|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقدمة عن الايمان وعظمته قداسة البابا شنودة الثالث ليس الإيمان هو مجرد اعتناق مجموعة من العقائد، تتلوها في "قانون الإيمان".. إنما الإيمان هو حياة تحياها أو هو عقيدة تقود إلى حياة.. لأنه ما فائدة الإيمان بالله، بدون أن تكون لك علاقة بهذا الإله: تطيعه وتحبه، وتكون لك عشرة معه تؤهلك إلى عشرة دائمة في ملكوته؟! وما فائدة الإيمان بالأبدية والحياة بعد الموت، إن لم تعد نفسك لها بالتوبة، وبالسهر الروحي الدائم، وبمحبة الله. وما فائدة الإيمان بالفضيلة، إن كنت لا تحياها. لذلك فإن هناك فرقًا كبيرًا جدًا بين الإيمان النظري الذي لا يخلص النفس، والإيمان العملي الذي تظهر ثماره في حياتك. وهكذا تحيا حياة الإيمان.. إننا من أجل حياة الإيمان، وضعنا كتابنا هذا.. نشرح لك ما هو الإيمان، وما هي درجاته وأنواعه، وما أهمية الإيمان في حياتنا، وما عظمته.. ؟ ولقد أردنا أن نقف قليلًا عند قول القديس بولس الرسول: " جربوا أنفسكم: هل أنتم في الإيمان؟ امتحنوا أنفسكم" (2 كو 13 : 5). فليس كل إنسان يقول إنه مؤمن، هو مؤمن بالحقيقة. بل القياس لذلك هو قول الرب "من ثمارهم تعرفونهم" (متي 7: 16). لأن هناك من له إسم المؤمن، وليس له قلب المؤمن، ولا حياة المؤمن. فما هي حياة المؤمن هذه؟ حياة الإيمان ترتبط بالسلام والاطمئنان وعدم الخوف. فإن وقع في الخوف يقول له الرب "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟!" (متي 14: 31). وحياة المؤمن ترتبط بنقاوة السيرة، لأن المؤمن يشعر دوامًا أن الله أمامه يرى ويسمع ويسجل كل ما يعمله . لذلك يشعر بالاستحياء، ويخاف أن يخطئ أمام الله. وحياة المؤمن هي حياة التسليم للمشيئة الإلهية، في الإيمان كامل أن الله هو صانع الخيرات، وكل ما يسمح به هو خير. لذلك بالإيمان يعيش أولاد الله في هدوء وفي فرح وفي رضى بكل ما يريده الرب لهم. وحياة الإيمان، لا ترى شيئًا مستحيلًا على الرب. بل كما يقول: "كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر9: 23). لذلك فإن المؤمن لا يهتز في أية ضيقة تحل به، بل يؤمن تمامًا أن الله عنده حلول كثيرة، وأنه لابد سيتدخل ويصنع مشيئة.. المؤمن لا يجادل الله ولا يناقشه فيما، بل يقبل كل شيء بثقة كاملة في حكمة الله وفي محبته.المؤمن ينظر دائمًا إلى لا يرى، أكثر مما ينظر إلى المرئيات "لأن الأشياء التي ترى وقتية، أما التي لا ترى فأبدية" (2 كو4: 18). إن أبطال الإيمان ليسوا هم فقط الذين دافعوا عن العقيدة، وإنما هم الذين عاشوا في الإيمان الحي المثمر العامل بالمحبة. عظمة الايمان لعل أهمية الإيمان تبدو واضحة في قول الرسول عن الرب: "بدون إيمان، لا يمكن إرضاؤه" (عب 11: 6). وتبدو أهمية الإيمان أيضًا، في أن الرسول قد وصفه بأنه إحدى الفضائل الثلاث الكبار "الإيمان والرجاء والمحبة" (1 كو 13: 13)، وذكر أنه الوسيلة التي يحيا بها الإنسان البار فقال: "أما البار، فبالإيمان يحيا" (عب 10:38). والإيمان هو بدء الطريق الموصل إلى الله. لأنه كيف يمكن أن تثبت في الله، والله فيك، وكيف يمكنك أن تسير مع الله وتحفظ وصاياه، إن لم تؤمن أولًا بوجوده وبصفاته الإلهية، وتؤمن بكتابه وبكل ما ورد فيه..؟ الإيمان إذن هو بدء الطريق إلى الله. وأول الشروط اللازمة للخلاص. حسب قول الرب نفسه "من آمن واعتمد خلص" (مر16: 16)، "لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" ( يو3: 16)، "الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن به قد دين.." (يو3: 18). كما وبخ اليهود قائلًا:" إن لم تؤمنوا أنى أنا هو، تموتون في خطاياكم" (يو8:24). إن دم المسيح موجود، قادر أن يخلص كل أحد. ولكنه لا يخلص بدون إيمان. ولهذا قال القديسان بولس وسيلا لحافظ السجن في فيلبى "آمن بالرب يسوع، فتخلص أنت وأهل بيتك" (اع 16: 31). من أجل هذا الإيمان كتبت الأناجيل، وكرز بها الرسل. وهكذا يقول القديس يوحنا الإنجيلي فيما كتبه بوحي من الروح القدس ".. أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع المسيح إبن الله، ولكن تكون لكم إذا آمنتم حياة بإسمه" (يو20: 31). الإيمان هو بدء الحياة مع الله، وهو رفيق الطريق طول هذه الحياة، لذلك من أهمية الإيمان علاقته بالبر. وهكذا يتحدث الرسول عن البر الذي حسب بالإيمان (عب 11: 7)، وعن الإيمان الذي حسب برًا (يع 2: 23). ويتحدث الكتاب عن التبرير بالإيمان (رو 5: 1). والإيمان هو العنصر الأساسي اللازم لصنع المعجزات، ولتقبلها: لهذا ما أعظم قول الرب لأعمى أريحا بارتيماوس: "إيمانك قد شفاك" (لو18:42،مر10:52). وما أجمل قوله لذلك الأبرص الذي طهر "إيمانك خلصك "(لو17: 19). وهكذا قال أيضًا لنازفة الدم "ثقي يا إبنة: إيمانك قد شفاك" (متي 9: 22).كذلك فإنه لما سمع الأعميين اللذين صرخا "إرحمنا يا ابن داود"، قال لهما: "بحسب إيمانكما ليكن لكما "فانفتحت أعينهما (متى 9: 29). ومن الناحية الأخرى، نرى أن السيد الرب لما جاء إلى وطنه "لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم" (متى 13: 58). إن قوة الله قادرة أن تصنع معك الأعاجيب. ولكنها تنتظر إيمانك . وحسب إيمانك يعطيك. ولهذا فإن المعجزات تحدث مع البعض، ولا تحدث مع البعض الآخر، مع أن قوة الله هي هي.ولكن ماذا عن الشخص ضعيف الإيمان؟ هذا عليه أن يصلى مع أبى الولد الذي عليه روح الأخرس قائلًا: "أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24) وهنا نقول إنه في غالبية الأحوال يصنع الله المعجزة بحسب الإيمان، ولكن.. في أحيان أخرى يصنع المعجزة لكي نؤمن. وهكذا في الحالين، يرتبط الإيمان بالمعجزات: فإما أن يكون سابقًا لها، وإما أن يكون نتيجة لها.. إن الإيمان – أيًا كان نوعه – هو قوة. يكفى أن يؤمن الإنسان بفكرة، فتراه يعمل بقوة المسيح لكي ينفذها. الإيمان يعطيه عزيمة وإرادة وجرأة ما كانت عنده من قبل. حقًا حيثما يوجد الإيمان، توجد معه القوة. فالصلاة المملوءة إيمانًا، هي الصلاة القوية. الذي يؤمن بالصلاة وفاعليتها، تراه يصلي بحرارة وإيمان وقوة. والعظة التي يقولها إنسان وهو مؤمن بكل كلمة فيها، تكون عظة قوية، ينتقل بها إيمانه إلى قلوب الناس. ومن أهمية الإيمان أيضًا إرتباطه بعديد من الفضائل، تنبع منه : فمن نتائج الإيمان القوة، والطمأنينة، والشجاعة، والسلام القلبي، وعدم الخوف، وعدم القلق. ومن ثماره أيضًا: حياة النقاوة والبر وحياة التسليم الكامل لله، وحياة التجرد والزهد، وحياة الصلاة.. وفضائل عديدة أخرى. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الايمان بوحدانية الله من شرح قانون الايمان الرسالة 55 للقديس كيرلس السكندري |
ان الايمان بالرب هو ليس مجرد الايمان بقانون الايمان |
غنى سليمان وحكمته وعظمته |
ما يتناسب وعظمته الإلهية |
قد ارانا مجده وعظمته |