ليسألوا الأمم إن كانت عندهم نبوّات سابقة واضحة وأكيدة فيما يخص المستقبل (إش 41: 22)؛ أما نحن فقد تقبلنا نبوات لا عن انتصار كوش على بابل لإنقاذ شعب الله القديم، وإنما عن المسيا، العبد المختار. تسلمنا نبوات عن شخصه وأعماله ورسالته؛ عرفناه أنه يولد من عذراء، كما عرفنا موعد ميلاده ومكانه، وعن أعماله مع شعبه وعن تقديم ذاته ذبيحة حب فريدة إلخ... فما نطق به الأنبياء إنما هو بالرب الفريد السرمدي الذي لم يصور قبله إله وبعده لا يكون... وكما يقول: "أنا هو الأول والآخر" (إش 44: 6).
يرى القديس يوحنا الذهبي الفمأن الشيطان يستطيع أن يُقلد المعجزات [أما النبوة فهي من عمل الله الخاص التي لا تستطيع الشياطين أن تُقلدها وإن كانت تُصارع بقوة من أجلها].
الله في محبته للبشرية وهب الأنبياء هذه النبوات، وتكلم على لسان رجاله القديسين وأوحى بالكلمة الإلهية، ولا يزال يعمل فينا إذ يهبنا معرفة هذه الأسرار الإلهية.
وكما يقول إيريناؤس: [يستحيل علينا أن نأتي -بدون الله- إلى معرفة الله الذي يعلم البشر خلال كلمته].