|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري سرت به نفسي" [1]. ليس عجيبًا أن يُدعى المسيا "عبد يهوه" أو "عبد الرب" مع أنه كلمته المولود أزليًا وواحد معه في ذات الجوهر الإلهي، إنما بحبه الإلهي اشتاق أن ينزل إلى عبوديتنا ليحملنا إلى أمجاده، وكنائب عنا أطاع الآب حتى الموت موت الصليب، حتى يُحقق خلاصنا ويُثبتنا فيه فنُحسب مطيعين ونصير موضع سرور الآب (أف 1: 3-5). إن كان الآب قد اختار ابنه الوحيد ليتمم الخلاص، معلنًا كمال الحب الإلهي، فإننا إذ ندخل فيه وننعم بالعضوية في جسده نصير نحن أيضًا مختارين من الابن موضع حبه وسروره! كلمة "مختاري" لا تعني اختيار واحد من بين كثيرين إنما تُشير إلى عظمة الآب نحو المسيا. وكما يقول السيد المسيح نفسه: "كما أحبني الآب أحببتكم أنا، اثبتوا في محبتي" (يو 15: 9)؛ "ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو 17: 26). هذا الحب تصوره الكلمات: "الذي سرت به نفسي" [1]. فإن كل سرور الآب فيه أزليًا، أُعلن عند عماد السيد وتجليه وخلال مراحل أعماله الخلاصية. اقتبس الإنجيلي متى ما ورد هنا في [1-3] كنبوة صريحة عن السيد المسيح (مت 12: 17-21)، مؤكدًا النقاط التالية: أ. المختار لتتميم الخلاص. ب. فيه سرّ الآب بنا. ج. مشتهى الأمم ورجاؤهم. د. بالوداعة يهب النصرة. ه. يترفق بكل ضعيف. يعلق القديس أغسطينوسعلى هذا النص بالقول: [تعبير "عبدي" يُشير إلى هيئة العبد حيث أخلى العلي نفسه... أُعطى له الروح القدس وقد أُعلن ذلك في شكل حمامة كما شهد الإنجيلي (يو 1: 32). اخرج الحكم (الحق) للأمم، إذ أعلن لهم ما كان مخفيًا عنهم. في اتضاعه لا يصيح دون أن يتوقف عن إعلان الحق. صوته لم يُسمع، لا يسمعه الذين هم في الخارج، إذ لم يطعه الخارجون عن جسده. لم يقصف اليهود أنفسهم الذين اضطهدوه مع كونهم قصبة مرضوضة فقدت توازنها، ولا أطفأهم مع كونهم فتيلة مدخنة، إذ سامحهم. لقد جاء ليُحكم عليه لا ليُدين]. جاء مسيحنا الذي قيل عنه: "مختاري الذي سرت به نفسي" لندرك إننا فيه مختارون من الآب موضع سروره وحبه، وكما يقول الرسول بولس: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السمويات في المسيح، كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة، إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئة" (أف 1: 3-5). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|