|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اختيار سبعين شيخًا: 16 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ، وَأَقْبِلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَكَ. 17 فَأَنْزِلَ أَنَا وَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ هُنَاكَ، وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيَحْمِلُونَ مَعَكَ ثِقْلَ الشَّعْبِ، فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ. 18 وَلِلشَّعْبِ تَقُولُ: تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ فَتَأْكُلُوا لَحْمًا، لأَنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ قَائِلِينَ: مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟ إِنَّهُ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ. فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لَحْمًا فَتَأْكُلُونَ. 19 تَأْكُلُونَ لاَ يَوْمًا وَاحِدًا، وَلاَ يَوْمَيْنِ، وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ عِشْرِينَ يَوْمًا، 20 بَلْ شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ، وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً، لأَنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسَطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ: لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ؟» 21 فَقَالَ مُوسَى: «سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي أَنَا فِي وَسَطِهِ، وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: أُعْطِيهِمْ لَحْمًا لِيَأْكُلُوا شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ. 22 أَيُذْبَحُ لَهُمْ غَنَمٌ وَبَقَرٌ لِيَكْفِيَهُمْ؟ أَمْ يُجْمَعُ لَهُمْ كُلُّ سَمَكِ الْبَحْرِ لِيَكْفِيَهُمْ؟» 23 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هَلْ تَقْصُرُ يَدُ الرَّبِّ؟ الآنَ تَرَى أَيُوافِيكَ كَلاَمِي أَمْ لاَ». 24 فَخَرَجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِكَلاَمِ الرَّبِّ، وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ شُيُوخِ الشَّعْبِ وَأَوْقَفَهُمْ حَوَالَيِ الْخَيْمَةِ. 25 فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلًا الشُّيُوخَ. فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا. إذ استثقل موسى المسئوليّة طلب الله منه أن يجمع سبعين شيخًا يعلم أنهم شيوخ الشعب وعرفاؤه (ع 16)، يقفوا معه في العمل، فلا يحمل ثقل الشعب وحده (ع 17). استخدم الله لحظات الضعف في نبيه لبنيان الجماعة فأقام السبعين شيخًا حتى يكتمل التنظيم الكنسي لا بوجود النبي ورئيس الكهنة والكهنة واللاويّين ورؤساء الأسباط فقط وإنما أيضًا بإقامة سبعين شيخًا من العلمانيّين يهبهم روحه القدوس ليشتركوا في التدبير، وكأن الله منذ القديم أراد تأكيد دور العلمانيّين -إن صح هذا التعبير- سواء عن طريق رؤساء الأسباط أو السبعين شيخًا. في الوقت الذي ترك فيه لموسى حرية اختيار السبعين شيخًا ألزمه أن يكونوا بحق شيوخًا وعرفاء للشعب (ع 16). فالشيخ ليس بكثرة السنين ولا بشيبة الشعر بل بالحكمة والمعرفة. لهذا كتب القدِّيس ﭽيروم في إحدى رسائله هكذا: [أخي المحبوب، لا تُقدِّر استحقاقي بعدد السنوات فإن شيب الشعر ليس حكمة بل الحكمة صالحة كشيب الشعر. يقول سليمان "الحكمة هي شيب الشعر" (حك 4: 9). موسى في اختياره السبعين شيخًا ليكونوا معه التزم أن يختار من يعرف أنهم شيوخ بحق لا حسب أعمارهم بل حسب تمييزهم. فإن دانيال دان شيوخًا وهو ولد، وحكم على عدم طهارة شيوخ وهو صبي (قصة سوسنة)]. يقول الرب لموسى: "آخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم فيحملون معك ثقل الشعب فلا تحمل أنت وحدك" [17]. ماذا قصد الرب بهذه الكلمات؟ يرى البعض أنه في هذه العبارة قد خسر موسى شيئًا من بهاء إكليله، فإن الله هو العامل سواء كان موسى وحده أو معه السبعين شيخًا، العمل لا يتغير، لأن الله هو الراعي الخفي. فلو لم يختار هؤلاء الرجال لتعب موسى أكثر لكان إكليله كان يزداد بهاءً. ما كان الله سيعمله بموسى وحده يعمله الآن به ومعه الرجال السبعون. على أن هذه العبارة لا تعني أن موسى قد فقد شيئًا من قوة الله أو سحب منه شيء، إنما تعني أن الله الذي أعطى موسى أن يعمل بروحه أعطى هؤلاء الرجال، فيسلكون معه بالروح الواحد. يقول العلامة أوريجينوس: [كان موسى بالروح الذي عليه كمصباح ساطع للغاية، منه أنار الله السبعين الآخرين، إذ بسط لمعان الأول على المصابيح الأخرى دون أن يضعف المصدر]. ويقول القديس أغسطينوس: [هذا يعني أعطيهم الروح القدس الذي سبق فأعطيته لك]. يُعلِّق العلامة أوريجينوس على حلول الروح القدس على السبعين شيخًا هكذا: [الروح -كما جاء في الكتاب المقدَّس- لا يَحِل على أي إنسان بل على القدِّيسين والطوباويّين، إذ يحل على أنقياء القلب (مت 5: 8) الذين يتطهرون من الخطيئة. وبالعكس لا يسكن الروح في جسد تَتَسَلَّط عليه الخطيئة، حتى وإن سكن في هذا الجسد إلى حين. الروح القدس لا يمكنه احتمال المشاركة مع روح الشر، فإنه بلا شك في لحظة الخطيئة يكون روح الشر داخل نفس الخاطئ يلعب دوره فيها. عندما نترك المجال لروح الشر أن يدخل، ونستقبله فينا بأفكار دنسة ورغبات نجسة فإن الروح القدس وهو مملوء حزنًا وضيقًا يُطْرَد منا، إن أمكنني التجاسر والقول بهذا التعبير. لهذا يقدم الرسول النصيحة "لاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ" (أف 4: 30)... بالخطيئة نجعل الروح القدس يحزن، وخلال الحياة الصالحة المقدَّسة نمهد مكانًا ليعمل الروح القدس فينا]. لا يمكننا قبول هذا الرأي كما هو خاصة خلال العهد الجديد، فإنه بالسيد المسيح -ممثل البشريّة- صار لنا أن نتقبل الروح القدس فينا خلال سرَّي العماد والميرون، إذ تهيئنا المعموديّة لنكون هيكلًا مقدسًا له وبالميرون يحلّ الروح علينا ويستقر فينا. بالمسيح يسوع الابن الوحيد، الذي وحده لن ينفصل عنه الروح القدس لأنه روحه، صِرْنا نحن أيضًا هيكلًا للروح، يقدِّسنا على الدوام، فإن أخطأنا يحزن لكنه لا يفارقنا. يرى القديس فيلوكسينوس أن روح الرب لن يفارق المؤمن إلاَّ عند إنكاره الإيمان. إنه يرى الروح القدس أشبه بالطيب الذي لا ييأس قط من شفاء المريض، بل يلازمه لكي يسنده ويشفيه. يقول القدِّيس فيلوكسينوس: [لا توجد خطيئة سواء بالفعل أم بالفكر تقدر على أن تدمر هيكل الله. على ثمة فارق بين الخطايا التي ترتكب بالفعل وبين الارتداد عن الله. وذلك أنه إذا فعلنا خطيّة، فإن إيماننا بالله يظل سليمًا فلا نفقد بنوتنا لله مثل الابن حسب الطبيعة الذي مهما أخطأ في حق والده وأغضبه كثيرًا فإن هذا لا يحرمه من أن يُدعى ابنًا. ومهما أخطأ الابن وارتكب من هفوات فإن ذلك لا يفقده كرامته كابن لا سيما إذا كان أبوه لا يهدف إلى حرمانه منها...]. [قد يقال أن الروح القدس يفارقنا بسبب بعض الخطايا وعندما نتوب عنها يعود إلينا... ما هذا الكلام؟ فإنه إذا ما فارقنا الروح، فمن الذي يعمل فينا لكي نتوب عن خطايانا؟ فإن التوبة لا تحدث بدون الروح القدس، وكل ما نفعله بقوة الروح القدس في الصوم والسهر والصلاة والصدقة وتوبيخ القلب والدموع التائبة والتنهد...]. [وهكذا فإن الروح القدس يسكن فينا، أي في الذين اعتمدوا إلاَّ أنه لا يرغم بالقوة أي إنسان يريد أن يخطئ، بل يعلمه ويحذره من السقوط]. [ليس صحيحًا القول بمفارقة الروح للنفس ساعة الخطيّة وعودته ساعة التوبة، واعتباره هكذا ضعيفًا ومترددًا وجبانًا، يقف بعيدًا يرقبنا منتظرًا أن نتوب عن خطايانا ونعود إلى حالة التبرير كي يعود يسكن فينا. وبكل يقين، فما هي الفائدة التي ستعود عليَّ إذا عاد إليَّ وسكن فيَّ عندما أتبرر في حين أنه في ساعة السقوط لم يقف إلى جواري، لكي يمد لي يدّ المساعدة ويقيمني على قدمي؟]. [إن من يلبس الروح في مياه المعموديّة إنما يلبسه ولا يخلعه إلاَّ بالارتداد عن الإيمان. لأنه إذا كان بالإيمان يلبس الإنسان الروح، فبإنكار الإيمان يفارق الروح القدس النفس، لأن الإيمان والارتداد ضدان مثل النور والظلمة]. يرى الكثيرون أن الروح القدس لن يفارق المؤمن قط ليس فقط عندما يخطئ وإنما أيضًا عندما يرتد عن الإيمان، لهذا إذا رجع إلى الكنيسة مرة أخرى لا تعيد المعموديّة ولا مسحة الميرون. من أصحاب هذا الرأي القديس أغسطينوس إن عدنا إلى السبعين شيخًا فبلا شك كان هؤلاء الرجال على علاقة بموسى النبي وأدركوا الكثير من أعمال الله معه، لكنهم لا يقدرون أن يسندوه أو يرافقوه في العمل ما لم يهبهم الرب قوة الروح العامل في موسى النبي. وكأن التلمذة في حقيقتها ليست مجرد اقتداء بالمعلم أو امتثال به في تصرفاته وسلوكه، وإنما في جوهرها هي تلمذة للرب نفسه خلال المعلم لكي يحمل التلميذ روح الرب نفسه العامل في المعلم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لهذا لن تقم عليه سيدًا سواك، إنما أقمته هو سيدًا على خليقتك |
سبعين في سبعة |
التمس لي سبعين عذراً |
واضع سبعين عذرا..... |
للغيـآب سبعين سبب ؛ |