|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القدوس المعزي بالخلاص القدوس المخلص في القسم الأول أوضح النبي ما وصلت إليه البشرية من فساد بسبب الخطية أو حرمانها من الشركة مع الله القدوس؛ وفي القسم الثاني أعلن عن الحاجة إلى هذه الشركة لنوال النصرة في الداخل كما على الأعداء الروحيين بل وعلى موت نفسه. والآن يعلن ما هو أعظم: تدخل القدوس كمخلص يهب الإنسان شركة الأمجاد السماوية. في هذا القسم نجد الخطوط العريضة التالية: 1. المسيح المخلص الحامل الآلام، أو العبد المتألم الذي يهب العبيد حرية مجد أولاد الله. 2. العصر المسياني كعصر سلام داخلي ومجد خفي ينعم به المؤمنون خلال الشركة مع المخلص. 3. إبراز عطية المسيح العظمى: الروح القدوس، الذي يحوّل برية قلوبنا إلى فردوس، وظلمتنا الداخلية إلى نور الحق. عزوا عزوا شعبي أفتُتِح السفر بالكشف عن مرارة ما وصل إليه شعب الله من فساد، بل ما وصلت إليه البشرية كلها؛ الآن في هذا الأصحاح يرفعنا روح الله القدوس لنكتشف خطة الله الخلاصية وتدبيره نحو شعبه لينعموا بعمله الإلهي وتعزياته الفائقة. غاية هذا الأصحاح وما بعده نزع روح اليأس من المسبيين وبث روح الرجاء فيهم. عزوا عزوا شعبي: 1 عَزُّوا، عَزُّوا شَعْبِي، يَقُولُ إِلهُكُمْ. 2 طَيِّبُوا قَلْبَ أُورُشَلِيمَ وَنَادُوهَا بِأَنَّ جِهَادَهَا قَدْ كَمُلَ، أَنَّ إِثْمَهَا قَدْ عُفِيَ عَنْهُ، أَنَّهَا قَدْ قَبِلَتْ مِنْ يَدِ الرَّبِّ ضِعْفَيْنِ عَنْ كُلِّ خَطَايَاهَا. اعتاد الله أن ينسب الشعب إليه عند رضاه عنه فيدفعوه "شعبي"، أما في حالة عصيانه فتارة ينسبه إلى موسى (خر 32: 7) أو يدعو "الشعب" (خر 32: 9)، وفي أكثر صراحة يقول: "ليس شعبي" (هو 1: 9)، وذلك لكي يثيرهم فيرجعوا إليه ويعود فينسبهم إليه (هو 2: 23). أما هنا إذ يفتح أمامهم بل أمام البشرية المؤمنة باب الخلاص فيدعوهم "شعبي". اعتاد النبي تكرار بعض الكلمات مرتين كما جاء هنا "عزوا عزوا" (إش 51: 9، 17؛ 5: 1)، لأنه يتحدث عن كنيسة العهد الجديد القادمة من فريقين: اليهود والأمم؛ لأنها كنيسة الحب الذي يوحّد ويربط، فإن رقم 2 يُشير إلى الحب. المحبة تجعل الاثنين واحدًا. إنها كنيسة الحب الذي يربط الله بها كعريس بعروسه، والذي يربط الأعضاء القادمين من كل الأمم كجسد واحد للرأس الواحد. خلال هذا الحب يُخاطبها قائلًا: "طيبوا قلب أورشليم" [2]، والترجمة الحرفية "تحدثوا إلى قلب أورشليم"، تعبير تكرر 8 مرات في العهد القديم (تك 34: 3؛ 50: 21؛ قض 19: 3؛ را 2: 13؛ 2 صم 19: 7؛ 2 أي 20: 22؛ هو 2: 14) يوجه إلى محبوب أو محبوبة؛ فالكنيسة هنا عروس المسيح المحبوبة إليه، يحدثها بلغة الحب التي لا يفهمها إلاَّ القلب. اللغة التي تحدث بها في أكثر صراحة وعمق خلال الصليب ليقتني البشرية عروسًا له (رؤ 19: 7؛ 21: 2، 9). إنها دعوة يُقدمها العريس لعروسه المتألمة لكي تتطلع وسط آلامها إلى النهاية المفرحة، فتحمل الألم في رجاء وبسرور كعريسها الذي تألم من أجل السرور الموضوع أمامه (عب 12: 2)، إذ رأى خلاصنا وتمجيدنا في حمله الصليب. وكما يقول الرسول: "كما تكثر آلام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضًا" (2 كو 5: 1). ما هو سّر تعزيتنا؟ يقول الله: "أنا أنا هو معزيكم" (إش 51: 14). هذا هو سّر تعزيتنا: الآب يتقدم إلينا ليضمنا إليه كأولاد له، خلال اتحادنا بالمسيح الابن الوحيد الجنس، الذي يُقدم حياته كفارة عن خطايانا كسرّ تعزيتنا: "بالمسيح تكثر تعزيتنا" (2 كو 1: 5). مسيحنا الذي ضمنا إليه بدمه يُقدم لنا روحه القدوس "المعزي" الذي يملأ قلوبنا به مقيمًا ملكوت الفرح في قلوبنا. لهذا يقدم حديثًا موجهًا إلى القلب، قائلًا: "طَيبوا قلب أورشليم ونادوها بأن جهادها قد كمل، أن إثمها قد عُفي عنه، أنها قد قَبلَت من يد الرب ضعفين عن كل خطاياها" [2]. من الجانب الحرفي يتطلع النبي إلى السبي الذي يحل بالشعب لا ككارثة سياسية حدثت مصادفة أو ثمرة ضعف عسكري، وإنما هو سماح إلهي لأجل التأديب. لقد قبلت التأديب ضعفين، ذلك لأنها من جانب ارتكبت خطايا غير لائقة بها، ومن جانب آخر لم تُمارس برّ الله أو تصنع الخير. الوصية الإلهية تُطالبنا بالكف عن الشر وصنع الخير. أما من الجانب النبوي فإنها إذ تتطلع إلى عريسها المصلوب تجده قد دفع الدين عنها في أكمل صورة لا ليعفيها من الدين فحسب وإنما لكي يبررها بدمه ويقدسها فتنعم بشركة أمجاده. وكأنه قد تحققت توسلات البشرية التي عبر عنها داود النبي، قائلًا: "انظر إلى ذلي وتعبي وأغفر جميع خطاياي" (مز 25: 18). الآن يتطلع النبي إلى موكب الشعب الراجع إلى أورشليم كرمز لموكب المفديين بدم رب المجد يسوع، وقد جاء القديس يوحنا المعمدان يُهيئ الطريق لهذا الموكب المسياني السماوي. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|