|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قداسة البابا تواضروس الثاني ما هي أعظم نعمة في حياة الإنسان؟! وتتعدد الإجابات بين الصحة أو الثروة أو السلطة أو العقل أو الاكتشاف أو…. إلخ. وبالطبع كلها نعم عظيمة ولها المكانة والحضور في حياة الإنسان. إلا أن الحقيقة هي أن أعظم نعمة بين نعم الله الوفيرة والعديدة تكون نعمة “الستر” لها الأولوية والمكانة الأولى. ولكي تتضح هذه الحقيقة أمامك عزيزي القارئ: هل تساءلت يومًا ما، كيف تكون حياتك بلا ستر؟! طبيًا معروف أن الجلد عند الإنسان هو العضو الأكبر مساحة وهو الذي يستر ويحمي سائر الأعضاء الداخلية والخارجية، بل هو خط الدفاع الأول أمام أشكال التلوث والمرض من الميكروبات وغيرها. وفي التقليد الشعبي عندما تسأل شخصًا مختبرًا للحياة: ماذا تريد من الدنيا؟ يُجيبك تلقائيًا وبدون أدنى تفكير: الستر والصحة. وإن دققت في الأمر ستجد أن حياة الإنسان تختصر في هاتين الكلمتين: الستر والصحة. ولا أحد يستطيع أن يحصر عدد المرات التي ستر الله فيها عليه، حتى داود النبي يصلي ويقول: “احْفَظْنِي مِثْلَ حَدَقَةِ الْعَيْنِ بِظِلِّ جَنَاحَيْكَ اسْتُرْنِي” (مز 17: 8)، كما يقول أيضًا: “اسْتُرْنِي مِنْ مُؤَامَرَةِ الأَشْرَارِ، مِنْ جُمْهُورِ فَاعِلِي الإِثْمِ” (مز 64: 2). وهناك قصة لطيفة قرأتها: يقول أحدهم كنت أشتري كل يوم من بائع صُحف صحيفة الـ “لوموند”، كي أتعلَّم منها اللغة الفرنسية لكن هذا البائع علمني درسًا هو أهم من اللغة الفرنسية، وهو درس العمر كله، فيقول عندما كنت أسأله كل يوم كيف حالك اليوم؟ كان يجيبني: “في نعمة الستر”… فأندهش من إجابته!! فسألته في يوم لماذا الستر تحديدًا؟!! فأجابني: “لأنني مَستور من كل شيء…” فاندهشت وسألته: “عن أي ستر تتحدث وقميصك مُرقَّع بألوان شتى!!”. فصمت قليلاً ثم قال لي: “يا ابني الستر أنواع: فعندما تكون مريضًا ولكنك قادر على السير بقدميك فهذا ستر من مذلَّة المرض.. عندما يكون في جيبك مبلغ بسيط يكفيك لتنام وأنت شبعان حتى لو كان شبعك هذا من الخبز فقط، فهذا ستر من مذلّة الجوع… عندما يكون لديك ملابس، ولو كانت مرقَّعة، فهذا ستر من مذَلَّة البرد.. عندما تكون قادرًا على الضحك وأنت حزين لأيّ سبب، فهذا ستر من مذلّة الانكسار… عندما تكون قادرًا على قراءة الصحيفة التي بين يديك، فهذا ستر من مذلَّة الجهل… عندما تستطيع أن تتصل في أيّ وقت بأهلك لتطمَئن عليهم وتُطمئنهم عليك، فهذا ستر من مذلَّة الوحدة.. عندما يكون لديك وظيفة أو مهنة، حتى لو بائع صحف تمنعك من مد يدك إلى أيّ شخص، فهذا ستر من مذلة السؤال… عندما يُبارِك لك الله في ابنك، وفي صحته وتعليمه وبيته، فهذا ستر من مذلَّة القهر.. عندما يكون لديك زوجة صالحة، تحمل معك هَم الدنيا، فهذا ستر من مذلَّة انكسار الزوج أمام زوجته. وإن كان الله يستر على الإنسان صباحًا ومساءً ويستر على الخليقة كلها بحلول الليل وكل يوم. فالليل يمكن أن نسميه الستر العام من الله لكل البشر، ونحن في الأديرة نصلي “صلاة الستار” وهي عبارة عن مختارات من مزامير الأجبية عبر اليوم كله. يمكنك عزيزي القارئ أن تستر خصوصيات الآخر فلا تنقل أخباره أو سيرته أو نيته… وهذه النصيحة هامة أيضًا للأزواج حديثي الزواج أن يحافظوا على خصوصياتهم ولا يتحدثوا بها أبدًا أمام الآخرين مهما كانت صلة قرابتهم “لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ” (مت 12: 37). كذلك من الأمور الهامة أن يحفظ الكاهن خصوصيات سر الاعتراف ومن يفشي أسرار الاعتراف بتعمد بأي صورة يستوجب العقاب. والستر هنا يحتاج حكمة الكاهن ونقاوة كلامه وأحاديثه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|