|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقد أشار كاتب الإنجيل الرابع كثيراً، بحسب اللّاهوت اليوحنّاويّ إلى أهميّة كلمات يسوع إلى تلاميذه بينما يتقاسمون الخبز. فهناك النص الّذي ينفرد به كاتب الإنجيل الرابع وهو غسل الأرجل (راج يو 13: 1- 13)، إذ يشير في هذا النص قائلاً: «فقامَ عنِ العَشاءِ فخَلَعَ ثِيابَه، وأَخَذَ مِنديلاً فَائتَزَرَ بِه» (يو 13: 4). بينما الجميع متكئين لتناول عشاء الفصح، يقوم يسوع ليؤسس سرّ الإفخارستيا مبتدأً بغسل أرجل تلاميذه، متخذاً صورة خادمهم. هذا هو قيمة البقاء معًا على المائدة. السعي لتناولنا الوجبات العاديّة تجعلنا نكشف عما بقلوبنا وعن حقيقتنا الضعيفة والّتي لا نقبلها. فكم بالأحرى البقاء معًا ككنيسة لتناول الطعام الجوهري وهو جسد ودم الرّبّ فهو مصدر الغذاء ويصير منبع لحياتنا. هذا هو نفس المنطق الّذي يدعونا إليه يسوع في قوله: «أَنا الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبزِ يَحيَ لِلأَبَد» (يو 6: 51). مدعوين أن نتسأل هل نعيش لنأكل أم نأكل لنعيش؟ نعم فهناك طعام ضروري، ليس الطعام الماديّ فقط، يساعدنا على أنّ نحيا ملء الحياة الّتي يسعى يسوع أنّ يعيدها إلينا وهي الحياة الّتي خُلقنا عليها بحسب فكر الله منذ الخلق. الخُلّاصة تطرقنا من خلال سفر الأمثال (9: 1- 6) للتعرف على قيمة البقاء على مائدة الحكمة الّتي كشف يسوع عن حقيقتها السريّة في خطابه عن الخبز بحسب الإنجيل الرابع (يو 6: 51- 58). مدعوين الجلوس على وليمة يسوع الّذي يدعونا بذاته إليها تاركًا أثمن ما لديه. نعم بقوله إنه الخبز الحيّ الّذي نزل من السماء، يؤكد يسوع ليّ ولك اليّوم، إنّه بحياته، في جسده، يكمن الجواب على الجوع، والتوقعات، والتساؤلات، والقلق الّذي يرافق قلوبنا كبشر. إنّ تناولنا اليّوم من جسد يسوع وشربنا من دمه، يعني أنّ إيماننا بأنّ حياته البشريّة، كما عاشها، تحمل إجابة كافية لبحثنا ولكل بحث يقوم به قلبنا البشري. لا يمكن أن تكون هناك لغة أكثر ملاءمة من لغة الوليمة، والأكل والشرب، للتعبير عن سرّ تقدمة يسوع لحياته وإتحاده بنا تصير إجابة على كل توقعاتنا للحياة الحقيقية، للحياة الأبدية. فهو قدم حياته ولم يعيش من أجل البقاء، بل من أجل الحياة بملئها إلى درجة بذل حياته من أجل الآخرين. في الواقع، مَن منا يرغب في أنّ يخلص حياته مدعو ليخسرها، ولا يخلصها إلا مَن يقدمها بحريّة. إذا قرأنا الأناجيل نكتشف أنّ هناك الحقائق المجانيّة وغير المجديّة عن يسوع هي فقط الّتي نتذكرها: صلاته، وتعاليمه، وشفاءاته الّتي قام بها دون أنّ يفعل أي شيء إستثنائي كالولائم الّتي تقاسمها مع الخطأة والمستبعدين، وأخيرًا نجح في تقديم حياته وفقدانها ليظل أمينًا لإعلانه الملكوت. اليّوم أكلنا جسد يسوع وشرب دمه، يعني أن نتقبل حياة يسوع ذاتها، ونتعلم منه المعنى الحقيقي لوجودنا البشري وهو يكمن في أنّ نبادله كما يحيا هو بتقدمة ذاته لحياتنا هكذا مدعوين لنعيش له ومثله. مدعوين أن نُركز في معنى الحياة الّتي نحياها كما قال بولس: «مِن أَجْلِهِم جَميعًا ماتَ [المسيحِ]، كَيلا يَحْيا الأَحياءُ مِن بَعدُ لأَنْفُسِهِم، بل لِلَّذي ماتَ وقامَ مِن أَجْلِهِم» (2كو 5: 15). دُمتم في التمتع بملء الحياة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|