|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحلم العجيب لنعود الى الناصرة لكي نتفهم ما حدث بالفعل عندما علم يوسف بحبل مريم بعد عودتها من زيارة اليصابات وبيت زكريا الكاهن فعلينا التأمل في رد فعل يوسف والذى جاء انه “هّم ان يخليها سراً” والذى كان محل مجادلة في السنوات الأولى من بدء المسيحية. في العهد الجديد جاءت تلك الآيات: “ أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا”(متى18:1-19). ان السرد او النص الذي جاء يعطي انطباع خاطئ للحقائق وافعال الإرادة، فأي قارئ سيفترض ان يوسف يجب ان يكون قد تحمل سيل من المشاعر المتباينة عندما يواجه قراره، وان هناك اشارة لوجود مأساة او صراع داخلي ربما دار في نفس يوسف لا يمكن تخيله ولكن ما الذى في الحقيقة كانت مشاعر يوسف؟ ماذا كانت المأساة؟ ما هو الاختيار الذى يمكن ليوسف ان يأخذ به لكي يحل المشكلة ويقوم بطلاق مريم وفسخ اي ارتباط؟ ان المفسرين عبر العصور قد افترضوا ثلاث طرق للإقتراب لفهم ذلك النص المبهم: نظرية الاشتباه 2- نظرية الحيرة 3-نظرية التقديس فدعونا نفحص كل نظرية منهم بالتدقيق وباختصار. 1.نظرية الاشتباه The Suspicion Theory– في ذلك النص كما جاء عندما نقرأ انجيل القديس متى فالقديس يوسف اشتبه بأن مريم كانت غير مخلصة وغير امينة ولذا فيوسف قد دمر نفسيا ولكن ظل حبه لمريم عظيما وانه لا يستطيع ان يتحمل فكرة مواجهة مريم للعار والفضيحة امام الناس او عقوبة الموت حيث ان خطية الزنا هي جريمة يعاقب عليها بالإعدام بالرجم. قرر يوسف ان يطلق مريم كما تسمح الشريعة حتى اوقفه ملاك الرب من الاتجاه في ذلك الفعل. 2. نظرية الحيرة The Perplexity Theory– طبقا لتلك النظرية لم يستطع يوسف ان يفهم ما الذى حدث وهو لا يصدّق ان مريم تستطيع ان تكون غير امينة، وان حبلها لا يمكن انكاره بعد وهو يخضع الى عقوبات قانونية ولما كان يوسف رجلا “بارا” كما وصفه الكتاب المقدس وجد الحلّ والذي فيه يحترم الشريعة ولكن يحفظ مريم ايضا. الملاك في القراءة التى وردت في انجيل متى قدم المعلومات ليوسف التى كان يفتقر اليها وساعدته ليضع خطة للمضي قدماً. 3. نظرية التقديس The Reverence Theory – هذه النظرية الثالثة تظهر يوسف كرجل طغت عليه الرهبة عندما علم بحبل مريم الاعجازي بلا دنس. من البداية عرف تدخل الله الفردي” وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”، شعر يوسف وقتها انه غير مستحق ان يكون متدخلا ولذا فلقد قرر انه سوف سيتعاون بقدر الإمكان بحفظ سر مريم ولمدة كافية ليحمي مريم وعندئذ يتركها بهدوء. في نص انحيل متى كان اول فعل ليوسف مشابه للقديس بطرس الرسول عندما قال ليسوع:” «اخْرُجْ مِنْ سَفِينَتِي”( لوقا8:5)، او لقول قائد المئة:” لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي.“(لوقا6:7). على الرغم من هذا اقنع ملاك الرب يوسف ان يضع جانبا خوفه. ان كل نظرية من تلك النظريات الثلاث يقف وراءها قديسون وعلماء الكنيسة، فمثلا القديس يوستين الشهيد St Justin Martyr والقديس اغسطينوس St Augustine of Hippo كان من انصار ومؤيدي النظرية الأولى، والقديس جيروم St Jerome فكان مع النظرية الثانية، بينما القديس توما الاكويني St Thomas Aquinas و القديس برنارد ٍSt Bernard of Clairvaux والقديس St Josemaria Escriva فكانا مع النظرية الثالثة. القديس توماس الاكويني كطريقته المعتادة لخّص التقليد التفسيري مستعينا بما كتبه العلامة أوريجون Origen والقديس جيروم فقال:” ان يوسف لم يتوقع الزنا فيوسف يعلم بتواضع مريم”. ولقد قرأ في الكتاب المقدس ان “العذراء ستحبل” وان “المخلص سيأتي من جذع يسّى” واكثر من هذا فهو يعلم ان مريم من سلالة داود وهكذا اصبح اكثر تصديقا انه يمكن اتمام الوعد عن طريقها اكثر من انها يمكن ان ترتكب اي زنا، وهكذا مؤمن من انه غير مستحق ان يحيا مع مثل تلك القداسة ورغب ان يخليها بهدوء كما قال فيما بعد القديس بطرس الرسول:” «اخْرُجْ مِنْ سَفِينَتِي يَا رَبُّ، لأَنِّي رَجُلٌ خَاطِئٌ!»“. هكذا لم يرغب ان يجلب العار لها-وهذا ان تكون له وان يأخذها زوجة مؤمنا انه غير مستحق او طبقا لرأي آخر لا يعرف النهاية ولئلا يوجد انه مدان اذا جاز التعبير اذا ما احتفظ بالسر وظل معها” ان الكنيسة الكاثوليكية لم تأخذ موقفا رسميا في تفسير النص المختصر الذى جاء في انجيل متى ولكن الغالبية من المسيحيين يميلوا للنظرية الثالثة الخاصة بعدم الاستحقاق. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|