ننفرد بتفاصيل مثيرة حول علاقة الإخوان بالكنيسة
العلاقة بينهما دائماً مثيرة للجدل، تحمل فى طياتها إستفهامات كثيرة لايمكن الإجابة عنها وفقاً لقواعد المنطق فقط، بل يخضع الأمر لحسابات معقدة لا يعرفها سوى أصحاب القرار من الجانبين.
ولما لا وكلاهما أشبه بمؤسسة كبيرة يتبع لها أفراد ومريديين، فضلاً عن جماهيرية عريضة فى الشارع المصرى..إنها علاقة الكنيسة المصرية بجماعة الإخوان المسلمين.
عقب الثورة، تم فتح الملف الشائك فيما يتعلق بعلاقة الإخوان بالكنيسة، وذلك حينما أعلنت الجماعة عن رغبتها الأكيدة فى ترتيب لقاء يجمع بين البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية الراحل، والدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان، بهدف اطمئنان الأخير على صحة البابا والتقارب مع الكنيسة.
لكن بعدها بأيام قليلة أعلنت الكنيسة تأجيل اللقاء نظراً للحالة الصحية التى يمر بها البابا شنودة، وقتها أيضاً صرحت قيادات الإخوان بأنها لم تطلب رسمياً عقد لقاء مع الكنيسة لكنها لا تمانع فى إجراءه.
بعدها بأشهر، وعقب عودة البابا من رحلته العلاجية بالولايات المتحدة الأمريكية، تجدد الحديث مرة أخرى عن زيارة المرشد العام، خاصةً عقب المكالمة الهاتفية التى أجراها للإطمئنان على صحة البابا وتهنئته بالعودة سالماً إلى أرض الوطن، وهى المكالمة التى وصفها البابا فى عظته الأسبوعية بـ " العاطفية " ، بعدها صرح المهندس خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام أن الجماعة طلبت زيارة وفد منها للكنيسة المصرية، ثم وبدون أى أسباب أعلنت الكنيسة تأجيل اللقاء مرة أخرى.
السطور السابقة يمكنها وصفها بالحرب الباردة بين الطرفين، حيث يسعى كلاهما لأهداف ومكاسب معينة تشترط وجود ضمانات قبل عقد اللقاء.
فعلى سبيل الكنيسة المصرية فقد ذهبت التحليلات السياسية إلى أن أسباب تأجيل اللقاء يرجع إلى اشتراط الكنيسة قيام الجماعة بمراجعة فكرية علنية قبل عقد اللقاء، خاصةً ما يتعلق منها برفض تولى القبطى لمنصب رئيس الجمهورية، وعدم اعترافهم بتولى المرأة للمنصب ذاته، وهى الأمور التى جاءت فى برنامج حزب الحرية والعدالة، قبل الثورة، ثم قرر حذفها قبل تقديم أوراق تأسيسه للجنة شئون الأحزاب بعد الإنتقادات الكثيرة التى خرجت إعتراضاً على تلك الأفكار التى من شأنها التمييز بين المواطنين على أساس دينى.
كذلك اتفقت معظم الأقلام السياسية على أنه فى حال عقد اللقاء ستصبح الجماعة هى الفائز الأكبر منه، وأن اللقاء سيكسبها مزيد من الشعبية والإطمئنان بين المواطنين، بما فيهم الأقباط، لذا كان ضرورياً على الكنيسة إيقاف هذا التقدم من جانب الجماعة، بالإضافة إلى رفض عدد كبير من شباب الأقباط إجراء اللقاء، والتقارب بين الكنيسة والجماعة فى هذا التوقيت، كل ذلك رغم جراء حوار بين عدد من شباب الأقباط وقيادات الجماعة فى محافظات الصعيد.
المفاجأة المثيرة، حسبما أكدت مصادر بالجماعة، أن المرشد العام السابق مهدى عاكف أراد إجراء زيارة خاصة للكنيسة مطلع عام 2006، وتحديداً عقب الإنتخابات البرلمانية التى أٌجريت فى نوفمبر 2005، وأسفرت عن فوز الجماعة بـ 88 مقعداً من إجمالى مقاعد مجلس الشعب، والتى كانت وقتها بمثابة المفاجأة المدوية للشارع المصرى وكافة القوى السياسية، حيث أراد عاكف طمأنة الكنيسة بشأن صعود الجماعة وفوزها بعدد كبير من المقاعد لأول مرة فى تاريخها، لكن يبدو أن نظام الرئيس السابق لم يكن لديه أى رغبة فى اتمام أى مصالحة أو لقاء بين الطرفين.
جاء ذلك حينما ردت الكنيسة على الجماعة برفض عقد اللقاء فى الوقت الحالى نتيجة تحذيرات أمنية، وتحديداً جهاز مباحث أمن الدولة، والذى حذر بدوره من انعقاد أى لقاء بين الجماعة ( المحظورة ) وقتها وبين البابا شنودة.
رد الكنيسة على مرشد الجماعة كان كافياً لعدم تجدد إعلان الرغبة مرة أخرى فى عهد مبارك، والذى ارتبط بعلاقة كراهية غير مسبوقة مع الجماعة، كان عنوانها الرئيسى المعتقلات والسجون رداً على أى شعبية متزايدة أو تحرك سياسى من قبل الإخوان.
وبعد رحيل البابا شنودة، جاءت الرغبة لظهر مرة أخرى على قيادات الجماعة، لكن كالعادة حل شعار " التأجيل " بديلاً لفيتو أمن الدولة.
والآن، يبدو أن الباب سيكون مفتوحاً مرة أخرى، بعد فوز الأنبا تواضروس الثاني، في الانتخابات البابوية، وتربعه على كرسي بابا الاسكندرية، حيث توقع المقربون من الطرفيين، أن لقاءً قريباً سيعقد بين الجماعة ورموز كنسية رفعة المستوى.