|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الواقع العملي يشهد أولاد الله لم يفعلوا هذا لم يطلب يوسف الصديق مجازاة إخوته بسبب آذيتهم له، بل سامحهم، وأكرمهم، واعتنى بهم وبأولادهم، كقوله: "وَأَتَى إِخْوَتُهُ أَيْضًا وَوَقَعُوا أَمَامَهُ وَقَالُوا: «هَا نَحْنُ عَبِيدُكَ». فَقَالَ لَهُمْ يُوسُفُ: «لاَ تَخَافُوا. لأَنَّهُ هَلْ أَنَا مَكَانَ اللهِ؟ أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيرًا. فَالآنَ لاَ تَخَافُوا. أَنَا أَعُولُكُمْ وَأَوْلاَدَكُمْ» فَعَزَّاهُمْ وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ" (تك ٥٠: ١٨-٢١). وبالطبع الله الذي عَلَّمَ يوسف التسامح والغفران، لا يصر على مجازاة مَن يتوب، بل يشجعه ويسنده! أوامر الله في أسفار العهد القديم تشجع على الغفران. أوصى الوحي الإلهي في سفر الجامعة بعدم تصيد البشر أخطاء غيرهم، وأيضًا بالتساهل في محاسبة المخطئين، لأن ذلك أمر إلهي يتفق مع الرحمة والرأفة، التي هي طبيعة الله، كقوله: "أَيْضًا لاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَى كُلِّ الْكَلاَمِ الَّذِي يُقَالُ، لِئَلاَّ تَسْمَعَ عَبْدَكَ يَسِبُّكَ. لأَنَّ قَلْبَكَ أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ كَذلِكَ مِرَارًا كَثِيرَةً سَبَبْتَ آخَرِينَ" (جا٧: ٢١، ٢٢). صاحب السلطان له حق الرحمة. الله صاحب سلطان، وله كامل الحرية في الغفران، أو التنازل عن حقه في محاسبة المخطئ. لقد أعطى الوحي الإلهي مثالاً عن داود النبي، الذي تنازل عن قتل ابن وحيد لأمه، كان قد قتل أخيه، ولكن أمه طلبت من الملك عدم معاقبة الابن الحي القاتل بقتله، لئلا تفقد ابنها الباقي، كما فقدت المقتول، فتكون قد فقدت الجميع، لقد أجابها الملك لطلبها، عندما قالت له: "اذْكُرْ أَيُّهَا الْمَلِكُ الرَّبَّ إِلهَكَ حَتَّى لاَ يُكَثِّرَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَتْلَ، لِئَلاَّ يُهْلِكُوا ابْنِي. فَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ شَعْرِ ابْنِكِ إِلَى الأَرْضِ»" (2صم ١٤: ١١). مَن يأخذ بالسيف بالسيف يهلك. إن قول الرب يسوع لبطرس الرسول: "... رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" (مت ٢٦: ٥٢) هو شريعة إلهية سماوية، وردت في سفر الخروج، كقوله: "وَإِذَا بَغَى إِنْسَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ لِيَقْتُلَهُ بِغَدْرٍ فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ لِلْمَوْتِ" (خر21: 14). لقد قصد ربُّ المجدِ أن يُذَّكر معلمنا بطرس الرسول بالشريعة، التي يجب أن لا يتعدى عليها، بل يحفظها، لأن أحكام شريعة الله كانت تأمر بمعاقبة القاتل، ولا يمكن للقضاء مخالفتها، أما الله فهو واضع الشريعة فمن حقه القصاص أو الغفران، حسب مراحمه وعدله. الاستنتاج العقاب الأرضي عن كل خطية أمر يتنافى مع حب الله ولطفه، ولكن الله قد يستخدمه، أو يسمح به لحكمةٍ ما أحيانًا من أجل خير الإنسان. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|