|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القدوس المؤدب غاية إشعياء النبي هو الكشف عن إنجيل الخلاص أو جذب البشرية كلها للتمتع بالمخلص القادر أن يصلح الطبيعة البشرية ويردها إلى صلاحها الذي خُلقت عليه بل ويرفعها إلى شركة المجد السماوي. لكي يحقق هذا الهدف كان لا بد أن يكشف عن مدى ما وصلت إليه الطبيعة البشرية من فساد، لهذا يبدأ سفره بالحديث عما بلغ إليه شعب الله، حاسبًا أن "الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف، شعبي لا يفهم؛ ويل للأمة الخاطئة" (إش 1: 3-4) لقد أصاب المرض الرأس (الملوك والرؤساء وكل القيادات المدنية). كما أصاب القلب (الكهنة والقيادات الدينية) وكل بقية الجسم (الشعب). تمثلت مملكة إسرائيل بالأمم فقبلت رجاساتها، وأيضًا مملكة يهوذا صارت فيما بعد أشر من إسرائيل. استخدم الله أشور للتأديب فتعجرف على الله؛ أذله بقيام مملكة بابل فامتلأت بابل غطرسة ضد الرب، لذلك أرسل فارس ومادي يُحطمان بابل. على أي الأحوال يكشف إشعياء في نبواته أن جميع الأمم استحقت الدينونة: إسرائيل، يهوذا، أشور، مصر، بابل، فارس ومادي، أدوم، موآب إلخ... وهكذا يُريد النبي أن يعلن أنه لا خلاص من هذا الدمار الذي جلبه الإنسان لنفسه إلاَّ بالتدخل الإلهي. لهذا وسط النبوات المّرة الخاصة بالتأديبات نجد خطين رئيسيين في هذه الأصحاحات بل وفي كل السفر، هما: 1. التطلع إلى المسيا المخلص: كلما تحدث النبي عما يحل بالأمم أو بالإنسانية يفتح باب الرجاء بالتنبؤ عن المخلص القادم يسوع المسيح بن يسّى. 2. الله يغضب على الخطية ولن يقبل الشركة مع الخطاة لأنه القدوس، وفي نفس الوقت يده ممدودة للخلاص لكي يقدس المقبلين إليه من كل الأمم. بمعنى آخر الله يكره الخطية لكنه يُحب الخطاة، يحب كل البشرية، ويفتح بابه للأمم. هذا ما يؤكده بكل وضوح في الأصحاح التاسع عشر حيث يعلن عن هروب السيد المسيح إلى مصر، وإقامة مذبح للرب في وسطها، مؤكدًا "مبارك شعبي مصر". لقد أبرز الآتي: 1. الله في تأديباته لا ينتقم لنفسه لكنه كطبيب يود أن يعالج ويشفي، لذا امتزجت التأديبات بإعلان الخلاص حتى لا يسقط السامعون في اليأس. 2. أعلن الله عن مجده لإشعياء (إش 6) وقداسته في نفس الوقت، ليؤكد للبشرية أنه لا شركة في المجد بدون القداسة، ولكي ينزع عنهم كل اتكال على ذراع بشري، فإننا إن تمجدنا إنما بقوة الله الممجد من السمائيين، وإن تقدسنا فخلال شركتنا مع الواحد القدوس. 3. الله في تأديباته هو صاحب الكرم المشتاق أن يجد ثمرًا في كرمة العزيز لديه جدًا، موضع رعايته الفائقة (إش 5). 4. يعقب الحديث عن الويلات (إش 10) نشيد الخلاص (إش 12)، ليؤكد رغبته في تحويل التأديب إلى تسبيح، وفرج حزن التوبة بفرح الخلاص. 5. الله يؤدب، لكن ليس خلال أوامر ونواه، وإنما بروح الحب والحوار، لا يكف السفر عن الكشف عن مقاصد الله من التأديب (إش 25-27)، مطالبًا بحوار ودّي بينه وبين الإنسان. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|