالج هذا القسم الجانب الإيجابي الخاص ببركات التمتع بالحكمة الإلهية، والدخول إليها من باب مخافة الرب والطاعة للوالدين، كما عالج الجانب السلبي الخاص بخطيتين كثيرًا ما ينزلق فيهما الشاب، وهما: العنف والفساد. فالإنسان الذي يفقد مخافة الرب يظن أنه يؤكد قوة شخصيته واستقلاليته باستخدامه للعنف وانغماسه في الشهوات الجسدية، ويرتبط الاثنان معًا. هذا ما شاهدناه في وقت الطوفان، إذ قيل أن الأرض قد فسدت أمام الله وامتلأت عُنفًا. وهذا أيضًا ما نلاحظه في العصر الحديث حيث تتزايد نسبة الجرائم في العالم جنبًا إلى جنب مع الانحلال الأخلاقي، وذلك تحت ستار الحرية الفردية، وأن الانحلال لا يضر أحدًا. حقًا إننا في حاجة إلى سفر الأمثال كمرشدٍ إلهي يسندنا في إصلاح أعماقنا الداخلية ومفاهيمنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|